طرابلس -«القدس العربي»: أثار تمديد مجلس الأمن الدولي عاماً إضافياً الإذن بتفتيش السفن التي تثير شبهات معقولة بانتهاك حظر الأسلحة في المياه الدولية قبالة سواحل ليبيا ردود فعل واسعة في وقت تتصاعد فيه المخاوف من عودة البلاد لمربع العنف مع تقارير إثر تصاعد النفوذ الروسي في البلاد.
وقالت وسائل الإعلام إن التصويت على القرار جرى الجمعة، وأيده 9 أعضاء، فيما امتنع الـ6 المتبقون عن التصويت.
ويمنح القرار الدول الأعضاء أو منظمات إقليمية صلاحية لتفتيش السفن في أعالي البحار المتجهة إلى ليبيا أو القادمة منها في حال توفر أسباب معقولة للاعتقاد بأنها تنتهك قرار حظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن على البلاد.
وامتنعت روسيا في جلسة لمجلس الأمن بشأن ليبيا عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن تجديد التفتيش البحري قبالة سواحل ليبيا “إيريني” لتنفيذ حظر الأسلحة، المقدم من فرنسا ومالطا.
واعتبرت نائبة الممثل الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة “آنا إيفستينييفا”، أن هذه الآلية لم تتمكن من الحد من الاتجار غير المشروع بالأسلحة، ولن تساعد في التسوية السياسية لأزمة ليبيا التي طال انتظارها.
وقالت إيفستينييفا، إن “إيريني” التي نفذت جميع عمليات التفتيش لم تساهم على الإطلاق في تحقيق هذا الهدف، واتبعت نهجاً انتقائياً في مناطق الدوريات وأهداف التفتيش وهي بالتالي فيه غير فعالة، وفق تعبيرها.
ورحبت الولايات المتحدة بتجديد مجلس الأمن تفويض تفتيش السفن قبالة سواحل ليبيا الداعم لتنفيذ حظر الأسلحة.
وقال ممثل الشؤون السياسية بالبعثة الأمريكية بالأمم المتحدة، روبرت وود، إن وجود عملية إيريني الأوروبية في المتوسط يشكل رادعاً لمهربي الأسلحة المحتملين، وهي تعمل على تبادل المعلومات مع فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا.
وعبر “وود” عن خيبة أمل بلاده إزاء الشرط الذي أدرج حديثاً في قرار التجديد بوجوب الحصول على موافقة لجنة مجلس الأمن قبل التخلص من المضبوطات، مؤكداً أن ذلك سيؤدي إلى تسييس عملية الحظر وعرقلتها بشكل كبير، وفق تعبيره.
ويُشترط على الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية المعنية أن تسعى بحسن نية أولاً إلى الحصول على موافقة الدولة التي ترفع السفينة علمها قبل القيام بأي عمليات تفتيش.
وتجري عمليات التفتيش حالياً بواسطة عملية إيريني التابعة للاتحاد الأوروبي.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، أعلنت عملية “إيريني” لمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، في بيان، رصد 10 رحلات مشبوهة إلى ليبيا خلال آذار/ مارس الماضي.
وذكرت عملية إيريني، في بيانها، أنها نفذت “3 زيارات على متن سفن يُشتبه في خرقها لحظر تصدير”.
وأكد البيان أن “تركيا هي الدولة الوحيدة التي رفضت الموافقة على صعود السفن المشبوهة وتفتيشها، منذ بدء عملية إيريني قبل 3 سنوات”.
وختم موضحاً: “صادرنا في أكثر من مرة شحنات تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، وحوّلنا مسار السفن إلى ميناء إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”.
يشار إلى أنه تم إطلاق عملية إيريني للقوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي (إيرينافور ميد إيريني) في 31 آذار/ مارس 2020، بهدف فرض حظر الأمم المتحدة على توريد الأسلحة إلى ليبيا، وهي عملية عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي تحت مظلة سياسة الأمن والدفاع المشتركة.
وتجري القوات المشاركة في مهمة “إيريني” تفتيشاً للسفن في أعالي البحار في حال الاشتباه في أنها تحمل أسلحة أو مواد محظورة من وإلى ليبيا، تطبيقاً لقرار الأمم المتحدة بفرض حظر وصول سلاح إلى ليبيا منذ عام 2011.
وتشمل مهام البعثة رصد الانتهاكات عبر الجو والبر ومشاركتها مع الأمم المتحدة، وذلك عبر الطائرات والأقمار الاصطناعية والقطع البحرية المتطورة التابعة لعدة دول أوروبية.
وتراقب البعثة العسكرية الصادرات غير المشروعة للنفط والمنتجات البترولية المكررة من ليبيا، وهي أيضاً معنية بمكافحة شبكات تهريب البشر والاتجار عبر جمع المعلومات الاستخبارية.
وفي كانون الثاني/ يناير 2024، قامت “إيريني” المكلفة بتنفيذ حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في ليبيا، بالتحقيق مع 553 سفينة تجارية عبر مكالمات لاسلكية من إجمالي 13 ألفاً و159 سفينة، ولم تقم بأي زيارات على متن السفن بموافقة القادة.
كما تتبعت أيضاً 20 رحلة مشبوهة، من أصل ألف و356 رحلة، وواصلت مراقبة 25 مطاراً ومدرجاً و16 ميناءً ومحطة نفطية.
وفي ثلاث مناسبات، صادرت “إيريني” شحنات اعتبرت أنها تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، وحولت مسار السفن إلى ميناء في إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، حققت العملية في ألف و356 رحلة جوية مشبوهة و25 مطاراً و16 ميناءً، وقدمت 49 تقريراً خاصاً إلى فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا، يتعلق معظمها بانتهاكات أو انتهاكات محتملة لحظر الأسلحة وأنشطة تهريب النفط في الأجزاء الغربية والشرقية من البلاد.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كشف الاتحاد الأوروبي خططه لتوسيع مهمة إيريني البحرية، خارج ليبيا، وذلك خلال قمة غير رسمية عُقدت قبل يومين في بروكسل.
وقدَّم الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، تصورات الهيئة الأوروبية لمكافحة الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، حيث كشف عن تفكير في استخدام قدرات مهمة (إيريني) البحرية للسيطرة على تهريب البشر، ولكن لهذا نحتاج إلى موافقة تونس للعمل في مياهها الإقليمية؛ لأن العملية جرى تصميمها من أجل ليبيا، وفق تعبيره كما نقلت وكالة آكي الإيطالية.
وأضاف أن “هناك خطة عمل من عشر نقاط كما أرى لي، هناك مهمة محددة، وهي استخدام قدرات سياسة الأمن والدفاع المشتركة والبحرية والبرية لمكافحة الاتجار بالبشر ومنع استخدامهم كأسلحة”.