تونس – «القدس العربي»: أثارت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية الأوروبية ردود فعل متفاوتة لدى السياسيين التونسيين، فبينما احتفى البعض بفوز حزب “فرنسا الأبية” المعروف بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية بنسبة 10 في المئة، حذر آخرون من اكتساح الأحزاب اليمينية للنتائج بحوالي 40 في المئة، على اعتبار أنه سينعكس سلباً على أوضاع المهاجرين في أوروبا.
وأشاد هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديموقراطي بفوز الناشطة الفرنسية/الفلسطينية ريما حسن، التي يلقبها الإعلام الفرنسي بـ”حفيدة اللاجئين”، وهي تنتمي لحزب “فرنسا الأبية”.
لكنه حذر من فوز اليمين المتطرف الذي قال إنه “لا مشروع له وسيصبح وجهاً لوجه مع الفرنسيين في وضع صعب جداً ومن هنا للانتخابات المقبلة، سيكتشف الفرنسيين أنه لن يغيّر وضعهم ووضع بلادهم نحو الأفضل!”.
وكتب النائب السابق مجدي الكرباعي: “فوز اليمين الأوروبي في الانتخابات الأوروبية. النتائج متوقعة والأسباب متعددة ومنها مسألة الهجرة، وخاصة بعدما أغلقنا الحدود في تونس وتراجعت نسبة المهاجرين إلى أقل من 60 في المئة مقارنة بالسنوات الماضية، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بنت حملتها الانتخابية على هذا الإنجاز”.
وكتب عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد: “تقدُّم مُخيف لأقصى اليمين العنصري في فرنسا وفي أغلب الدُّول الأوروبِّيَّة في الانتخابات الأوروبِّيَّة حيث حصد الحزب “اللُّوباني” (نسبة إلى مارين لوبان) ورئيس قائمته “بارديلَّا” صهر العائلة “اللُّوبانيَّة، على المرتبة الأولى بنسبة 31.5 في المئة من الأصوات، بينما حصل رديفُه الحزب الزِّيمُّوري” (نسبة لإريك زمور) على 5.5 في المئة، بمجموع يقارب الأربعين بالمئة لأقصى اليمين وحده، دون احتساب تهافت اليمين وجزء من اليسار في اتِّجاه مواقف أقصى اليمين. بالمقابل، انقسم اليسار الاشتراكي والدِّيمقراطي والاجتماعي والبيئي الفرنسي والأوروبي حول غزَّة، وتقدَّم بقوائم متناثرة أضعفت من وزنه”.
وأضاف: “حصلت قائمة حزب “فرنسا الأبيَّة”، المبدئيَّة والمناهضة لجريمة الإبادة في غزَّة، على 9.5 في المئة من الأصوات رغم حملات الشَّيطنة والتَّحريض الَّتي غذَّاها التَّيَّار الصُّهيوني المخترق لكامل الطَّبقة السِّياسيَّة، وأمَّنت بتألُّق وصول مرشَّحتها الفلسطينيَّة ريما حسن للبرلمان الأوروبي، لتكون صوت الحقّ في برلمان أوروبي قادم تطغى عليه سيطرة غوغاء أقصى اليمين الشَّعبوي العنصري المُعادي للمهاجرين وللعرب والمسلمين ولفلسطين”.
وتابع بالقول: “أيَّام صعبة تنتظر فرنسا والقارَّة العجوز أوروبا ومُواطنينا المهاجرين والمستقرِّين فيها، فرنسا وأوروبا الأنوار والحداثة تترك مكانها تدريجيًّا للشَّعبويَّة العنصريَّة وحنينها المَرَضي للمشروع الاستعماري للرَّجل الأبيض وأكذوبة تفوُّقه العرقي والحضاري بلَبُوس عنصري عَدَمي مقيت”.
وفسر ذاكر الأهيذب، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، نتائج الانتخابات الأوروبية بالقول: “المواطن الأوروبي (كاثوليك أو بروتستانت أو أرثوذوكسي أو مسلم أو يهودي) هو محافظ بطبعه، الإنسان العادي يحب عائلة تقليدية من أم وأب وأطفال (يرفض المثلية ووزراءها وتطبيعها مع مجتمع الميم) ويفضل عدواً مشتركاً يحارب ضده (المهاجرين، هيمنة ألمانيا أو الولايات المتحدة على فرنسا)، مع ظهور المواقع الاجتماعية وضعف سيطرة الإعلام التقليدي على الرأي العام. كل هذا يدفع الأغلبية (حتى من أصول مهاجرة) للتصويت لليمين”.
ودونت الناشطة الحقوقية نزيهة رجيبة: “ما حدث في فرنسا ليس نهاية الديمقراطية، إنه مجرد عارض سلبي من عوارضها، وهي تحمل في ذاتها وآلياتها سبل معالجة هذه العوارض وتجاوزها، سيظل في فرنسا مجال للاختلاف والتنافس والتعددية والتداول على السلطة. ستبقى الحريات وحقوق الإنسان، وسيبقى المدافعون والمدافعات عنها”.
وأوضحت بالقول: “لن تروا في فرنسا أمر عدد 117 (المتعلق بالتدابير الاستثنائية في تونس) للانفراد بالسلطة وكتابة دستور على المقاس وفرض استفتاءات وانتخابات مسرحية، ولن تروا هدم منجز مؤسساتي واستبداله بمؤسسات دمى تحت الطلب. لن يوضع معارضون وإعلاميون ومواطنون في السجون بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي والجمعياتي. ولن توقف برامج إذاعية، ولن يقع التضييق على مؤسسات إعلامية وخاصة، ولن توجد في فرنسا قطعان تسير خلف المستبد وتزين الاستبداد. ستظل فرنسا جمهورية ديمقراطية؛ لأن ديمقراطيتها عريقة راسخة، ولأنها انتجت مجتمعاً ديمقراطياً يدافع عن هذآ المكسب ويأبى التفريط فيه”.
وكتبت الخبيرة الدستورية سلسبيل القليبي: “في فرنسا وبمناسبة انتخاب البرلمان الأوروبي، ما يقارب 40 في المئة من الأصوات ذهبت لمجموع الأحزاب اليمينية المتطرّفة التي لا تحب المهاجرين وتعتبرهم يهددون هويتهم وأمنهم ومعيشتهم”.
وأصافت: “رئيس فرنسا اعتبر أن النتائج إخفاق له وللأغلبية التي يقودها (علماً أن الانتخابات هي انتخابات أوروبية وليست وطنية!) وقرّر حل البرلمان وإجراءات انتخابات مبكّرة في 30 حزيران/يونيو. البعض يمجد هذا القرار ويعتبره موقفاً شجاعاً من ماكرون وفيه احترام لمقتضيات الديمقراطية، والبعض الآخر يعتبره قراراً غير مسؤول”.