غادرت للخارج لأشهر إثر هجوم الوكالة الرسمية عليها.. سعيدة نغزة تعلن ترشحها للرئاسيات وتقول: الجزائر في مفترق طرق

حجم الخط
0

الجزائر ـ “القدس العربي”:
أعلنت سعيدة نغزة سيدة الأعمال المثيرة للجدل في الجزائر، رسميا ترشحها للانتخابات الرئاسية المقرر في أيلول/سبتمبر المقبل، في قرار يبدو غريبا بالنسبة لهذه السيدة التي لم يعرف عنها ممارسة السياسة من قبل. وجاء خطاب الترشح نقديا للأوضاع العامة التي تعيشها البلاد، حتى أن وصفت وضع الجزائريين بالمحبط.
وقالت نغزة أمام جمع من أنصارها بالمقر الذي اتخذته في أعالي العاصمة الجزائرية، أنها اتخذت “هذا القرار بعد تفكير طويل، وإدراك تام، بحجم الآمال الكبيرة التي يتطلع إليها الشعب الجزائري”. فعلى مدار عقود، تقول، أطلقت الحكومات المتعاقبة العديد من الوعود التي لا يزال الشعب ينتظر تحقيقها”، بينما لم تتمكن الجزائر حسبها، حتى الآن من “إحراز انطلاقة اقتصادية حقيقية كما يرجوها الجميع”.

وانتقدت نغزة “عدم القدرة على استغلال النمو الديموغرافي الذي يشكل في حقيقته ثروة، لكن عندما تكون الاقتصاديات متعثرة، يصبح عبئا على عجلة التنمية، ويولد عجزا في خلق الوظائف”. ونتيجة لذلك، قالت إن “أجيالا من القوى الحية في البلاد وخاصة في السنوات الأخيرة، هاجرت بحثًا عن مستقبل أفضل، بعيدًا عن الوطن”، على الرغم من “أن بلدنا كان ولا يزال، يبذل جهودًا وتضحيات كبيرة لتعليمهم وتكوينهم، بأموال باهظة من أجل خدمة الوطن وتطوير الاقتصاد، في حين أن البلدان المستقبلة، تستفيد بدون مقابل من هذه الهجرة، لتوظيف يد عاملة مختارة، شابة، مؤهلة وديناميكية”. دون أن ننسى بالطبع، تضيف، “اولئك الشباب الذين غامروا بحياتهم عبر قوارب الموت نحو الضفة الأخرى، هذه الحالة غير مقبولة”.
وفي اعتقاد المترشحة، فإن الجزائر تقف اليوم، عند مفترق طرق. فعلى الصعيد الداخلي، تقول، “يشعر الشعب بالإحباط من فشل قدرة الحكام على إيجاد طريق لتنمية حقيقية تستحق هذا الاسم، حيث لا يزال البلد يعاني من تفشي الفساد والبيروقراطية، والتعسف السلطوي الذي يغذي الشعور بالظلم، وتفكك النسيج الاجتماعي، وفقر الطبقات الوسطى”.
وذكرت أن السياسات التنموية المنتهجة، تبدو “غير مقنعة وغير ناجعة للقضاء على كل الآفات التي يعاني منها البلد، وإذا واصلنا السير في هذا الطريق فإن الاستقرار الاجتماعي والوطني سيكونان في خطر”. وإلى جانب هذا الوضع الداخلي، ذكرت أن “هناك وضعا إقليميا ودوليا غير مستقر ومتأزم تمامًا، قد يدفع الى إعادة تشكيل لموازين القوى عبر ظهور صراعات وحروب”. وفي هذه الحالة، تؤكد أنه “يمكننا تأسيس لمحيط إقليمي متحد، والعمل معًا من أجل ازدهار منطقتنا لتجنب مخاطر ما يمكن أن يولد من مخاض الصراعات العالمية”.
وتُقدم نغزة نفسها على أنه خبيرة في التسيير، حيث تقول “أمضيت مسيرة طويلة في تسيير مؤسسات اقتصادية وكان لي الشرف أن أترأس منظمات وطنية ودولية، من خلالها أتيحت لي فرصة معاينة وتشخيص اقتصادات ناشئة للعديد من الدول التي تشهد سباقًا تكنولوجيًا غير مسبوق، مما سيحدد تصنيفًا جديدًا للعالم”.
لذلك، فهي تضع في صلب برنامجها السعي للتمكن في ميادين “علوم المعرفة، الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا الحيوية والطاقات الجديدة التي ستقود اقتصادات العالم”. وفي هذا المجال، تقول إن الجزائر “غائبة ومتعثرة وتفتقر الى رؤية واستراتيجية واضحة، على الرغم من امتلاكها موارد بشرية ومادية هائلة، للاندماج في هذه الثورة”. وتعتقد أنه “من واجبنا تغيير الذهنيات، كما يجب أن نشمر عن سواعدنا، ونواجه بكل شجاعة وإصرار جميع هذه المعارك المتعلقة بمستقبلنا. ولدي ثقة تامة، في قدرة شعبنا على التغلب على كل هذه التحديات”.
وترى أن هذا الوضع له مخرج وحيد، يتمثل في تحسيس الجميع بالمسؤولية والشعور باليقظة، مع إزالة كل العراقيل التي تقف أمامنا، لتمتين وحدة أمتنا، في مجتمع يتمتع بالسلام والعدالة، والتقدم، والازدهار، والرفاهية. وهنا، تقول إنه “لدينا دراسة استشرافية واضحة لمستقبل بلدنا، تقتضي منا التحرك بثقة ثابتة، لمواجهة جميع التحديات وبمساهمة جميع القوى الحية في المجتمع”.


وحدّدت أبرز معالم برنامجها الرئاسي، في “العمل على رفع كل العوائق من اجل خلق الثروات الكفيلة ببناء اقتصاد منتج يضمن تلبية احتياجاتنا في جميع القطاعات على غرار الزراعة، والصناعة، والخدمات وتكنولوجيات المعرفة…”. وأضافت “سنضع في قلب سياستنا برنامج تطويري لجميع المؤسسات الاقتصادية الكبرى والصغيرة والمتوسطة الجزائرية، العمومية منها والخاصة على حد سواء”. وتابعت “سنعمل على إرساء قوانين وتشريعًات جديدًة باشراك كل الفاعليين الاجتماعيين والاقتصاديين للمضي في هذا المسعى. كما سنعمل على توفير كل الإمكانيات لتطوير جيشنا الوطني الشعبي واحترافه، وكذا عصرنة كل الأسلاك الأمنية المختلفة”. وأشارت إلى أن رؤيتها تهدف إلى “إضفاء حركية جديدة في تنمية اقتصادنا من خلال رفع مستوى الكفاءة البشرية باستمرار، وتحفيز الابتكار داخل مؤسساتنا، وتمكين كل فرد من تطوير خبرته المهنية وفقًا لرغباته وقدراته”.
وتجنبت نغزة بعناية في خطابها الصدام مع الرئيس عبد المجيد تبون الذي يعتزم وفق أنصاره الترشح لعهدة رئاسية ثانية، فلم تذكره بالاسم، على الرغم من أن كلامها يحمل بين الأسطر، نقدا مبطنا للسياسات المنتهجة مؤخرا، بما يؤكد انتقاداتها السابقة في هذا المجال. وكانت رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، كما هو معلوم في قلب ضجة إعلامية كبرى خريف العام الماضي، بعد أن وجهت رسالة للرئيس عبد المجيد تبون، تشكو فيها تعرض العديد من رجال الأعمال لما وصفته بالاضطهاد.
وقالت في نص رسالتها “أتلقى التماسات متكررة من رجال أعمال يشكون من الاضطهاد والضغوط المختلفة من مختلف ممثلي الدولة، بينما يشكو آخرون من الغرامات التي تفرضها لجنة من خمسة وزراء، دون إعطائهم الحق في الاطلاع على ملفاتهم، وهي غرامات تتجاوز بالنسبة للبعض حجم أصول شركاتهم ولن يتمكنوا أصلا من دفعها”. وتساءلت “لماذا لا يتم التعامل مع هذا الموضوع بطريقة أكثر عقلانية، بطريقة تراعي المصلحة العامة، وتحافظ على النسيج الصناعي الوطني والقوى العاملة وتختار بدلا من ذلك تحويل الغرامات المفروضة إلى التزام ببعث مشاريع استثمارية منتجة كل في مجال نشاطه كالزراعة والصناعة والخدمات؟”.

وأدت تلك الرسالة إلى تعرض هذه السيدة، إلى هجوم حاد من قبل وكالة الأنباء الجزائرية، واضطرت لفترة لمغادرة البلاد قبل أن تعود للجزائر. لكن رسالتها أثمرت في فتح حوار مع رجال الأعمال، أدى إلى تخليصهم من عبء هذه اللجنة الوزارية. وقبل ذلك، اشتهرت هذه السيدة خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس بوتفليقة بدخولها في مواجهة مع علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات والذي كان شديد النفوذ بحكم قربه من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل.

ويبدو ترشح سيدة الأعمال التي سيكون تمكنها من جمع التوقيعات اللازمة وترشحها للدور النهائي مفاجأة كبيرة، استعراضيا في جوهره، هدفه لفت الانتباه إلى القضايا المتعلقة برجال الأعمال والاستثمار ومواجهة التنظيمات المنافسة التي تحظى بدعم الرئيس، وأبرزها مجلس التجديد الجزائري بقيادة رجل الأعمال كمال مولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية