ما اقترحه سياسيون أردنيون كثر الانتقال إلى خطوة التدشين الدبلوماسي الأعنف مع الإسرائيليين والاستثمار في موقع الأردن الدولي والإقليمي للضغط على يمين إسرائيل لإبعاد سيناريو وشبح التهجير.
عمان ـ «القدس العربي»: أغلب التقدير سياسيا بأن المشاركة الأردنية في سيناريو أمريكي يحاول الإجابة على سؤال ما بعد وقف العدوان في قطاع غزة ورغم أهميتها لا تقدم بالتوازي والمقابل أجوبة حاسمة على أسئلة الأردن المصلحية المباشرة من طراز التهجير وترحيل السكان لا بل من باب إحالة غزة إلى مكان غير قابل للعيش، الأمر الذي بالحسابات الأردنية العميقة قد ينعكس على انهيار الوضع العام والقانوني والسياسي في الضفة الغربية، ما يعني تشكيل خطر مباشر على الأردن حتى برأي رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب.
من هنا ورغم مشاعر ورسائل العتاب التي وصلت من قادة حماس إلى الحكومة الأردنية تحت عنوان حضور اجتماعات والمشاركة في مشاورات تستهدف إقصاء مكون المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة إلا أن هذه المساهمة الأردنية والتي عبر عنها في بعض التفاصيل وزير الخارجية أيمن الصفدي من دون افصاح مباشر لا تنتهي في الحسابات مع الأمريكيين تحديدا بالحد من العمليات العسكرية العنيفة والإجرامية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بهدف تحويل القطاع إلى منطقة غير قابلة للعيش والإقامة.
طبعا ذلك قد ينتهي بضغوط على الأردن.
وزير الخارجية الصفدي كان قد قال لـ«القدس العربي» إن مرحلة الاستقرار العام وبعد وقف العدوان والانتقال إلى ملف إعادة الإعمار من العناصر التي تعرف قيادة حركة حماس مثلا مسبقا انها لن يكون لها علاقة بها.
وما يقوله الأردن في الغرف المغلقة أن مرحلة إعادة الإعمار تعني جمع الأموال وأن الدول الغربية لن تدعم أي محاولة لجمع 10 دولارات إذا بقيت حماس بالسلطة.
وقال الصفدي إن تقديره ان قيادة حماس تعرف ذلك.
وسمعت «القدس العربي» من قادة أساسيين في حماس ما يوحي بان الحركة تتفهم ذلك أيضا في الواقع.
ورغم كل التفاعل الأردني مع «التصور الأمريكي» يلاحظ الأردنيون بان مبادراتهم في الإغاثة الإنسانية وتأسيس جسور لوجستية برية وجوية لمنع المجاعة والكارثة الإنسانية في القطاع الذي يتعرض لعملية إبادة لا تثمر حتى الآن لا مصداقية مع الخطاب الأمريكي ولا تثمر أيضا انتقالا لمستوى سياسي في الاشتباك يحد من العمليات العسكرية الإسرائيلية.
يناضل الأردن خلف الستائر من أجل الحد من العمليات العسكرية وتأثيرها حصرا على ملف المساعدات، لكن عمان بذات الوقت تظهر مرونة ملموسة في التفاعل مع مشاورات تقول المقاومة انها تستهدف إقصائها لاحقا لا بل حرمانها من مكتسبات المعركة السياسية.
وبين عيني الخارجية الأردنية هنا ذلك التقدير العميق الذي يقول بان الضرب العسكري للبنية التحتية واستمرار الامتناع عنه لإدخال المساعدات بكميات كافية أسلوب إسرائيلي يقود إلى النتيجة التي يريدها اليمين الإسرائيلي وهي إحالة هذا القطاع إلى منطقة بائسة تماما يستحيل العيش فيها حتى يتم تهجير أهلها حتى إذا كانت الخطة الأمريكية رفع صيغة «فيتو» على عودة إسرائيل لاحتلال القطاع.
وذلك بحد ذاته ان حصل يدلل على سيناريو ضاغط على دول متعددة من بينها مصر والأردن.
الأخطر فيما تفكر به المؤسسات الأردنية ونصح به أصلا في عمان ثلاث مرات على الأقل القيادي الفلسطيني الفتحاوي عباس زكي هو أن نسخة مصغرة من العمليات العسكرية الإسرائيلية العنيفة ضد أهالي غزة تحصل الآن في مدن وقرى الضفة الغربية.
وهذا يعني ان تجريف البنية التحتية على الأقل رسالة واضحة وحادة الملامح حتى بقياسات خبير مثل رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني الذي قال إن الإسرائيليين وهم يجرفون البنية التحتية ويضربون البنية الصحية في الضفة الغربية ثم يهاجمون الوصاية يعلمون ما الذي يفعلونه بصورة محددة.
وما اقترحه سياسيون أردنيون كثر من بينهم أبو الراغب والعناني الانتقال إلى خطوة التدشين الدبلوماسي الأعنف مع الإسرائيليين والاستثمار في موقع الأردن الدولي والإقليمي للضغط على يمين إسرائيل لإبعاد سيناريو وشبح التهجير.
بالمقابل ما لا تقوله حكومة الأردن علنا هو أن الخوف الحقيقي من مستوى تأثير مسار الأحداث في غزة بعد إنهاء مظاهر العيش والحياة الأساسية فيها إلى الضفة الغربية. والضغوط التي تمارسها وزارة المالية الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية ماليا أيضا مخيفة بالمعيار الأردني، فاليمين الإسرائيلي لا يريد أيضا عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بل يطاردها ويقصيها ويستهدفها أو يحاول تقويضها في الضفة الغربية.
وخلف الستائر سئل أردنيا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن الخطوة التالية في الضفة الغربية ولم تحصل عمان عمليا على إجابات محددة ومقنعة ما يعني بكل الأحوال أن فرصة التعايش مع اليمين الإسرائيلي شبه مستحيلة.
الأردن وبكل المعاني يتجول بين الألغام الفلسطينية والطرق أمامه مفتوحة الاحتمالات والحادة يومية وملحة إلى مقاربات مغرقة في التوازن والتدبير لتجنب المفاجآت لكن التوازن لم يعد يعجب الشعب الأردني في توقيت اقتصادي سيء للغاية…هنا مربط الفرس.