رام الله ـ «القدس العربي» : ردّ وزير المالية الإسرائيلي الأكثر تطرفاً بتسلئيل سموتريتش على ما نشر في تحقيق صحيفة «نيويورك تايمز» الجمعة، بشأن خطة سرية للسيطرة على الضفة الغربية بالقول إن الصحيفة «لم تكشف أسرارًا» وإنّ «كل ما يفعله واضح» .
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نشرت تسريبًا صوتيًا منسوبًا لسموتريتش يخاطب فيه المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بالقول إن الحكومة الإسرائيلية منخرطة في جهد خفي لتغيير طريقة حكم الضفة بشكل لا رجعة فيه، ولتعزيز «سيطرة إسرائيل عليها دون اتهامها بضمها رسميًا».
وأضاف التسجيل: «أنا أقول لكم، إنه أمر درامي للغاية. مثل هذه التغييرات تغيّر الحمض النووي للنظام».
وردًا على ما نشرته الصحيفة الأمريكية، قال سموتريتش إنّ الجمهور الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة يدرك جيّدًا أن إقامة دولة فلسطينية في الضفة يُعرّض وجودنا للخطر.
وأضاف أنه سيحارب بكل قوة ما وصفه بـ «خطر إقامة دولة فلسطينية» وذلك من أجل دولة «إسرائيل» ومواطنيها، وقال إنه سيواصل تطوير الاستيطان في الضفة وتعزيز الأمن الإسرائيلي.
هذا لن يحصل
وردّ رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى على التصريحات خلال جولة تفقدية لمسافر يطا جنوب مدينة الخليل بالقول: «وجودنا اليوم في مسافر يطا أفضل رد على سموتريتش وغيره، سموتريتش لديه برنامج، ونحن لدينا برنامج، يريد أن يزيل شعبنا من هذا المكان ونحن نعمل على تثبيته، ويريد أن يمدد حدود الدولة اليهودية من النهر إلى البحر، نقول له إن هذا لن يحصل» مشيرا إلى أن «صمود شعبنا وتضحياته ستُفشل كل مشاريع التهويد والاستيطان».
وفي سياق متصل، قال رئيس «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» الوزير الفلسطيني مؤيد شعبان، إن دولة الاحتلال «بدأت منذ تشكيل الحكومة الأخيرة بإجراء تغييرات جذرية في طريقة التعامل مع أراضي الضفة الغربية والقدس، من خلال سلسلة الإجراءات التي فرضتها على واقع أراضي الفلسطينيين».
وبيّن في بيان صحافي أن «سلسلة الإجراءات والخطوات التي بدأتها دولة الاحتلال أولاً بتقليص خطوات المصادقة على مخططات التوسعة للمستعمرات من أربع خطوات إلى خطوتين، ثم بالسماح بعودة الاستعمار إلى شمال الضفة الغربية وبتسهيل إجراءات تسوية أوضاع البؤر الاستعمارية أو شرعنتها وفق المسمى الاحتلالي، إضافة إلى عمليات التهجير القسري للتجمعات البدوية من أجل إخلاء الأرض من أصحابها الأصليين، وتسليمها إلى المشروع الاستعماري وأخيراً تكثيف عمليات الاستيلاء على الأراضي التي كانت كلها تصب في مصاف القضاء على الوجود الفلسطيني وإضعاف قدراته».
وقال: «دولة الاحتلال وضعت قائمة تتكون من أكثر من 70 بؤرة استعمارية من أجل العمل على تسوية أوضاعها بتوفير خدمات أساسية وأمنية، ما يعني فرض منظومة المعازل والكانتونات الهادفة إلى إحداث تمزيق ممهنج للجغرافيا الفلسطينية التي تؤدي بالضرورة إلى إعدام تام لإمكانية قيام دولة فلسطينية».
وقال إن «دولة الاحتلال قامت منذ مطلع العام الماضي وبالتزامن مع تشكيل حكومة اليمين المتطرف التي كان موضوع الاستيطان الاستعماري أهم شعاراتها وأهدافها بالاستيلاء على أكثر من 75 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين وفق مسميات مختلفة، منها: إعلانات أراضي الدولة، والمحميات الطبيعية، والأوامر العسكرية».
وكشف شعبان أن «أخطر ما فعلته دولة الاحتلال في السنوات القليلة الماضية الذي تجسد تماماً مع حكومة الاحتلال الحالية، هو إضفاء الصبغة الإدارية على شكل إجراءاتها الاستعمارية، عبر نزع الأبعاد الأمنية والعسكرية عن عمليات السيطرة على الأرض، والتوسع الاستعماري».
وتابع: «هذا الشكل الذي يرقى إلى مستويات الضم الإداري للأراضي، تمثل في دمج عمليات نشر المخططات وفق مواقع وزارات الاحتلال وليس وفق مواقع المؤسسات الاستعمارية، إضافة إلى نقاش ضم مستعمرات جنوب الضفة الغربية إلى سلطة تطوير النقب في كنيست الاحتلال، وما ينطوي عليه من كونه شكلا من أشكال الضم الإداري لهذه المناطق، وما أُعلن عنه في الأيام القليلة الماضية من استحداث منصب نائب رئيس الإدارة المدنية، ومنح المنصب صلاحيات فائقة على مستوى الأراضي والأبنية والمياه والمحميات والآثار»».
وأكد أن ما تفعله إسرائيل «وما تهدف إلى تنفيذه، إضافة إلى كونه يُعتبر انتقاماً من إرادة الدول التي بدأت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإنه يعتدي على الإرادة والشرعية الدولية التي جرّمت الاستعمار وسلوك دولة الاحتلال القاضي بالسيطرة على الأرض الفلسطينية».
وشدد على أنه «لولا ضعف هذه الإرادة الدولية في حماية قراراتها ومواقفها وازدواجية معاييرها، لما تجرأت دولة الاحتلال على المضي قدماً في الاعتداء على مقدرات الشعب الفلسطيني».
تعزيز صلاحيات المستوطنين
وفي وقت سابق، أظهرت وثائق نشرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نقل ما أطلقت عليها بـ «صلاحيات قانونية» إلى مستوطنين في الضفة الغربية.
وأوضحت أن جيش الاحتلال نقل هذه «الصلاحيات» إلى مسؤولين يترأسهم وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
ولفتت إلى أن المستوطنين الذي يترأسهم سموتريتش مسؤولون عن التخطيط والبناء في 60% من الأراضي المحتلة بالضفة.
وأشارت إلى أن «الصلاحيات» التي نقلها جيش الاحتلال تغطي قطاعي البناء والزراعة.
وكانت الصحيفة قد قالت في تقرير لها في شهر نيسان/ أبريل الماضي، إن الحكومة الإسرائيلية سرّعت بناء المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ اكتوبر الماضي.
وأوضحت أنه خلال تلك الفترة تمت الموافقة على أو المضي قدمًا في أكثر من 20 مشروعًا استيطانيا تضم آلاف الوحدات الاستعمارية.
وأشارت إلى أن الوزارات والمكاتب داخل الحكومة الإسرائيلية تقف وراء أكبر المشاريع وأكثرها إثارة للجدل، وأحيانًا بالاشتراك مع الجماعات القومية اليمينية التي لها تاريخ في محاولة تهجير المواطنين الفلسطينيين من منازلهم في أجزاء من القدس.
وعين سموتريتش حليفته الأيديولوجية منذ فترة طويلة، هيليل روث، كنائبة في الإدارة المدنية مسؤولة عن تنفيذ لوائح البناء في المستوطنات والبؤر الاستيطانية.
وقال مايكل سفارد، المحامي الإسرائيلي في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «الغارديان»: «خلاصة القول هي إنه بالنسبة لأي شخص يعتقد أن مسألة الضم غامضة، فإن هذا الأمر يجب أن يزيل أي شكوك. ما يفعله هذا الأمر هو نقل مساحات واسعة من السلطة الإدارية من القائد العسكري إلى المدنيين الإسرائيليين العاملين في الحكومة».
يذكر إلى أن الإدارة المدنية هي المسؤولة بشكل أساسي عن التخطيط والبناء في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، وكذلك إنفاذ القانون ضد البناء غير المرخص، سواء من قبل المستوطنين الإسرائيليين أو الفلسطينيين.
ويأتي نقل القوانين، الذي لم تتم الإشارة إليه إلى حد كبير في إسرائيل، في أعقاب حملة استمرت سنوات من قبل السياسيين المؤيدين للاستيطان لتجميع العديد من السلطات القانونية التي كانت تمارسها في السابق سلسلة القيادة العسكرية.