نواكشوط –«القدس العربي»: ينتظر أن يصطف الناخبون الموريتانيون يوم السبت المقبل أمام صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم للولاية الخماسية المقبلة من بين سبعة مترشحين يتقدمهم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني المترشح لخلافه نفسه بدعم كبير من حزبه وأحزاب الموالاة المسيطرة على غالبية مقاعد البرلمان، وبتأييد مالي من رجال الأعمال ومؤازرة سياسية من زعماء القبائل ورجال الدين وموظفي الإدارة.
ويواجه الرئيس المنصرف منافسة لا يستهان بها من تيار سياسي شبابي ضاغط من أجل التغيير، موزع بين مرشحي المعارضة وأطيافها، متحد من أجل طي الحقبة العسكرية التي يعتبر تيار التغيير أن نظام الرئيس الغزواني طبعة منقحة من طبعاتها.
وفيما لم يعلن عن التوصل لاتفاق بين مرشحي المعارضة واللجنة الانتخابية حول ضمانات حرية وشفافية الاقتراع، أكد محمد تقي الله الأدهم الناطق باسم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات “أن اللجنة تعاطت مع جميع الطعون التي تلقتها والمتعلقة بقوائم رؤساء وأعضاء المكاتب، وذلك حسب وجاهة كل طعن”، وفق تعبيره.
وأورد في مؤتمر صحافي الأحد، نموذجاً لتنفيذ الإجراءات الخاصة بالطعون، يتمثل في التجاوب مع طعن تقدم به مدير حملة حمادي سيدي المختار (مرشح حزب التجمع المحسوب على الإسلاميين) على مستوى مدينة العيون شرقي موريتانيا، ويتعلق بعدم أهلية بعض أعضاء المكتب التابع للجنة والمشرف على التصويت لاعتبارات سياسية، وهو ما تم بموجبه استبدال المعنيين بأخلافهم حسب الترتيب في القائمة المعلنة”.
وبخصوص ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من وجود موتى مسجلين على القائمة الانتخابية، أوضح تقي الله “أن اللجنة تقوم بشطب الموتى من القائمة وفق المعلومات التي تتسلمها من الحالة المدنية”، مضيفاً “أن الحالات محل الشكوى قد تقع نتيجة لبعض الوفيات غير المسجلة لدى الحالة المدنية”.
ولفت تقي الله إلى “أن التجهيزات المتعلقة باقتراع الجاليات في الخارج قد شارفت على الانتهاء، حيث تم وضع برنامج خاص يراعي انشغالات أفراد كل جالية”.
وفي إطار تجاذبات المرحلة التمهيدية، أعلنت حملة حمادي سيدي المختار مرشح حزب التجمع المحسوب على التيار الإسلامي، التوقف عن التجاوب مع تعليمات سلطة ضبط الإشهار بعد أن “أكدت هذه السلطة أكثر من مرة عدم وقوفها على الحياد أمام الجميع، حيث قامت وفقاً لبيان إدارة الحملة المذكورة، بتنفيذ مؤامرة لتغييب أصوات المترشحين المنافسين للرئيس الغزواني عن مواقع الإشهار لكي تستحوذ حملة المرشح غزواني على جميع الأماكن الحساسة”.
ودخلت اللجنة الوطنية الموريتانية لحقوق الإنسان على الخط في محاولة لضبط المشهد الانتخابي المتوتر، حيث اجتمع رئيسها أحمد سالم ولد بوحبيني نقيب المحامين الأسبق، بممثلي مرشحي المعارضة، ليؤكد لهم أن “اللجنة لديها أكثر من مهمة في فترة الانتخابات، لأنها فترة تدخل فيها حقوق المواطنين، وحقوق الناخب، (حقه في الترشح وحقه في التسجيل وحقه في التصويت)، كما تدخل فيها حقوق المترشحين”، مؤكداً استعداد اللجنة لاستقبال الشكايات والتظلمات”.
وأشار إلى “أنه سبق وأن تحدث عن عدم ثقة الكثيرين في التشكيلات الأخيرة للجنة المستقلة للانتخابات، لأنها حسب قوله، تتم بطريقة غير مقنعة للمواطنين تغيب فيها المعايير المطلوبة”، لافتاً إلى أن “السبب في ذلك يعود للأحزاب التي اقترحت أعضاءها”.
وعبر ولد بوحبيني عن أمله في تسوية جميع الاختلالات التي لاحظها ممثلو المعارضة، وأن تجري الحملة الانتخابية في إطار خطابات لا تدعو للعنف، مشدداً التأكيد على أن “لدى المترشحين كامل الحق في طرح عامة الإشكالات على الجهات المعنية”.
وقال: “من واجب اللجنة المستقلة للانتخابات أن تلتزم تماماً بالنزاهة والأمانة والجدية في أعمالها وأن تضمن معاملة جميع المرشحين على قدم المساواة في جميع الإجراءات التي تشرف عليها اللجنة، دون تمييز أو تحيز”.
وفي غياب استطلاعات علمية للرأي العام حتى الآن، اتجهت بعض أجهزة رصد الانتخابات في موريتانيا لنشر مؤشرات أولية عن اتجاهات التصويت المحتملة، حيث أعلن مركز الصحراء الموريتاني المستقل للدراسات والاستشارات عن نتائج تحليلية لسبر أولي نفذه خبراء المركز اعتماداً على برامج وحوارات مع ممثلي المترشحين السبعة، بهدف الإجابة عن الأسئلة الشاغلة للرأي العام والتي منها من سيحسم السباق؟ وفي أي شوط؟ ومن سيحتل المراتب الأربعة الأولى في سباق المشاركين السبعة؟
ومع أن التهدئة والهدوء كانت السمة السياسية البارزة خلال المأمورية الرئاسية المنقضية، ومع أن التهدئة انعكست على سير الحملة حتى الآن، فقد عرف الأسبوع الأول من الحملة محطات تسخين تصدرتها حالة غضب بين مرشحي ومناصري المعارضة بسبب تصريحات لمدير حملة المرشح غزواني بعدم الاستعداد لتسليم البلاد لمن وصفهم بعديمي الخبرة.
واعتبر مناصرو المعارضة “أن تصريحات مدير حملة الغزواني هذه، إعلان وصاية على خيارات الشعب، ولا مكان لها في نظام ديموقراطي”.
ومن نقاط التسخين التي شهدتها الحملة وشغلت الرأي العام، فقرة وردت ضمن برنامج حملة المرشح أوتوما سوماري تتحدث عن المساواة في الطلاق، وهي مسألة يراها كثيرون مخالفة لأحكام الدين الإسلامي؛ وقد باردت حملة المرشح المذكور أولاً ثم المرشح نفسه، إلى نفيها بشدة.
وعن اتجاهات الحسم، تحدث مركز الصحراء عن حسم شبه مؤكد للموقعين الأول والأخير في السباق، الأول لصالح المترشح محمد ولد الشيخ الغزواني، والأخير لصالح المترشح المرتجي ولد الوافي؛ كما تطرق لتنافس قوي على الرتب الثانية والثالثة والرابعة بين المترشحين بيرام الداه اعبيد، وحمادي سيد المختار، والعيد محمدن، وكذا عن رهان محموم على حجز المقعدين الخامس والسادس بين المترشحين با ممدو بوكار، وأوتوما سوماري.
وتبقى المجاهيل الأكبر حتى الآن في السباق الذي دخل أسبوعه الثاني، هي: هل سيكون الحسم من الشوط الأول كما توحي بذلك أغلب مؤشرات الأسبوع الأول؛ أم أن وتيرة التنافس وديناميكيات التدافع قد تفضي في النهاية إلى شوط ثانٍ، وفي حال وقوعه من سيكون المؤهلان له؟ وتحدث المركز في الأخير عن نسبة المشاركة وخصوصاً في المدن، مذكراً بوجود مؤشرات عدم اهتمام، وعن اهتزاز ثقة في مجمل العملية، وفي أغلب المشاركين في السباق المنتظر.