مهرجانات السينما العالمية: مشاهدة الأفلام تبقى ناقصة

حجم الخط
0

3 مهرجانات سينمائية هي الكبرى، كان وفينيسيا وبرلين، تطلق سنوياً مع كل دورة، مجموعة أفلام جديدة ستكون، عموماً، الأفلامَ المنتظَرة أو الأهم، في معظمها، لما يشهده كل عام من إنتاجات جديدة من العالم، من خلال المسابقة الرسمية لكل من هذه المهرجانات، بمعدل 20 فيلماً أو أكثر لكل مسابقة ومهرجان. ما يعني، في النهاية، 60 فيلماً وأكثر سنوياً، تطرحها المهرجانات ويتعيّن على الناقد التقاطها من بين ما يلتقطه. والحديث فقط عن مسابقاتها الرسمية، لا عن أفلام خارج المسابقة ولا البرامج الثانوية أو الموازية.
مهرجانات أخرى تشهد بطبيعة الحال عروضاً أولى لأفلام يمكن أن تكون من العلامات السينمائية لهذا العام أو ذاك، سان سيباستيان ولوكارنو وتورونتو وساندنس، هي وغيرها تشهد عروضاً أولى دولياً أو إقليمياً أو محلياً. فالمهرجان الإسباني، سان سيباستيان، قدّم في فيلم الافتتاح العام الماضي، العرض العالمي الأول لفيلم «الصبي ومالك الحزين» للمعلّم الياباني هاياو مايازاكي، وسيقدّم في افتتاح هذا العام فيلم «إيمانويل» للفرنسية أودري ديوان، الحائزة جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا عام 2021 عن فيلمها «الحدث».
لكن، والحديث عن المسابقات الرسمية للمهرجانات الثلاثة، وعن أفلام ترى النور لحظتها (أو ترى الظلمة فنحن في صالات السينما) تكون، هذه الأفلام، باحتمال أكبر من غيرها، كي تمثّل حدثاً سينمائياً للسنة. ذلك ينحصر، مع استثناءات كثيرة على الجانبين، بالمسابقة الرسمية لكل من المهرجانات الثلاثة الكبرى. قلت على الجانبين لأن بعض أفلام هذه المسابقة تكون دون المستوى، وبعض أفلام مسابقات، أو برامج أخرى تكون أفضل، أقوى وأجمل. أسباب عديدة في كل الأحوال تحول دون تضمين مسابقة رسمية ما لأي من كان وفينيسيا وبرلين، لفيلم بعينه، لأسباب سياسية أو إدارية أو إجرائية، أو غيرها كرغبة المخرج نفسه، في مهرجان كان مثلاً، وودي ألن عادةً ومارتن سكورسيزي العام الماضي بفيلمه «قتلة زهرة القمر».

ما يزيد إذن عن 60 فيلماً هي قبل غيرها مقصَد الناقد السينمائي المتوجه للمهرجانات محاولاً، مخفقاً عموماً، مشاهدتها كلها، والكتابة بما يسعفه الوقت والجهد عن مختارات منها، لكن، قبل الدخول في ماراثونات الناقد في المهرجانات، لنتوقف قليلاً أمام هذا الرقم الضخم لإنتاجات سينمائية يجاورها رقم مواز لأفلامٍ تستلزم المشاهدة على مدار السنة، أطلقتها هذه المهرجانات بتظاهراتها الأخرى، أو لأفلام مهرجانات أخرى بمسابقاتها الرسمية، أو تلك التي أطلقتها منصات البث هنا وهناك، مهما قلّ عددها وتواضعت جودتها، إضافة إلى أفلام فلسطينية وعربية في حالة صاحب هذه الأسطر، ترى النور عامَها.
لمتابعة أفلام السنة وحسب، دون غيرها، لرغبة أو فضول شخصيين أو لغاية مهنية، كم سيحتاج الناقد، إذن، من أيامٍ لسنة إنتاج واحدة؟
من تجربة الأعوام الأخيرة، في مهرجاني كان وبرلين السينمائيين، وسان سيباستيان العام الماضي، وقد ذهبت لتجريب حالة مختلفة عن المهرجانات الكبرى، يخرج أحدنا بنتيجة أولى أن مشاهدة مكثفة، لفيلمين أو ثلاثة افلام وعلى مدار 10 أيام، سيتاح له اللحاق بغيرها من أفلام يمكن مشاهدتها على طول العام، إن التزم بفيلم واحد كحد أدنى يومياً، مع اعتبار أن المشاهدة هذه جزء من عمل الناقد.
يعود أحدنا من مهرجان، وقد أزاح عن صدره عدداً لا بأس به من أفلام قد يختار مشاهدتها كلّها وإن ليس لغاية مهنية. لتكون 30 يوماً من أفلام المهرجانات الثلاثة، سنوياً، كفيلة بمشاهدة معظم تلك الـ60 فيلما. الجرعة المكثفة إذن في كل مهرجان تفسح مجالاً لأفلام أخرى على طول السنة، ولا يحسن أحدنا دائماً الاختيار. فعدد لا بأس به من أفلام تستلزم الإيقاف في أوّلها للانتقال إلى غيرها، لأن الأمسية، أو اليوم الذي يمر من دون فيلم مشاهَد يحتاج تبريراً جيداً لذلك.
المهرجانات السينمائية هذه متعبة للناقد، بقدر ما هي ممتعة، فالمشاهدات والكتابات اليومية تحمل القدرين معاً من الإتعاب والإمتاع، لكنها تخفف من عبء اللحاق لاحقاً بأفلامها على طول العام.
هنا في كل الأحوال، في الصالات الفرنسية، يمكن اللحاق بما لم يسمح الوقت بالتقاطه في صالات المهرجان، لكنها تفقد بريق المشاهدة المهرجاناتية. وهنالك دائماً تلك الأفلام التي حال سببٌ ما دون مشاهدتها مهما كانت الصالة، والتي سينسى أحدنا ذلك وينساها.

كاتب فلسطيني/ سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية