الاحتلال يخرّب مخيمي طولكرم ونور شمس.. ولسان حال السكان: كأنها غزة

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

طولكرم – «القدس العربي»: سار الصحافيون بتمهل فيما كان يفترض أن يكون الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وطولكرم، وتحديدا المسافة المحاذية لمخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، ولم يظهر منهم إلا رؤوسهم بالخوذ الزرقاء.
وخلال المسير، الذي قدموا خلاله تغطياتهم الصحافية المباشرة، كان مواطنون عالقون يطلون من مساحات ضيقة في منازلهم إلى الشارع الذي كان فسيحا من مسارين متسعين لكنه تحول إلى خندق كبير جدا.
وخلال نحو 11 ساعة، عملت نحو 6 جرافات ضخمة على تدمير لا مثيل له في البنية التحتية، في مخيمي طولكرم ونور شمس.

كأنها غزة

ونفذت الجرافات الضخمة عملية تجريف بعمق مترين على طوال امتداد منازل مخيم نور شمس وسوقه التجاري والشارع الرئيسي الواصل للمدينة.
وخلال دقائق بعد انسحاب عشرات الآليات العسكرية التي اقتحمت المخيمين فجرا، جاء المواطنون من كل حدب وصوب لمعاينة آثار الدمار الذي يشبه ما تقوم به قوات الاحتلال في قطاع غزة.
ووصف مواطنون التدمير الجديد بأنه «الأوسع في الضفة الغربية، إنه تدمير لم نر مثله منذ النكبة».
وبلغ حجم الخنادق التي خلفتها جرافات الاحتلال ما يقرب من مترين، فيما ضاعف الردم الذي نقلته الجرافات إلى المنازل والمحلات المجاورة عمق الحفر. وما رفعته الجرافات على جانبي الشارع الرئيسي شكل سدا ضخما عزل مئات المحلات التجارية والمنازل عن محيطها.
وبدا مواطنون عالقين داخل المنازل بعد حصار استمر لساعات، وقال أحدهم معلقا على النتيجة التي ترك بها الاحتلال مخيم نور شمس: «مش قادر أنزل احكي معك. «
ومن بعيد قال مواطن آخر تمكن من النزول إلى الخندق الذي خلفته جرافات الاحتلال: «منذ حوالي الساعة الثانية والنصف ليلا جاء الاقتحام، لقد جرفوا كل شي وطلقوا النار على كل شيء.. عشنا بالعتمة ومن دون ماء».
وقال مواطن آخر: «لقد قامت القيامة.. هدموا المنازل.. هدموا الدار علينا ونحن محاصرون مع أفراد عائلتي» .
وقال رجل من أصحاب المنازل المدمرة: «ما بوعي دمار زي هيك، هذه سياسة تحدث عنها مسؤول إسرائيلي قبل أيام حيث هددونا بأنهم سيجعلون نور شمس مثل غزة».

سموتريتش: طولكرم مدينة خراب

وكان وزير المالية بتسلئيل سموتريش قد التقى قبل خمسة أيام مع رؤساء المستوطنات القريبة من مدينة طولكرم وقال «يجب القضاء على التهديد الذي تمثله طولكرم ويختفي من العالم ويجب أن تصبح طولكرم مدينة خراب».
وأضاف أن المفهوم الإسرائيلي للأمن يجب أن يخضع لتغيير جوهري فيما يتعلق بغزة والضفة الغربية والشمال وأيضا خط التماس.»
وانسحبت قوات الاحتلال من مخيم نور شمس في طولكرم، عقب أكبر عملية تدمير للبنية التحتية فيما كانت عشرات العائلات ما زالت عالقة داخل منازلهم بفعل الركام جراء الهدم والتجريف.
وعلى مسمع من مئات المواطنين صرخ شاب بالمحتشدين: «يا لله يا شباب اللي عنده «طوريه» وفاس يجيبهم»، فيما سخر أخرون في إشارة إلى أن حجم الدمار لا يمكن أن يتم التعامل معه إلا من خلال جرافات كبيرة.
واقتحمت قوات الاحتلال مخيمي طولكرم ونور شمس فجر أمس إلى جانب أجزاء كبيرة من مدينة طولكرم، ودفعت بمزيد من آلياتها باتجاه مخيم نور شمس الذي فرضت عليه حصارا مشددا، مع تحليق متواصل ومكثف لطيران الاستطلاع.
وأطلقت قوات الاحتلال الأعيرة النارية بشكل عشوائي في محيط مخيم نور شمس مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من المخيم بعد إصابة أحد محولات الكهرباء المغذية له، وسط سماع أصوات انفجارات داخل المخيم.
وحاصرت قوات الاحتلال مستشفيي ثابت ثابت الحكومي، والإسراء التخصصي في المدينة.

احتجاز الصحافيين

وخلال الاقتحام احتجزت قوات الاحتلال الطواقم الصحافية أثناء تغطيتها للأحداث في محيط دوار اليونس في الحي الشمالي للمدينة وصادرت هوياتهم، كما أوقفت مركبة لأحد المواطنين على دوار شويكة، وفتشتها ودققت في هويات ركابها دون أن يبلغ عن اعتقالات.
كما مارست تشويشا كبيرا على شبكات الإنترنت في المدينة ومخيماتها.
واستهدف مقاومون فلسطينيون قوات الاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة، وسمع دوي انفجارات ناجمة عن تفجير عبوات ناسفة محلية الصنع بآليات الاحتلال.

مقاومون فلسطينيون

وقالت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، إن أحد مقاتليها استدرج آلية عسكرية لقوات الاحتلال المقتحمة لأطراف مخيم طولكرم، ومن ثم فجر الآلية بعبوة ناسفة.
في حين قالت «كتيبة طولكرم» في «سرايا القدس» إن مقاتليها «اشتبكوا في محاور القتال واستهدفوا قوات وآليات الاحتلال بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات الناسفة المعدة مسبقًا محققين إصابات مباشرة في صفوف قوات الاحتلال».
وأدان مجلس الوزراء الفلسطيني خلال اجتماعه في رام الله عدوان الاحتلال على مخيم نور شمس في محافظة طولكرم، والتدمير غير المسبوق والعقوبات الجماعية بحق عشرات آلاف السكان، إلى جانب تدمير البنية التحتية للمحافظة وقطع خطوط الكهرباء والمياه الرئيسة عن المخيم المحاصر بشكل كامل.
واعتبر المجلس أن «ما يجري في قطاع غزة ومخيم نور شمس، وبشكل مستمر في مخيمات جنين، وبلاطة، والفارعة، وعسكر وغيرها، يقع ضمن مخطط الاحتلال لاستهداف المخيمات لتفريغها من سكانها كخطوة على طريق تصفية قضية اللاجئين».
وفي سياق مواز، أفادت وزارة الصحة باستشهاد الطفل غسان غريب زهران (13 عاما) إثر إصابته برصاص الاحتلال في دير أبو مشعل، شمال غرب رام الله.
وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال نصبت كمينا عند الشارع الاستيطاني المحاذي للقرية، وأطلقت الرصاص الحي صوب عدد من الأطفال، ما أدى إلى إصابة الطفل زهران في بطنه، نقل إثرها إلى مستوصف في القرية قبل نقله بمركبة إسعاف إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، حيث أعلن الأطباء استشهاده متأثرا بإصابته.

استشهاد طفل

ميدانيا، تركزت الاقتحامات والاشتباكات في محافظات جنين، وقلقيلية، ونابلس، وسلفيت، ورام الله والبيرة، والخليل، وبيت لحم، حيث تم اقتحام عشرات المنازل والعبث بمحتوياتها وإخضاع قاطنيها لتحقيقات ميدانية بعد احتجازهم لساعات.
ففي محافظة نابلس، أصيبت ثلاث أطفال، خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم عسكر الجديد شرقي نابلس.
ودارت اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال بالقرب من المخيم.
وفي كوبر قضاء رام الله، اعتقلت قوات الاحتلال قيس حسام أبو عليا، 16 عامًا، وإبراهيم أسعد شنان، 16 عامًا، خلال اقتحامها البلدة، واندلعت مواجهات، واعتدت قوات الاحتلال بالضرب على المواطن علي صايل ياسين.
كما اعتقل جنود الاحتلال شابًا عند حاجز عسكري نصبته على مدخل بلدة ترمسعيا شرق رام الله.
واقتحمت قوة عسكريّة إسرائيلية بلدة سلواد شرق رام الله، فيما اقتحمت قوة أخرى ضاحية الزراعة قرب مخيم الجلزون، وداهمت منزل الأسير المحرر محمد حسين شكوكاني.
وجرفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عشرات الدونمات من أراضي قرية أم صفا شمال غرب رام الله طاولت عشرات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون، والعنب في منطقة جبل الرأس وسط القرية.
وتقدر مساحة تلك الأراضي بنحو 200 دونم، وتمت إعادة استصلاحها مؤخرا وزراعة الأشجار فيها.
وفي بلدة جينصافوط شرق قلقيلية، اعتقلت قوات الاحتلال الطالب في جامعة النجاح الوطنية، فلاح محمد عيد، بعد اقتحام منزل عائلته.
وفي القدس، أخطرت قوات الاحتلال الاسرائيلي صاحب بناية سكنية مكونة من خمس طبقات بهدمها في مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت بناية المواطن خليل أبو ميالة وسلمته إخطارا بهدم البناية بحجة البناء دون ترخيص، وهي مكونة من خمس شقق سكنية.
كما اقتحمت قوات الاحتلال قرية العيسوية، وحطمت محتويات منزل عضو إقليم حركة «فتح» في القدس ياسر درويش واعتدت على عائلته.
ويأتي هذا الاقتحام بعد يوم واحد من الإفراج عنه، بعد اعتقاله مطلع الاسبوع الجاري والاعتداء على نجليه ياسر ومحمد وإصابتهما بجروح بعد إطلاق الرصاص المطاطي عليهما.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية