غزة- “القدس العربي”: تؤكد مصادر مطلعة أن محادثات التهدئة، التي انطلقت منتصف الأسبوع الماضي، لا تسير وفق ما كان يأمل الوسطاء، وأن الأوضاع والملفات تعقدت بعض الشيء، وهو أمر يؤثر على سير المحادثات.
ووفق ما علمت “القدس العربي”، فإن الاتصالات الأخيرة التي قام بها الوسطاء، لم تحقق النتائج المرجوة، بسبب تهرب إسرائيل من التقيد بأي التزام بوقف الحرب، حتى بعد تبديل كلمة انتهاء الحرب، أو كلمة “ضمان” انتهاء الحرب، بكلمة “بذل” الوسطاء الجهد لإنهائها بعد نجاح المرحلة الأولى.
وحسب المعلومات، فإن رفض انتهاء الحرب، ولاءات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ظهرت في ردود الوفد الإسرائيلي الأخيرة، خلال محادثات أجروها مع الوسطاء في القاهرة والدوحة.
الاتصالات الأخيرة التي قام بها الوسطاء لم تحقق النتائج المرجوة، بسبب تهرّب إسرائيل من التقيد بأي التزام بوقف الحرب
وكانت حركة “حماس”، وفق ما جرى التخطيط له، تنتظر أن تحصل، نهاية الأسبوع الماضي، على ردّ من الجانب الإسرائيلي ينقل إليها عبر الوسطاء، حيث كان من المفترض أن يصل هذا الرد بعد عقد الوفود الإسرائيلية لقاءات مطولة في القاهرة والدوحة، وهو ما لم يحصل، وقد أعلنت حركة “حماس” عن ذلك صراحة.
ويؤكد مسؤول في أحد فصائل المقاومة أن تعقيد المفاوضات الخاص بالتهدئة، كان قائماً قبل مجزرة الاحتلال التي نفذها في مواصي خان يونس، والتي زعم فيها استهداف قائد الجناح العسكري لحركة “حماس”.
وأشار إلى أن هناك توقعاً كبيراً كان لدى المقاومة بإقدام الاحتلال على التصعيد العسكري واللجوء إلى المجازر، وتنفيذ عملية كبيرة في القطاع، ليظهر من خلالها نتنياهو بأنه حقق مكسباً كبيراً، للتغطية على منتقديه من اليمين المتطرف، الذين يعارضون التوصل لتهدئة.
وكان تقرير نشرته قناة ” i24NEWS” الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين كبار في تل أبيب، ذكر أنه ربما أدت محاولة اغتيال محمد الضيف إلى تأخير مؤقت في صفقة الأسرى.
وقد تلا ذلك أنْ أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هليفي أن جيشه “لن يتوقف عن العمل لإطلاق سراح المخطوفين، ولن نتنازل عن مواصلة الضربات ضد “حماس” حتى تحقيق هذا الهدف، من أجل أمن مواطني دولة إسرائيل”.
ومن شأن هذه التصريحات، وما يصاحبها من فعل على الأرض، يتمثّل في مجازر دامية، أن تضعف الجهود التي يبذلها الوسطاء، والتي تأثرت بالأصل بسبب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، ورفض نتنياهو الالتزام بإنهاء الحرب.
وفي السياق، أكد المصدر الفلسطيني لـ “القدس العربي” أن ترتيبات تجرى لعقد لقاءات بين فصائل من المقاومة الفلسطينية والوسطاء في القاهرة والدوحة، بعد التطورات الأخيرة.
وأشار إلى أنه كان من المفترض، حسب الترتيبات السابقة، أن يجري البدء بمناقشة الترتيبات الفنية لإنجاز الشق الأول من اتفاق التهدئة هذا الأسبوع، وهو ما لم يتم، بعد أن أعادت حكومة الاحتلال الأوضاع إلى المربع الأول.
وكانت حركة “حماس” أعلنت عن إرسالها رداً جديداً على خطة التهدئة الأخيرة التي قدمت، واشتمل على قبول الحركة بعقد صفقة تبادل قبل أن يجري الاتفاق على وقف كامل للحرب، وأن يتم ذلك في مرحلة لاحقة، كما وافقت على خارطة طريق لعقد صفقة تبادل الأسرى، تبدأ بالنساء والرجال الكبار في السن، ومن ثم تنتقل إلى صفقة أكبر تشمل الرجال والجنود.
ورغم ما دار من حديث من قبل الوسطاء، ومن ضمنهم الإدارة الأمريكية، عن وجود تطورات إيجابية، إلا أن حكومة الاحتلال رفضت ذلك بطريقتها، وأعلن نتنياهو استمرار تمسّكه بلاءاته الثلاثة، وفي مقدمتها رفضه لإنهاء الحرب كاملة.
لكن المصدر الذي تحدث لـ “القدس العربي أكد، على الرغم من ذلك، استمرار محادثات التهدئة وعدم توقفها، لكنه قال إن وتيرة الاتصالات لم تعد كما كانت الأسبوع الماضي، وتوقّع أن يجري بحثها باهتمام أكبر، في حال غيرت حكومة إسرائيل موقفها.
وفي السياق، أبلغت الأطراف الفلسطينية، بموقف مصري جرى تأكيده خلال المحادثات الأخيرة التي أجريت مع وفد إسرائيلي زار القاهرة في إطار محادثات التهدئة، تمثل برفض الطرح الذي حمله الوفد، بأي يجري فتح معبر رفح البري، حتى قبل التوصل إلى تهدئة، من خلال الجانب الإسرائيلي.
وقد أكدت مصر تمسكها برفض فتح المعبر من طرفها، طالما كان هناك تواجد إسرائيلي يتحكم في حركة الوصول والمغادرة، وأنها طرحت وجود طرف فلسطيني في الجانب الآخر من المعبر، والذي يعد شريان حياة لسكان غزة.
وكانت قوات الاحتلال أغلقت المعبر بشكل كامل، منذ أن بدأت بعملية رفح البرية، ولاحقاً قامت بتدمير جميع مرافقه، وقد اقترحت تبديل المعبر بآخر قرب معبر كرم أبو سالم التجاري، يخصص لسفر الغزيين، وقد لاقى الأمر رفضاً فلسطينياً ومصرياً.
يشار إلى أن حركة “حماس” كانت قد نفت تقريراً لإحدى وكالات الأنباء أعلن أن الحركة قررت وقف المفاوضات الخاصة بالتهدئة.
وقال عضو المكتب السياسي لـ “حماس” عزت الرشق، في بيان صحفي، إن ما جرى تداوله عن قرار من حركة “حماس” بوقف المفاوضات، رداً على مجزرة المواصي “لا أساس له من الصحة”، لافتاً إلى أن هذا التصعيد ضد الشعب الفلسطيني من قبل نتنياهو وحكومته النازية “أحد أهدافه قطع الطريق على التوصل لاتفاق يوقف العدوان على شعبنا، وهو ما أصبح واضحاً لدى الجميع”.
إسرائيل اقترحت تبديل معبر رفح بآخر قرب معبر كرم أبو سالم التجاري، يخصص لسفر الغزيين، وقد لاقى الأمر رفضاً فلسطينياً ومصرياً
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية قد اتهم نتنياهو بوضع العراقيل التي تحول دون التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وجاء ذلك خلال اتصالات أجراها مع الوسطاء وبعض الدول الإقليمية في ضوء المجازر الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال، وأكد أن ذلك جاء في الوقت الذي أبدت فيه حركة “حماس” التعاطي الإيجابي والمسؤول مع المقترح الأخير بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان، وأضاف: “إلاّ أن الموقف الإسرائيلي الذي اتخذه نتنياهو وتمثّل في وضع العراقيل التي تحول دون التوصل إلى اتفاق، بما في ذلك تصريحاته الإعلامية، والتي اشتملت على شروط ونقاط جديدة لم ترد في الورقة محل التفاوض، مرتبطاً بذلك أيضاً المجازر البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال اليوم في مناطق متعددة في القطاع”.
وطالب هنية الوسطاء في كل من مصر وقطر القيام بما يلزم مع الإدارة الأمريكية وغيرها لـ “وقف هذه المجازر بحق شعبنا، والعمل جدياً لوضع حدّ لهذا العدوان المتواصل على شعبنا”.
وأعلنت حركة “حماس” أن هنية، الذي أجرى اتصالات مع مصر وقطر وتركيا وسلطنة عمان، من المقرر أن يواصل اتصالاته السياسية والدبلوماسية للهدف نفسه.