الرباط – «القدس العربي»: عبرت هيئات مهنية للكتبيين عن غضبها من قرار وزارة التربية الوطنية (التعليم)، الذي اعتمد نظام الكتاب الموحد الخاص ببعض المواد الأساسية لما يفوق 2600 مدرسة ريادية، كما نددت بدفتر التحملات (عقد التزامات) الخاص بمناقصات طبع الكتب، والذي وصفته بأنه «وُضع على المقاس».
الهيئات الموقعة على البيان الغاضب الذي تلقته «القدس العربي»، هي «الجمعية المغربية للناشرين»، و»جمعية الكتبيين المستقلين في المغرب»، و»الجمعية المهنية للكتبيين بالمغرب»، و»رابطة الكتبيين في المغرب».
الحسن المعتصم رئيس «رابطة الكتبيين في المغرب»، أكد في تصريح لـ «القدس العربي»، أنه بناءً على البلاغ الذي أصدرته جمعيات الناشرين والكتبيين في المغرب، «نعبر عن قلقنا العميق بشأن القرارات الارتجالية لوزارة التربية الوطنية التي تمس قطاع الكتبيين بشكل خطير»، كما قال «إن قرار توحيد الكتب دون إشعار مسبق يعرض مهنيي الكتاب للإفلاس».
وأشار المعتصم في حديثه، إلى ما تضمنه جواب وزير التربية الوطنية (التعليم)، شكيب بنموسى، على سؤال كتابي في البرلمان، من كون «توحيد الكتاب المدرسي سيتم بعد استشارة الناشرين والكتبيين والموزعين والمؤلفين»، ليستطرد قائلا «فوجئنا اليوم بتغيير 30 في المئة دون استشارة الفاعلين في القطاع». وحسب المتحدث «نحن في الرابطة لسنا ضد الكتاب الموحد، ولكن بعد استشارة المتدخلين في القطاع والخروج بدفتر التحملات الذي يضمن حقوق الجميع»، لذلك «ندعو الوزارة إلى إعادة النظر في هذا القرار وفتح باب الحوار مع الجهات المعنية لإيجاد حلول عادلة تضمن استمرار الخدمات التعليمية بجودة عالية وتحمي مصالح الكتبيين».
البيان المشترك للهيئات الأربع، تطرق إلى انفراد وزارة التعليم بقرار حول «ما بات يعرف باعتماد نظام الكتاب الموحد الخاص ببعض المواد الأساسية لما يفوق 2600 مدرسة ريادية بالمغرب على أن تعمم التجربة في القادم من السنوات».
وأبرزت الهيئات الموقعة على البيان الصادر عقب اجتماعها بالدار البيضاء، أسباب هذا الغضب وذاك الاستياء، في كون قرار الوزارة اتخذ «في غياب تام لكل الفاعلين والأطراف المعنية بالكتاب المدرسي، تأليفا وطبعا وتوزيعا، متجاوزة بذلك مقررات الميثاق الوطني التي تعتبر من الناحية القانونية قوانين ملزمة، بالنظر إلى مصادقة البرلمان المغربي عليها، بحيث لا تنتفي عنها هذه الصفة إلا بإلغائها على المستوى البرلماني، على خلاف التوصيات الصادرة عن مجلس المنافسة التي تبقى في النهاية مجرد توصيات لا ترقى إلى مستوى القانون، فضلا عن تجاوز غايات المبادرة الملكية السامية المتعلقة بتوزيع مليون محفظة التي يُجهل مصيرها في ضوء هذا القرار».
وأضاف البيان، أن ذلك كله تم «بعد سلسلة من اللقاءات بين مكونات المجتمع المغربي المعنية بالكتاب المدرسي شكلا ومضمونا، سواء منها النقابات والأحزاب السياسية، وجمعيات الناشرين والكتبيين، وجمعيات أولياء التلاميذ، فضلا عن الأطر (الكوادر) التربوية المعنية بصفة مباشرة بالسهر على التنفيذ والمراقبة، واضعة نصب عينيها المحافظة على ثوابت الأمة وتنفيذ السياسة والبرامج والمناهج التربوية تجنبا لكل انحراف أو تلاعب، وكذا العمل على الرقي بالكتاب المدرسي إلى مستوى من الجودة الخاضعة لرقابة لجان الفــحص والمراقبة الوزارية المكونة من خيرة الأطـــر التربوية، وتحت إشراف مديرية المناهج، كل ذلك قبل الإذن لها بالطبع والنشر».
المهنيون المجتمعون أبرزوا «الأخطار التي باتت تحدق بالقطاع، في غياب رؤية استراتيجية واضحة للوزارات المعنية من أجل الحفاظ على مكونات سلسلة بيع الكتاب، وتطويرها وهيكلتها في إطار قانون يؤطرها وينظم عملها بما ينأى بها عن الاحتكار من طرف جهة دون غيرها، كما هو معمول في باقي دول العالم»، كما أكدوا أن «القطاع بات يعيش مرحلة مفصلية تهدد صيرورته وكينونته في القادم من السنوات».
ونددت الهيئات المهنية في بيانها المشترك، «بدفتر التحملات الخاص بمناقصات طبع الكتب، والذي وُضع على المقاس بعدما عمدت الوزارة إلى تغيير مقاسات الطبع المعتادة في الكتب المدرسية بمقاسات لا تتوفر إلا عند مطبعتين في المغرب، على أن توزع الكتب على الأكاديميات (إدارات محلية تابعة لوزارة التعليم) التي ستوزعها بدورها على النيابات (فروع الوزارة في الأقاليم)، ومنها إلى المدارس، قافزة بذلك على دور الكتبي ومهددة إياه في مصادر دخله، ومتناقضة مع الأعراف الجاري بها العمل عبر العالم، والتي تقضي بدعم المكتبات من أجل الحفاظ علـــــــيها، باعتبارها فضاءات ناشرة للثقافة والمعرفة».