واشنطن بوست: نتنياهو جاء إلى واشنطن تاركاً وراءه كارثة سياسية ويريدها كذلك حتى يبقى في الحكم

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي: قال المعلق بصحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يزور الولايات المتحدة في ظل كارثة تخيّم على الشرق الأوسط.

وأضاف أن نتنياهو سيخاطب الكونغرس، بعد أشهر من الصدمات، والدمار الذي تركه خلفه، ومستقبل سياسي غامض أمامه.

 وأضاف أن آخر مرة جاء فيها نتنياهو إلى واشنطن كانت آمال السلام عالية، أو على الأقل رؤية واحدة، في أيلول/سبتمبر 2020. وظهر نتنياهو في البيت الأبيض، بيت دونالد ترامب. فمن خلال اتفاقيات توسطت بها إدارة ترامب، طبّعت إسرائيل علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وهما دولتان في الخليج تشعران بالخوف من إيران.

الكاتب: بفضل ترامب، رأى نتنياهو، المعارض لدولة فلسطينية ذات سيادة، طريقاً لدمج إسرائيل مع جيرانها ووضع “المشكلة الفلسطينية” على الرّف

وتمت تسمية الإنجاز الدبلوماسي باسم عظيم: “اتفاقيات أبراهام”، وصوّره المروّجون له بأنه اختراقٌ حضاري، وبداية عهد جديد، مع أن أياً من الدولتين لم يكن في حالة حرب مع إسرائيل، أو خاض معها حرباً بالفعل، بل وأقامتا علاقات سرية وجوهرية مع الدولة اليهودية.

وقال نتنياهو، الذي كان واقفاً إلى جانب ترامب ومسؤولين كبار من البحرين والإمارات: “هذا يوم محوري في التاريخ”، و”يعلم بداية فجر جديد للسلام، وصلى اليهود على مدى ألفي عام للسلام، ولهذا السبب نشعر اليوم بامتنان عظيم”.

وقد أدت هذه الاتفاقيات إلى صفقات تجارية مربحة بين إسرائيل ودول الخليج، وتمت تغطيتها بصفقات أسلحة من شركات السلاح الأمريكية لدول الخليج، إلا أنه، ومع تحمّس دول عربية أخرى لمنظور التطبيع مع إسرائيل، لم تؤد التفاهمات الجديدة لبناء سلام في المكان الذي يجب أن يتحقق فيه: النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وقد حدث هذا عن قصد، فبفضل ترامب، رأى نتنياهو، المعارض لدولة فلسطينية ذات سيادة، طريقاً لدمج إسرائيل مع جيرانها ووضع “المشكلة الفلسطينية” على الرّف.

ورضيت المجموعة المزدهرة من الشركاء للعرب، والتي تشترك مع إسرائيل بخوفها من إيران، وتشعر بالإحباط من الخلل الوظيفي داخل الحركة الوطنية الفلسطينية بمواكبة العملية التي أرادها نتنياهو، الذي أجبر على الخروج من السلطة ليعود على رأس أكثر التحالفات المتطرفة في إسرائيل.

وظهر، في أيلول/سبتمبر، على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبخريطة “الشرق الأوسط الجديد”، ومحي منها أي أثر للدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

 ثم جاءت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتغيّرَ العالم. وهزت الحرب، التي شنتها إسرائيل ضد “حماس”، المنطقة، ودمرت الحملة الإسرائيلية المستمرة قطاع غزة، وأدت لمقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وكارثة إنسانية واسعة. وتزايد الدعاوى القانونية الدولية ضد إسرائيل وحكومتها المتطرفة، وقد تصدر “المحكمة الجنائية الدولية” مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، في غضون أيام، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واستخدام التجويع كسلاح في الحرب.

 وتناقش “محكمة العدل الدولية” دعوى تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، وأصدرت، يوم الجمعة، حكماً منفصلاً دعت فيه إسرائيل لوقف احتلالها المناطق الفلسطينية، وتفكيك المستوطنات.

ويعتبر هذا الحكم مرفوضاً من نتنياهو، الذي ازدهر التوسع الاستيطاني في عهده. ويأتي إلى واشنطن لإلقاء خطاب مثير للجدل، في وقت حاولت دولة عربية جارة مع الرئيس جو بايدن وحلفائه التوسط بهدنة لوقف الحرب في غزة، يريدها الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى “حماس”.

 وقال الكاتب إن مسؤولين أمريكيين وعرب يلومون نتنياهو على إفشال الاتفاق عمداً، خوفاً من أن يتأثر موقعه السياسي حالة توقف القتال.

 وقال مايكل كوبلو، من منبر السياسة الإسرائيلي: “يتعرّض نتنياهو لضغوط من كل الساحات، فلديه تحالف غير راض عنه،  وشركاء [متطرفون]، كبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يهددان بفك التحالف، لو وافق على وقف إطلاق النار”، و”لديه عائلات أسرى يتظاهرون في الشوارع بأعداد كبيرة، لوقف إطلاق النار، ومؤسسة أمنية تفضّل، وبقوة، صفقة وقف إطلاق النار، وجلب الأسرى. ويدفع بايدن بقوة، وبدون تحفظ، لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ويريد شركاء إسرائيل في المنطقة وقف القتال منذ عدة أشهر”.

ويقول ثارور إن زيارة نتنياهو لواشنطن هي مقامرة من أجل تخفيف هذا الضغط.

وقال المفاوض السابق أرون ديفيد ميلر، الزميل حالياً في وقفية كارنيغي، إن هدف نتنياهو الحقيقي هو “الحفاظ على نفسه، وقد نجح”، و”جاء ليستخدم الكونغرس، والبيت الأبيض، كأدوات وإظهار أنه رجل لا يستغنى عنه”، واقترح ميلر أن نتنياهو “يحاول كسب الوقت”.

فالجمهوريون المستعدون لطعن بايدن، المحاصر بالسكين، سيدعمون نتنياهو وموقفه المتحدي في الحرب.

رؤية السلام الأمريكية محكوم عليها بالفشل، فقد صوّت الكنيست على قرار منع دولة فلسطينية، في تحرك رمزي أكد على موقف نتنياهو قبل رحلته إلى أمريكا

وكتبت مراسلة صحيفة “فايننشال تايمز” نيري زيبلر: “ما يريده نتنياهو، على الأرجح، الوصول إلى نهاية الشهر وبداية العطلة للكنيست”، فالعطلة تمتد حتى تشرين الأول/أكتوبر، ولا يمكن خلالها التخلص من حكومة. ولو استطاع نتنياهو البقاء فإن أقرب انتخابات ستكون في الربع الأول من عام 2025. وبحلول هذا الوقت سيكون في البيت الأبيض ساكن جديد، ويأمل نتنياهو بأن يكون ترامب، الذي عزز حظوظه في الفترة الأولى.

إلا أن المرشح الجمهوري لم يظهر أي اهتمام بنتنياهو، خلال الأشهر الأخيرة، فترامب لا يزال حانقاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويتهمه بالخيانة لأنه هنّأ بايدن على الفوز في عام 2020. كما أن اتفاقيات أبراهام، التي اعتبرها ترامب في حينه علامة على سياسته الخارجية، لم تعد مهمة في الوقت الحالي.

ويواجه بايدن تمرداً من اليسار في حزبه بسبب دعمه لإسرائيل وحربها في غزة، ومساعدة واشنطن لها من خلال الأسلحة والدعم الدبلوماسي.

وبحث بايدن عن دعم من بعض الإسرائيليين والجيران العرب لتطبيق خطة “اليوم التالي” بغزة، والذي يشمل حكومة تكنوقراط تدير غزة والضفة الغربية، وتمويلاً من دول الخليج لإعادة إعمار القطاع، واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن حل الدولتين.

وطالما ظلت الحرب دائرة، بقي نتنياهو في الحكم، كما أن رؤية السلام الأمريكية محكوم عليها بالفشل، فقد صوّت أعضاء الكنيست، يوم الجمعة  الماضي، على قرار لمنع إنشاء دولة فلسطينية، وهو تحرك رمزي أكد على موقف نتنياهو قبل رحلته إلى أمريكا.

وقال مسؤول عربي للكاتب: “طالما ظل نتنياهو هناك، فلا فرصة لأيّ تحرك بشأن خطة اليوم التالي”.

وبالمحصلة لا يوجد “تحوّل محوري للتاريخ”، وهذا ما يريده نتنياهو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية