في واشنطن، تعود بنيامين نتنياهو أن تشرع له أبواب البيت الأبيض والكونغرس ويمشي مثل الطاووس متبخترا بين ساسة أقسموا على الولاء له ولإسرائيل.
فعندما حل إله الحرب مارس، اكتشف أن العالم قد تغير من تحت أقدامه، واستفاق مذعورا على أمريكا مختلفة، لم يعد هناك من يؤمن بأكاذيبه، فأمام الكونغرس حيث ألقى كلمته في جلسة مشتركة لمجلس الشيوخ والنواب، الآلاف من المتظاهرين، وعشرات الآلاف من الشرطة التي استخدمت القوة ضد الداعين لوقف إطلاق النار في غزة. وكانت صورة عن الحرب التي غيرت أمريكا وأن الدمار الذي أحدثته القوات الإسرائيلية وأسلحة أمريكا في القطاع من قتل وتشريد ونشر للجوع والأمراض قوبل بالغضب العارم.
ولا يغرنك تصفيق أعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين قاطعوا خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر من مرة ووقفوا للتصفيق والتأمين على أكاذيبه وقبلوا جداله وهو يحاول جر الولايات المتحدة إلى حرب شاملة في المنطقة مثلما ورطها في مقتل أكثر من 40.000 فلسطيني وخلال 10 أشهر (بالمناسبة فعل نفس الأمر عام 2002 عندما حرض على غزو العراق، وكلنا يعرف النتيجة).
يعرف نتنياهو في قرارة نفسه أن قبعة البيسبول التي وضعها على طاولته في الطائرة وإلى جانبه زوجته سارة وعليها عبارة «النصر الشامل» أنه لم يحقق النصر الذي ظل يعد فيه حلفاءه.
وفي عام انتخابي يجد كل طرف في المعادلة الأمريكية أن عليه إرضاء ناخبيه الغاضبين من طريقة إدرارة جو بايدن للحرب. فهذا الصهيوني العتيق كما وصفه نتنياهو في محاولة للتملق منه خسر دعم حزبه واضطر للانسحاب، وكان لقاؤه مع نتنياهو بمثابة المقابلة الوداعية، فبعد اليوم لم يعد الأمر له، وسيكون مثل البطة العرجاء حتى تسليم مقاليد الحكم لنائبته إن فازت أو لغريمه دونالد ترامب الغاضب على خروج بايدن من السباق.
ومن الواضح أن الحزب الديمقراطي والجمهوري لديهم وعلى خلاف العادة مواقف متباينة من إسرائيل، فهم يتساءلون حول طبيعة الدعم وإن كان بشروط أو بدونها. وحتى في الطرف الجمهوري فالدعم قد يكون لمصالح انتخابية أو «تعاقدية» وليس حبا أيديولوجيا لنتنياهو ولمساره في الحكم والحرب. وربما كان مدفوعا كما علق باحث في معهد كوينسي الأمريكي بالأموال التي يدرها اللوبي المؤيد لإسرائيل، وحسب إيلي كليفتون في صحيفة «الغارديان» (25/7/2024) فإن مريام أديلسون، أرملة ملك الكازينوهات، شيلدون أديلسون ضخت ملايين الدولارات في حملة ترامب وقبلها في حملات الحزب الجمهوري ومنذ بداية القرن الحالي.
موقف هاريس
كما أن غياب نصف أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن كلمة نتنياهو دليل على أن إسرائيل تعاني من مشكلة. ومن حضر الجلسة منهم لم يقف مصفقا وغادر قاعة الكونغرس حال انهى نتنياهو كلمته. وكان لافتا غياب كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية عن جلسة تترأسها تقليديا، حيث تعللت بانشغالها في إنديانابوليس. وهو ما لم يفت المراقبين.
ورغم انتقادها المحتجين على نتنياهو أمام الكونغرس ومحاولة الموازنة بين رغبتها بالحفاظ على اللوبي المؤيد لإسرائيل والاستجابة لمشاعر أعضاء حزبها والديمقراطيين وغيرهم ممن أهانهم نتنياهو ووصفهم بالحمقى المفيدين لإيران والمتعاطفين مع حماس إلا أن العدسة مركزة عليها.
وبعد لقائها مع نتنياهو يوم الخميس وجدت هاريس مساحة لكي تعبر عن صوتها وبعيدا عن صوت سيدها بايدن الذي التزم بالنص الذي كتبه لنفسه منذ بداية الحرب و«عناق الدب» لنتنياهو في مطار بن غوريون يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وبعد اللقاء مع رئيس الوزراء، قالت هاريس: «لن أصمت» حول وضع الفلسطينيين ومعاناتهم في غزة.
ورأت صحيفة «نيويورك تايمز»(26/7/2024) أن الطريقة التي تحدثت بها هاريس هي تعبير عن «استقلال». وقالت إن هاريس «ظلت وعلى مدى أربعة أعوام التابع الهادئ التي حصر دورها بدور النائب الداعم للرئيس بايدن وهو يدلي بتصريحاته. والآن وقد انطلقت فجأة للأمام كمرشحة مفترضة للحزب الديمقراطي، فلم يعد الصمت أو إيماءات الرأس كافية بعد الآن».
وتجد نفسها في الأيام المئة المتبقية على السباق أمام تحد للتأكيد على صوتها وبدون الابتعاد بشكل واضح عن مواقف الرئيس. فكل كلمة ستقولها وكل تصريح ستطلقه سيتم التمحيص فيه والنظر فيما إن كان متساوقا مع الرئيس الذي ما زالت تخدمه. ومع أنها تريد إظهار ولائها لبايدن إلا أنها راغبة بالكشف عن وجهها الحقيقي للرأي العام. وقالت الصحيفة إن بايدن ترك لها الأمر لكي تكون صوت الإدارة العام يوم الخميس وأثناء مقابلة نتنياهو. وما يهم بايدن هو عدم عودة ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، ولديه مصلحة في دعم والاستثمار بهاريس ونجاحها. وكغيرها من نواب الرئيس الذين وجدوا أنفسهم في المقدمة فهي بحاجة للخروج من الظل وتأكيد صوتها بدون الظهور بمظهر المخالفة للرئيس. وما يساعدها أنها التزمت والرئيس بنفس المواقف، ولم تظهر تلك الخلافات التي تطبع علاقة الرئيس ونائبه. وبدا هذا واضحا في غزة، فهي ملتزمة بخط الإدارة وضرورة دعم الجهود الإسرائيلية للانتصار على حماس، ولكنها أبدت ومنذ آذار/مارس موقفا مختلفا وهو التركيز على الوضع الإنساني في غزة وحقوق الفلسطينيين، وهو ملمح كان غائبا عن خطاب الرئيس الذي اتهم بعدم التعاطف وحتى التشكيك بقتلى الحرب الفلسطينيين. ولهذا أبدت رفضا للمشاهد «الحقيرة» من المحتجين أمام الكونغرس وحرق بعضهم العلم الأمريكي، لكنها تحدثت بقوة عن «صور الأطفال الموتى والناس الجياع الهاربين الباحثين عن مكان آمن». وقالت «لن نسمح لأنفسنا بأن نصاب بالخدر امام المعاناة ولن أسكت». ويرى معلقون أن كلامها مختلف عن كلام بايدن وإن لم يتغير موقفها جوهريا، فقد أكدت مثل بقية المسؤولين الأمريكيين على مواقفهم الداعمة لإسرائيل وحقها بالبقاء، وعادت إلى أيام الدراسة عندما كانوا يجمعون التبرعات لغرس الأشجار في إسرائيل.
ترامب الانتهازي
ولم تعجب تصريحات هاريس الإسرائيليين الذين اشتكوا بأنها أقوى مما قيل في الاجتماع المغلق، وكعادتهم قالوا إنها ستشجع حماس على رفض المفاوضات، وكأنهم يريدون نجاحها، وأن الولايات المتحدة ليست على نفس الخط مع إسرائيل. وهي الرسالة التي حملها معه نتنياهو إلى ترامب عندما التقى به في مار- إي- لاغو في فلوريدا. وكعادته استغل ترامب تصريحات هاريس: «أعتقد أن تعليقاتها خالية من الاحترام» و«لم تكن جيدة فيما يتعلق بإسرائيل، ولا أعرف شخصا يهوديا سيصوت لها. ولكن الأمر يعود إليهم، ولكنها بالتأكيد لم تحترم إسرائيل». ولكن ترامب مثل نتنياهو أعمى عن الواقع فمن قاد التظاهرات في الكونغرس ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي هم يهود أمريكيون. كما لم يوضح ترامب لماذا اعتبر القلق على حياة المدنيين أمرا يخلو من الاحترام، ولماذا لا يعتبر كلامه تحريضا على القتل عندما قال يوم الخميس «انته سريعا وأخرج» مشيرا إلى أن الإسرائيليين يتعرضون للتشويه بسبب الحرب.
وما تريده هاريس عمله في الوقت الحالي هو التأكيد على موقفها المختلف في النبرة عن الرئيس وليس الجوهر. وهي تريد إرضاء القواعد من حزبها الذين أكدوا على أنهم لن يصوتوا لبايدن طالما لم يغير موقفه من الحرب. وهناك أكثر من 100.000 صوت عربي ومسلم في ميتشغان، الولاية المتأرجحة ضرورية لفوز أي مرشح ديمقراطي. ولا يزال الناخبون العرب والمسلمون غاضبون على مواقف الإدارة. ومع أن الجناح التقدمي في الحزب صادق على ترشيح هاريس، إلا أن النائبة الفلسطينية- الأمريكية الوحيدة في مجلس النواب، رشيدة طليب لم تفعل، وكان واضحا ظهورها في كلمة نتنياهو وهي تحمل شارة «مجرم الحرب» التي ظلت تلوح بها أمامه معظم الوقت. وكان لافتا مهاجمة رئيس الوزراء الإسرائيلي كريم خان لطلبه مذكرة اعتقال له ولوزير دفاعه يواف غالانت لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
لن تساعد
ورأت صحيفة «الغارديان» (26/7/2024) أن فظائع الحرب في غزة وإدارة نتنياهو لها وخطابه يدفعان نحو تغير الموقف من إسرائيل في الخارج. وقالت إن التصفيق الحار الذي تلقاه نتنياهو واشنطن وفي أول زيارة خارجية له منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ربما كان بلا معنى حتى له. فقد وصفت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الديمقراطية سابقا، خطابه بأنه أسوأ خطاب يلقيه زعيم زائر على الإطلاق.
حزب العمال يستفيق
والتغير لا يزال في بدايته، لكن مواقف الرأي العام المضادة للحرب على غزة تجبر القيادات السياسية في بعض الدول الغربية للرد على مظاهر قلق الناخبين. وفي بريطانيا اكتشف حزب العمال متأخرا خسائره في الانتخابات نظرا لمواقفه المؤيدة للحرب في غزة. وأظهرت حكومة العمال ميلا للانحراف في مواقفها وإن قليلا عن المواقف الأمريكية. فقد أعلنت يوم الجمعة عن سحب اعتراضها على طلب المدعي العام للجنائية الدولية مذكرات اعتقال لنتنياهو، مع أن الولايات المتحدة ضغطت على بريطانيا لمواصلة الاعتراض. كما وأعادت وزارة الخارجية تمويل أونروا بعدما علقته بسبب المزاعم الإسرائيلية. وسيقرر وزير الخارجية ديفيد لامي إن كان سينشر النصيحة القانونية بشأن تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وذكر موقع «ميدل إيست آي» (25/7/2024) أن بريطانيا ستضع قيودا على الأسلحة الهجومية التي يمكن استخدامها في غزة. والواقع أن التطور في الموقف البريطاني، يعتبر تحولا عن موقف كير ستارمر الذي دعم وهو في المعارضة الحصار على غزة ومنع الطعام والوقود والمياه عن السكان. ولكن ثورة الناخبين وردة فعل نواب ستارمر وخاصة من يواجهون مطالب دوائرهم الإنتخابية باتخاذ موقف واضح من غزة واستقالات عدد من أعضاء المجالس المحلية دفع الحزب شيئا فشيئا لتبني مواقف أوضح من الحرب. ودهش الكثيرون من مواقف ستارمر بداية الحرب، وهو المحامي المعروف بحقوق الإنسان ومؤلف كتاب بهذا الشأن. صحيح أن التغير الطفيف في مواقف حكومة العمال لن ينهي الحرب سريعا، ولكنه إشارة للثمن الذي بات الساسة يدفعونه في الغرب جراء دعمهم لحكومة متطرفة في إسرائيل تمارس إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. ورأت صحيفة «نيويورك تايمز» (25/7/2024) أن بريطانيا تحركت وعلى مدى ستة أشهر من الحرب وبشكل متسق مع الولايات المتحدة. ولكنها الآن باتت تبتعد عن أقرب حلفائها في الصراع. ورأت الصحيفة أن سحب الاعتراض على طلب المدعي العام واستئناف دعم أونروا تظهر أن الحكومة مستعدة لممارسة المزيد من الضغوط على نتنياهو بسبب الرد العسكري الإسرائيلي القاسي في غزة. ويظهر أيضا أن ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، يهتم بالمؤسسات القانونية الدولية أكثر من الولايات المتحدة. وقالت إن تحالف بريطانيا الوثيق مع الولايات المتحدة كان سببا في حدوث صداع بين حزب العمال والعديد من أنصاره، الذين طالبوا بدعوة بريطانية أسرع لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
خلطة أكاذيب
في واشنطن اكتشف نتنياهو أن النصر الذي يريد تحقيقه مجرد وهم، ففي الوقت الذي قدم فيه للكونغرس خلطة أكاذيب عن «بطولات» الجنود الإسرائيليين في إنقاذ المدنيين وتوفير المواد الإنسانية وإنقاذ أعداد من الأسرى لدى حماس «بعضهم انقذ وأنا أتحدث» كما زعم، سارعت الصحف للتحقق من كلامه والتثبت من معلوماته، تماما كما تفعل كلما نطق ترامب بتصريح وزعم شيئا. ورأى مراسل صحيفة «التايمز»(25/7/20224) أن نتنياهو «حلب» الحاضرين لكلمته بأساطير عن بطولات الجيش الإسرائيلي وتفاخر بانتصارات إسرائيل وأمريكا التي تشترك معها بالأعداء وعاد مرارا إلى إيران. وطوال الوقت كان الحاضرون أو من شاهدوا خطابه، يبحثون عن أي إشارة عن خططه لما بعد الحرب، ولكنه كرر لازمته المعروفة وبدون تفاصيل عن غزة منزوعة السلاح وخالية من المتشددين، وحق إسرائيل في إدارة أمن غزة وللأبد.
ومن اللافت أن نتنياهو كان يتحدث عن انتصارات الجيش في غزة، ولكن «واشنطن بوست»(25/7/2024) قالت إن حكومة حماس لا تزال متمسكة في السلطة بمناطق في القطاع وأن مقاتليها يعودون إلى المناطق التي تنسحب منها القوات الإسرائيلية وبسرعة. وكان نتنياهو يعرف في قرارة نفسه أنه لا يخاطب الحضور الذي بدا متحمسا لكلامه، بل والجمهور الإسرائيلي الذي حاول تقديم صورة له انه الشخص الوحيد القادر على إدارة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية. ولكن الرأي العام الإسرائيلي لم يغير موقفه. وجاء في مقال نشرته صحيفة «الغاريان» (26/7/2024) قالت فيه تمار غليرزمان إن من العار على الكونغرس دعوته لإلقاء كلمة و«بصراحة تامة، فبنيامين نتنياهو هو عدو الشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني وكل إنسان على هذه الأرض يقدر قيمة الحياة الإنسانية. وهو مسؤول شخصيا عن أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر. والحقيقة أن إلقاءه كلمة في الكونغرس، في الوقت الذي سقط فيه عشرات الآلاف من القتلى في غزة، وعدم وجود صفقة رهائن في الأفق، يشكل إحراجاً للكونغرس ولكل ممثل حضر». وكان يجب على أعضاء الكونغرس المغادرة عندما بدأ بالحديث وليس الوقوف تصفيقا له. وعندما نتجاوز الموقف الإخلاقي فيجب ألا يكون هناك حوار مع هذا الرجل، لنفس السبب الذي يجعل الحوار مع ترامب مضيعة للوقت لأن كل ما تحصل عليه هو التلاعب بالرأي والتفاخر والكذب الجبان حول حصيلة القتلى في غزة ومحاولته لانقاذ الأسرى، مائدة من الكذب الجبان لم يستطع الكونغرس إمساك نفسه والتوقف عن التصفيق لها.
وتقول إن نتنياهو غارق بالدم حتى أنفه، دم الكثير من الإسرائيليين وعشرات الآلاف من الفلسطينيين. وللأسف فالدم هو طعام نتنياهو وهو ما يطيل أمد حكمه.
وهو ما أشار إليه النائب جمال بومان في «الغارديان» (24/7/2024). وهو الديمقراطي الذي أنفق اللوبي الإسرائيلي أموالا طائلة لمنع فوزه في الترشيحات التمهيدية عن نيويورك لمواقفه الداعمة لفلسطين. وقال: «أشعر بالاشمئزاز من أننا نسمح للرجل المسؤول عن تمزيق العائلات وقتل المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين ومنحه منصة أمام الكونغرس لمحاولة كسب الدعم والتمويل لحملة القصف العشوائية التي يقوم بها».
وبدا نتنياهو في النهاية زعيما صغير الحجم في الوقت العظيم، ولم يرتق للحظة التاريخية والتحولات العالمية من إسرائيل وما يجري في الولايات المتحدة. ولم يتحقق توقع توماس فريدمان في «نيويورك تايمز»(23/7/2024) من أن خطاب نتنياهو يحمل إمكانيات تحويلية: «نحن نتحدث عن لحظة بالغة الأهمية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط ومنذ اتفاق كامب ديفيد في السبعينات من القرن الماضي».