هو حتما تصفيق مخجل لا يليق بشرطي العالم، لكنها «الحقيقة الأمريكية» المرة!
شاهدناهم على شاشة «سي أن أن» بالبث المباشر المقصود: نساء من الكونغرس يقفن لـ»المجرم الكذاب»، ورجال في بدلات أنيقة يصفقون بحرارة ويمدون الأذرع لنتنياهو، بهدف مصافحته، متناسين شلال الدم الفلسطيني!
المصفقون «مجرمون» بالوكالة، ونتنياهو مجرد «كوميديان» كاذب يمثل مسرحية وكأنه «ديك مقاتل مخمور»، مثل ذلك الذي ظهر في أحد أفلام الأكشن على قناة «أم بي سي»، وظيفته «تسلية المترفين» الأمريكيين وإدخال بعض البهجة على «مصاصي دماء» الذين يبحثون عن مجرد قضاء وقت بدعوة التفوق.
«هتلر العصر الحديث» بامتياز لقب يستحقه نتنياهو، أسبغه عليه الرئيس أردوغان، فيما النظارة من أصحاب لقب «سيناتور» يصفقون للممثل الذي ينوب عنهم في مسرحية «الدم»، بعدما قالها مبكرا كوميديان آخر هو بلينكن عندما تحدث قائلا: «جئتكم بصفتي يهوديا».
منذ كنا صغارا كنا نغني ونحن أطفال في مناسبة «يوم الأرض» ونهتف «أمريكا هي هي.. أمريكا رأس الحية»!
هاجم إعلامنا المرعوب الإيراني لعقود لأنه يقولها «أمريكا.. رأس الشيطان»!
رواية «الحاجة» كامالا
مسرحية «الكونغرس» اختصرت الحكاية كلها، وأثبتت أن هتافنا الطفولي حول «رأس الأفعى» في سياقه التاريخي الصحيح، لأن نتنياهو ليس أكثر من «برغي» في ماكينة المشروع «الديني الأبيض المتطرف» الأمريكي.
لا أشتري رواية المرشحة كامالا هاريس عن «صدمتها من عدد الأطفال القتلى» بخمسة قروش، لأن محطة «سكاي نيوز» وهي تستضيف 3 محللين لخطاب كامالا يقترحون عودة القليل من «عهد أوباما» لم تبلغنا أن تصريح هاريس «الانتخابي» لعوب و»متأخر جدا» ومقترن بمشروخية «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها».
أي كلام على التلفزيون الرسمي الأردني خارج السياق الأخير «سهرة وناسه» تبيع الوهم.
فقط تلك السيدة، التي حملت يافطة صغيرة كتب عليها «نتنياهو مجرم حرب»، وسط مصفقي الكونغرس «فلسطينية وقومية ووطنية».
دون رشيدة طليب، التي لاحقتها كاميرا «الجزيرة» مرارا، فليسأل الجميع في النظامين الرسميين العربي والفلسطيني عن «أصله وفصله» وموقعه على رقعة الشطرنج، خلافا عن «أمه السياسية».
تستحق بطاقة السيدة رشيدة «زغروتة» على الطريقة السورية، ويستحق مشهد التصفيق «كل احتقارنا» أيضا.
«اعرف بلدك»
«أم الجمال»، القرية الصحراوية الخلابة في الأردن «إلى العالمية» بقرار من اليونسكو وفضائية «المملكة» تقدم لنا فورا طبقا طازجا من المعلومات.
حتما هذا «نبأ سعيد» ونصفق مع شاشة «المملكة» كمواطنين ونهنئ أنفسنا ووطننا ووزير السياحة مكرم القيسي، الذي تنطبق عليه مقوله «فاهم وحافظ».
في المقابل عدت للتو من «العقبة» وما يمكنني قوله في اختصار إن القطاع السياحي «نايم بالعسل» والتجاري على حافة الإفلاس، والسبب ليس «صواريخ الحوثيين» على «أم الرشراش المحتلة» المجاورة، ولكن العدوان الإسرائيلي نفسه.
سارع مواطنون في العقبة لالتقاط صور مع بعض «شظايا الاشتباك» الجوي مع العدو، ولا يضيرهم خسارة الموسم السياحي ما دام الشعب اليمني الحر الأبي قرر مشاغلة الإسرائيليين والرد عليهم.
عمليا من ضرب القطاع السياحي الأردني «العدوان» وأقل من ذلك تبريرات لن تقبل.
ما يخطر في ذهني وأنا أصغي لقناة «المملكة» – أدام الله فضلها على الأمة – هو أن «أم الجمال تراث عالمي» إنجاز حقيقي ومذهل بالتأكيد، لكن للحفاظ عليه، ولتدشين خط سياحي لاحقا على أصغر مسؤول في القطاع السياحي المحلي أن يبلغ العالم بعد الآن أن من يهدد البشرية برمتها وتراثها هو تلك الطائرات العسكرية، التي تشحنها الولايات المتحدة وتقصف بها إسرائيل لحم أطفالنا الأبرياء.
في المقابل، سعدنا بتلك الجولات المصورة التي ينظمها وزير الاتصال أيضا مهند مبيضين، تحت عنوان «اعرف بلدك».. يعجبنا أن تتجول كاميرا التلفزيون الرسمي وسط أهلنا في «مكاور» أو «لواء الكورة» مع قليل من الطعام الشعبي.
لكن يسعدنا أكثر لو تحدثت أذرع الحكومة في الإعلام الرسمي أكثر عن «الكيان والخطر والتهجير ومشروع الترانسفير». حبذا لو تنظم شاشات الحكومة ندوات متلفزة صريحة تبلغ الشعب الأردني بتصور «الدولة عما يجري» وتخفف من روع المواطنين.
أحدهم عدد «7» صفات وظيفية عليا شغلها ويشغلها أبلغني متحسرا: «لا أعرف ما هي خطتنا.. ليست لدي توجيهات.. لم أبلغ بما ينبغي أن أقوله مع الخواجات».
رئيس وزراء سابق قال: «الحكومة لم تتواصل معي بخصوص موقفنا».
إذا كان «علية القوم» حالهم كذلك.. فما هو حال المواطنين في قاع الأولويات؟
جميل جدا أن تهتم الحكومة بالترويج الثقافي والاجتماعي والسياحي.. فخورون طبعا بمكاور والكورة وأم الجمال.
لكن جميل أيضا في وقت الحرب وتغيير الخرائط والسيناريوهات المشبوهة أن تنشغل شاشات الحكومة، ولو قليلا في «تفصيح الناس».. الأجمل أن تقول لنا الحكومة كشعب ما هو الموقف، وكم هو مقدار المخاطر، وما الذي ينبغي علينا أن نحذر منه أو نفعله؟ المدهش ألا ننسى الحرب.
نعم أقولها بصراحة «هذا الصمت التلفزيوني مريب وغير مفهوم»!
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان