82 ألف طن من القنابل، 40 ألف قتيل، أكثر من 91 ألف جريح… هذه الأرقام ليست من هيروشيما التي تحيي هذا الأسبوع الذكرى السنوية الـ 79 لإلقاء الولايات المتحدة قنبلة ذرية عليها، بل هي من غزة، التي تتجاهلها دول العالم أجمع. مجزرة غزة تثير حزنا عميقا ليس فقط بين الشعوب الإسلامية، بل بين جميع شعوب العالم. هذه المأساة أصبحت الآن مسألة لا يمكن حلها إلا بتدخل مباشر من الدول الإسلامية. إذا تجرأت 5 دول فقط من بين أكثر من 50 دولة إسلامية وبدأت التحرك، فإن ذلك سيؤدي إلى ولادة جديدة لوحدة الشعوب الإسلامية وبناء عالم عادل. وها هي بنغلاديش، التي استلهمت من غزة، نفذت ثورتها الداخلية. ويبدو أن الثورات الجديدة لن تتحقق دون تقديم الشهداء.
لم يعد هناك أي بلد أو شعب في العالم يدعم الإبادة الجماعية، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وعدد من الدول وحان الوقت لإقامة نظام عالمي جديد وعادل
من الضروري جدا أن يتم تشكيل وحدة لمواجهة إسرائيل، ولا شك في أن فتح النقاش حول سبل إطلاق مثل هذه المبادرة هو بحد ذاته أمر مهم للغاية. والتصريح الذي أدلى به زعيم حزب الحركة القومية في تركيا دولت باهتشلي، مثير للاهتمام في هذا الإطار، حيث قال إن «تركيا يمكنها أن تقود مبادرة لإنشاء «ميثاق القدس» الذي سيساهم في تحويل المنطقة إلى «حزام للسلام»، معربا عن ثقته في أن هذه المبادرة سوف تلقى ردود فعل إيجابية في البلدان المعنية، وستكون خطوة تاريخية من شأنها أن تغير مصير غزة والقدس والمنطقة برمتها.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال تصريحات أدلى بها عقب لقاء مع نظيره المصري قبل أيام، إن «نتنياهو لا يريد السلام، وإنما يريد إشعال المنطقة كلها، وإن اغتيال الشهيد هنية أظهر للعيان أن نتنياهو لا يريد السلام وأن إسرائيل تريد العنف والتوسع. يجب على الذين يدعمون إسرائيل أن يتراجعوا عن هذا الخطأ في أسرع وقت ممكن. وإذا لم تتوقف المذبحة في غزة، فلن تدفع منطقتنا وحدها، بل العالم كله، ثمنا باهظا، معلنا أن تركيا ستقدم في لاهاي بعد أيام قليلة ملف انضمامها إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية، وبالفعل قدم المسؤولون الأتراك الطلب بشكل رسمي إلى المحكمة لتكون تركيا بذلك الدولة السابعة التي تتقدم بطلب الانضمام. بدوره تحدث مقرر حقوق الإنسان السابق في الأمم المتحدة وعالم السياسة، البروفيسور ريتشارد فالك، لوكالة الأناضول (AA)، عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي في غزة ونواقص النظام الدولي. وقال في هذا الإطار «غزة قد تكون أسوأ مثال على عجز المجتمع الدولي عن وقف الانتهاكات الرهيبة لحقوق الإنسان والقانون الدولي»، من جهته قال مقرر الأمم المتحدة السابق المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، في معرض حديثه عن الأوضاع في قطاع غزة: «أصبح الاحتلال الإسرائيلي بأسره غير قانوني الآن. وقد قيل لإسرائيل إنه يجب عليها أن تغادر المناطق المحتلة بالكامل وفي أسرع وقت ممكن». أما أستاذ العلوم السياسية الأمريكي الشهير جون ميرشايمر، فأشار إلى أن إسرائيل تعاني من العجز، وقال: «إسرائيل التي لم تستطع هزيمة حماس، فهل ستتمكن من هزيمة حزب الله؟ كدولة أمريكية، قدمنا لها 18 مليار دولار هذا العام فقط، ومع ذلك لم يتمكنوا من تحقيق النصر. إنهم يغرقون بشكل أعمق وأعمق». وأعلنت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية «بيتسلم» أن السجون الإسرائيلية قد تحولت إلى «معسكرات تعذيب» بسبب تعرض الفلسطينيين في هذه السجون لعمليات تعذيب قاسية مثل العنف الجسدي والجنسي، والجوع والحرمان من النوم. وقد عرض تقرير المنظمة شهادات معتقلين سابقين، بينهم أطباء وشخصيات سياسية وأكاديمية وحقوقية وطلاب جامعات ونساء وأطفال، حول ما عاشوه في السجون الإسرائيلية بعد بدء الهجمات على غزة في 7 أكتوبر 2023.
ختاما؛ لم يعد هناك أي بلد أو شعب في العالم يدعم هذه الإبادة الجماعية، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وعدد قليل من الدول الصغيرة. لذا، فإن ما يجب القيام به واضح جدا: لقد حان الوقت لإقامة نظام عالمي جديد وعادل، سواء للمنطقة أو للعالم بأسره. فيا أيها السياسيون وأيها المثقفون في هذه المنطقة؛ أظهروا قليلا من الشجاعة…
كاتب تركي