خسائر إسرائيل الاستراتيجية

ثمة خسائر إسرائيلية استراتيجية تكبدتها دولة الإبادة الجماعية إسرائيل منذ بداية عدوانها على قطاع غزة في تشرين أول /أكتوبر الماضي.
ومع استمرار المقاومة الفلسطينية تكشفت بشكل جلي هشاشة إسرائيل على المستوى الأمني والسيبراني، الأمر الذي دفع آلافا من الشباب اليهود إلى خارجها باتجاه القارة العجوز وأمريكا.

الخسارة الأهم

تعتبر الهجرة المعاكسة للشباب اليهود الإسرائيليين بمثابة الخسارة الاستراتيجية الأهم، في وقت تسعى فيه المؤسسات الإسرائيلية إلى جذب مزيد من المهاجرين اليهود من آسيا وإفريقيا والأرجنتين إلى فلسطين المحتلة بعد تراجع أرقام الهجرة من أوروبا وأمريكا وكندا، لتوفير المادة البشرية لدولة الإبادة الجماعية إسرائيل وجيشها، بغرض الاستمرار في ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني واحتلال مزيد من الأراضي العربية.
ويكمن السبب الرئيسي في هجرة اليهود من فلسطين المحتلة إلى خارجها في الآونة انعدام الأمن الإسرائيلي من جهة وعدم ارتباطهم بهذه الأرض بكونها وطن الشعب الفلسطيني الوحيد من جهة ثانية؛ في حين تعود أصول يهود إسرائيل إلى أكثر من (110) دولة في العالم.
وقد أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى مغادرة الآلاف من الإسرائيليين من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد اندلاع العدوان الإسرائيلي الشرس على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وتكميم الأفواه واستمرار المقاومة الفلسطينية رغم الآلام الكبيرة، الأمر الذي دفع أكثر من (400) ألف إسرائيلي باتجاه أوروبا وأمريكا وغالبيتهم من جيل الشباب، ليضاف هذا العدد إلى (500) ألف إسرائيلي كانوا خارج الأراضي المحتلة خلال عملية طوفان الأقصى قبل أكثر من عشرة أشهر، ولم يعودوا إلى الآن، ومن غير المعروف ما إذا كان هؤلاء الفارون من إسرائيل سيعودون إليها أم لا.

مجرمو الحرب

لأول مرة منذ إنشاء إسرائيل قبل ستة وسبعين عاماً، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أخيراً مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ووزير العدوان الإسرائيلي “يوآف غالانت” بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ما يعتبر خطوة هامة وتجريم استراتيجي لإسرائيل يبنى عليه لجهة الطلب في جر مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى العدالة الدولية بآليات ووسائل متسارعة لنيل عقابهم، فهل ستكون قرارات محكمتي الجنائية والعدل الدوليتين نقطة البداية؟
ومع استمرار رفع دعاوى على إسرائيل للمنظمات الدولية من قبل عدد من دول العالم لارتكابها عمليات إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، يزداد الهلع الإسرائيلي، خاصة وأن دولة كالنرويج لوحت باعتقال قادة إسرائيليين على خلفية إدانتهم من قبل منظمات دولية والمطالبة باعتقالهم.

الاقتصاد والنزوح

ألحقت الحرب على الشعب الفلسطيني أضرارا جسيمة باقتصاد إسرائيل، وكبدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل خسائر مالية فادحة، بسبب الإجراءات الاقتصادية المختلفة وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو خلال الشهور العشرة الماضية.
وتسببت الحرب في إجلاء ما يقارب 300 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال، حوالي (40) في المائة منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم، حيث تم إيواؤهم في (438) فندقا ومنشأة، وهو ما كلف الوزارات الحكومية نحو ملياري دولار أمريكي.
ويعتقد محللون اقتصاديون في إسرائيل، أن تركيبة العجز المتفاقم في الموازنة الذي وصل إلى أكثر من (6) في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي، يتوقع أن يصل (6) وستة أعشار في المائة في نهاية 2024.
لقد تعطل الاقتصاد الإسرائيلي وتكبد خسائر فادحة منظورة، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بلغت أكثر من (75) مليار دولار حتى آب /أغسطس الجاري ،وستصل قيمة الخسائر التراكمية إلى (90) مليار دولار في نهاية العام الجاري 2024، جنباً إلى جنب مع استمرار ارتفاع فاتورة الديون والعجز في الموازنة وإغلاق المئات من المنشآت الاقتصادية الإسرائيلية، وهذا يعتبر بحد ذاته خسارة إسرائيلية استراتيجية للمجتمع والاقتصاد الإسرائيلي ، ولا يمكن تعويضها بأي شكل من الأشكال عبر المساعدات الأمريكية السنوية اللوجستية، التي تصل إلى ثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون دولار.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية