كان جمال ليلى طاهر الهادئ وملامحها الرومانسية هما جواز مرورها إلى عالم الشهرة والأضواء. فالفتاة الرقيقة خريجة المعهد العالي للخدمة الاجتماعية التي كانت مؤهلة لتكون أخصائية اجتماعية، تحول مسارها إلى مجال آخر بفضل المخرج التلفزيوني روبير صايغ الذي رأى فيها مقومات النجمة الإعلامية فعهد إليها بتقديم برنامج مجلة التلفزيون، حيث واكب ذلك بداية إطلاق إرسال التلفزيون المصري عام 1960.
وبالفعل اقتنصت شيرويت مصطفى إبراهيم فهمي الفرصة وقامت بتقديم البرنامج لفترة طويلة فاكتسبت خبرات عديدة وتمرست على الوقوف أمام الكاميرا ومواجهة الجمهور فصار لها جمهور من مُريدين ومُعجبين.
من هنا لفت نجاحها نظر المُنتج رمسيس نجيب الذي عرض عليها العمل في السينما وأسند إليها دور مهم في فيلم «أبو حديد» مع نجم الشباك آنذاك فريد شوقي فكانت البداية التي تغير معها اسمها من شيرويت مصطفى إلى ليلى طاهر، ويعود اختيار اسم ليلى إلى سببين رئيسيين أولهما أن الفتاة الجامعية الجميلة كانت من أشد المُعجبين بالمطربة ليلى مُراد، أما السبب الثاني فهو مُرتبط بإحدى الشخصيات الروائية للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس التي تم اقتباس اسمها ليُشار به للفتاة الموهوبة.
رأى رمسيس نجيب أن اسم ليلى طاهر هو الأليق فنياً فتم استغلاله وإشهاره وبات هو اللقب الذائع والمُعتمد، خاصة بعد نجاح فيلم «أبو حديد» وقبول الجمهور للوجه الجديد الباعث على الرومانسية والتفاؤل والمعروف مُسبقاً من خلال شاشة التلفزيون التي مهدت الطريق لصعود النجمة الشابة.
توالت العروض السينمائية على ليلى طاهر فتركت العمل كمذيعة وتفرغت للتمثيل ولم تجد ما يعوق مسيرتها كما هو معهود بالنسبة للفتيات اللائي دخلن الوسط الفني على غير رغبة الأهل فعانين الكثير جراء المواجهات والتحديات الأسرية والاجتماعية الصعبة.
لكن لأن والد ليلى طاهر كان مهندساً زراعياً وعلى قدر كبير من الثقافة والتحضر لم يشأ أن يكون حائلاً بين ابنته ومستقبلها، بيد أنه اشترط عليها الالتزام بالمعايير الأخلاقية والإنسانية في ما تؤديه من أدوار، وربما وضح ذلك في غالبية ما قدمته الفنانة الكبيرة على مدار تاريخها الفني كله.
أفلام تلفزيونية ناجحة
ارتبطت شيرويت أو ليلى فنياً بالفنان صلاح ذو الفقار، حيث تكررت تجاربهما السينمائية المشتركة، فوفق ما صرحت به الفنانة ذاتها أن أنجح أفلامها في البداية كان فيلم «زوج في إجازة» الذي لعبت فيه دور البطولة أمام رفيق دربها ومشوارها الإبداعي عام 1964.
كما أنها شاركته أيضاً في أفلام أخرى مهمة مثل «الأيدي الناعمة» و«الناصر صلاح الدين» وبعض الأفلام التلفزيونية والمُسلسلات الناجحة كالأسطى المدير وعائلة شلش وغيرها.
وهناك علامات فنية في مشوار ليلى طاهر ساهمت بشكل كبير في نجوميتها من أشهرها فيلم «عفواً أيها القانون» مع نجلاء فتحي ومحمود عبد العزيز وفريد شوقي، وترجع أهمية هذا الفيلم إلى أنه ناقش في وقت مبكر قضية الزواج وعلاقة الزوج بالزوجة في ضوء الظروف غير العادية والصعبة، وأشار الفيلم إلى أهمية احتواء الأزمات والبُعد عن مصادر التكدير وعدم الانسجام.
كذلك شاركت الفنانة الكبيرة في أفلام أخرى على نفس المستوى من الإجادة والتميز كان لها تأثير بالغ في إحداث تحولات مُجتمعية إيجابية مثل فيلم «المُدمن» لأحمد زكي ونجوى إبراهيم و«الطاووس» لنور الشريف ورغده و«قطة على نار» و«حكمت المحكمة» و«اعترافات امرأة» و«معسكر البنات» و«زمان يا حب» مع رشدي أباظة و«امرأة في دوامة» و«عاشت للحُب» و«سنوات الحُب» و«للنساء فقط» و«لا تُطفئ الشمس».
والمُلاحظ هنا هو ارتباط كثير من أدوار ليلى طاهر بالقصص الرومانسية ومحتواها العاطفي والإنساني وحرصها على إبراز الجوانب النفسية والأخلاقية في علاقة الرجل بالمرأة بعيداً عن السطحية والمُباشرة والجوانب التجارية المُنشطة لشباك التذاكر، فلم تُضبط ليلى طاهر مُتلبسة بأداء مشهد خارج أو خادش للحياء، فهي حريصة على نقاء رسالتها الإبداعية ومثاليتها وربما يكون تمسكها بالتقاليد والمبادئ الشرقية ورفضها للابتذال قد أخر تقدمها بعض الشيء في السينما بالتحديد وجعلها أقرب إلى الأعمال التلفزيونية، خاصة في الفترة الأخيرة قبل اعتزالها.
لقد نجحت ليلى طاهر في تعويض ما فاتها في السينما بالتركيز في الدراما التلفزيونية التي اجتهدت فيها لتُحافظ على تميزها والسير في مسارها الصحيح بدون أن تنجرف لما يُسيء إلى تاريخها بقبول أعمال وأدوار أقل قيمة وتحت مستوى إمكانياتها كممثلة قديرة وضالعة في تجسيد الأدوار المهمة سواء كانت أم أو سيدة أرستقراطية أو سيدة أعمال أو غير ذلك من الأنماط الاجتماعية المعهودة. في المسرح كان للفنانة أيضاً إسهامها المتميز فهي بطلة مسرحية «الدبور» التي كانت سبباً مباشراً في شهرتها مع إبراهيم سعفان وأبو بكر عزت وكذلك مسرحية «سنة مع الشغل اللذيذ» و«غراميات عفيفي» و«رجل لكل بيت» و«كومبارس الموسم» و«انتبهوا أيها الأزواج».
وفي وقت إنتاج السهرات التلفزيونية كان لها أيضاً أدوارها الخاصة في أعمال مثل بيت أزياء ماما وحكايات اليومين دول وزمن الحنين وتحت ظلال السيوف.
لقد تنوع الأرشيف الفني للفنانة ليلى طاهر فجمعت بين كل ألوان الأداء والشخصيات وتميزت أيما تميز في كل ما قدمته فصار لها رصيدها الوفير الحافل بما يشهد لها بجزيل العطاء وصدق الموهبة وطول المسيرة.