تونس ـ «القدس العربي»: دعا الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، إلى ما سماه “المقاطعة النشطة السلمية” للانتخابات الرئاسية، داعياً “الدولة العميقة” إلى إعادة السلطة للشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة.
ودون على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك: “الطريقة التي يتعامل بها المنقلب مع جل المترشحين للانتخابات الرئاسية المزعومة لا تدل لا على كثير من الذكاء ولا على كثير من الثقة بالنفس”.
وأضاف: “على كل الأطراف السياسية في هذه المرحلة الحرجة أن تتذكر لبناء استراتيجياتها المستقبلية أن سبب تمسك الانقلابيين بالسلطة واستحالة اقتلاعهم منها بالانتخابات ليس نتيجة تعلقهم بهذه السلطة وإنما نتيجة خوفهم من المحاسبة، والمنقلب أول من يعلم أنه لن يخرج من قرطاج إلا للسجن أو لمستشفى الأمراض العقلية، ومن ثم عبث المراهنة على انتخابات حرة ونزيهة معه. وعلى شعب المواطنين أن يتحمل مسؤولياته في وقف تخريب تونس وتدميرها لخمس سنوات أخرى من قبل شخص غير شرعي غير سوي وخاصة غير كفؤ”.
وأضاف: “ولا يمكن هذا إلا بتنظيم المقاطعة النشطة السلمية حتى تكون نسبة المشاركة أضعف ما يمكن، ما سيمهد للمطالبة الجماعية برحيل حادث الطريق هذا وإعادة دستور الثورة ودولة القانون والمؤسسات وإلغاء كل التشريعات والمؤسسات للانقلاب”.
إعادة السلطة للشعب
وتابع المرزوقي بالقول: “على الدولة العميقة -أي المؤسسة العسكرية والأمنية- التي قد تراهن على بقاء هذا المسكين أن تفهم أنها لن تؤخر إلا لحظة الحسم، أي إخراجه بانقلاب طبي كما حدث لبورقيبة، أو بثورة شعبية كما حدث لبن علي. ومن ثم واجبها حماية البلاد من هبات لا تعرف عواقبها وحماية لنفسها من المحاسبة، من خلال إيقاف هذه المهزلة المشينة وإعادة السلطة للشعب عبر انتخابات كالتي ضمنتها الثورة على الصعيد البلدي والتشريعي والرئاسي؛ لإعادة وضع القطار على السكة ومواصلة مشروع بناء دولة القانون والمؤسسات”.
من جانب آخر، اتهم عدد من الخبراء هيئة الانتخابات بخرق مبدأ الحياد و”إساءة” استعمال القانون لإقصاء المرشحين للرئاسة وتمهيد الطريق أمام الرئيس سعيد للبقاء في الحكم.
وكتب سامي بن سلامة، العضو السابق في الهيئة: “كي تتم إدانة مرشح ما للانتخابات الرئاسية قضائياً من أجل تدليس التزكيات التي جمعها، ومن ثم توفير فرصة حرمانه من صفة المترشح التي اكتسبها بعد انتهاء أجل الطعون في قرار الهيئة، أو لكي تمكن الهيئة من إلغاء كل الأصوات التي تحصل عليها إثر الدور الأول أو الثاني من الرئاسية، يجب على القضاء أن يثبت أنه متورط شخصياً في عملية التدليس”.
وأضاف: “ومن هذه الناحية، تكون الهيئة المكلفة ارتكبت خطأ “شنيعاً” لا علاج له، أغلق باب المناورة أمامها وأمام من قد يفكرون في استعمال التزكيات كذريعة لإسقاط المرشحين، فهي سدت -رغبة في التضييق وبدون أن تدري- جميع مجالات إدانة المترشح المعني بالأمر بعد فرضها استمارة رسمية للتزكية. فلم تعد التزكيات تجمع على ورق عادي من طرف أي كان، حيث يمكن بسهولة تامة اتهام المترشح وإدانته وإسقاطه باعتباره المسؤول النهائي عن تقديم وثائق مدلسة في ملف ترشحه المقدم من طرفه شخصياً أو من نائبه للهيئة”.
وأوضح أكثر بقوله: “إن استمارة التزكيات الرسمية التي أصبحت تحتوي اسم المسؤول عن جمعها أكبر هدية للمترشح للرئاسة. فما دامت تضم اسم من يكلف بجمعها رسمياً ومن يسأل عن أي خلل فيها أو عن إمكانية تدليسها، فلا يمكن سؤال المترشح للرئاسة عنها ولا تحميله مسؤوليتها. هل يمكن سؤال شخص عن جريمة لم يرتكبها ولم يشارك فيها؟ أليست العقوبة شخصية في جميع قوانين الدنيا؟”.
وعلق الخبير الدستوري أمين محفوظ، بالقول: “فضلاً عن أن القانون الأساسي للانتخابات لسنة 2014 ضبط بدقة الجرائم الانتخابية ولا يمكن بالتالي تتبع كل من تدخل في الشأن الانتخابي خارج “باب الجرائم الانتخابية” التي تضمنها هذا القانون، وإلا اعتبر تعطيلاً لأحد المترشحين وخرقاً لمبدئي الحياد والمساواة”.
قطع الطريق على منافسي سعيد
واتهمت منظمة “أنا يقظ” هيئة الانتخابات بالعمل على تمكين الرئيس قيس سعيد من البقاء في الحكم وقطع الطريق على منافسيه.
وقالت في بيان على موقع فيسبوك، إنها تلقت “إعلاماً من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات برفض طلب اعتمادها لملاحظة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 متعلّلة بعدم احترام المنظّمة لواجب الحياد والاستقلالية والنزاهة إزاء جميع المتدخلين في العملية الانتخابية، دون بيانها بطريقة واضحة لأوجه عدم الحياد”.
وأكدت أنها راسلت الهيئة في ثلاث مناسبات بهدف “مدّها بالأسس التي قامت بالاستناد عليها لتقييمها بأنها غير محايدة، لكن لم تتلقّ إلى حدّ اللحظة أي ردّ، وهو ما يبين أنّ هذا القرار هو قرار يفتقد لكلّ موضوعية، وعليه فقد قامت المنظّمة باستعمال حقّها في التقاضي لإلغاء قرار الهيئة في رفض طلب الاعتماد”.
واعتبرت المنظّمة أنّ رفض الهيئة لطلبها في الاعتماد “لم يكن مفاجئاً في ظلّ تحول الهيئة إلى ذراع يخدم مصالح رئيس الجمهورية للفوز بولاية ثانية بأيسر الطرق. ومن الواضح والجلي أنّ الهيئة قد أصبحت تخشى كلّ من يقوم بمساءلتها أو بمساءلة رئيس الجمهورية، خاصّة أنّ قرار الرفض قد صدر بعد أيام قليلة من إعلان منظمة “أنا يقظ”عن نتائج سعيد ميتر: حصيلة 5 سنوات من الحكم حيث كانت هذه النتيجة سلبية”.