عملية «يوم الأربعين»: معارك الصواريخ والتصريحات!

حجم الخط
0

نفّذ «حزب الله» اللبناني قصفه الأوسع منذ بدء المواجهات مع إسرائيل التي تلت عملية 7 تشرين أول/أكتوبر في غلاف غزة. الهجوم الذي بدأ فجر أمس الأحد (الخامسة صباحا) ردا على اغتيال تل أبيب للقياديّ فيه فؤاد شكر، شمل إطلاق 340 صاروخا (كما أكد الأمين العام للحزب في حديثه أمس) إلى 11 موقعا عسكريا في عمق إسرائيل، وتبع ذلك عملية بالمسيرات الهجومية.
أعلنت إسرائيل، في المقابل، عن تنفيذ هجوم «استباقي» (بحدود الرابعة والنصف صباحا) استخدمت فيه 100 طائرة استهدفت 200 موقع في لبنان، وأدت هذه الضربة، حسب إذاعة جيش الاحتلال، «إلى منع الهجوم الواسع النطاق على البلاد» الذي كان يستهدف، حسب رئيس الأركان الإسرائيلي، «منشآت استراتيجية وسط إسرائيل».
بعد ساعة من هجوم الحزب أعلن جيش الاحتلال حالة الطوارئ لثماني وأربعين ساعة، كما أعلنت السلطات الإسرائيلية إجراءات عديدة في مناطق واسعة من الشمال، كما أوقفت مطار بن غوريون (الذي توقّف عدد كبير من شركات الطيران عن إرسال رحلات إليه) وأطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تصريحات قال فيها إن «الجيش الإسرائيلي دمّر آلاف الصواريخ قصيرة المدى» وأنه اعترض «جميع الطائرات المسيّرة التي أطلقها حزب الله وسط إسرائيل» معتبرا ما حصل خطوة أخرى نحو تغيير الوضع في الشمال «وإعادة سكاننا إلى منازلهم بأمان» وأن ما فعلته إسرائيل «ليست نهاية القصة».
ألقى حسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله» بعد ذلك كلمة سمّى فيها الهجوم «عملية يوم الأربعين» (إشارة إلى حصولها يوم أربعينية الإمام الحسين) وكشف أن «الهدف النوعي» الذي أشارت إليه مصادر الحزب كان قاعدة غليلوت للمخابرات العسكرية (شعبة أمان) وقاعدة عسكرية قربها، وأن عددا من الصواريخ والمسيّرات وصل إلى الهدف، نافيا أن يكون الحزب أطلق آلاف الصواريخ، أو أن خطته تضمنت هجمات على المدنيين مؤكدا أن حصول ضحايا مدنيين سابقا كان سببه صواريخ اعتراضية إسرائيلية (في إشارة إلى الحادثة الأليمة لمصرع 12 فتى وفتاة في بلدة مجدل شمس الدرزية الشهر الماضي. كما نفى استخدام صواريخ دقيقة أو باليستية (مهددا باستخدامها لاحقا).
أكّد نصر الله حصول ضربة استباقية إسرائيلية فعلا لكنه قال إنها دمرت العشرات من منصات الصواريخ وأن لدى الحزب «آلاف المنصات» كما اعتبر التصريحات الإسرائيلية عن اعتراض آلاف الصواريخ «ادعاءات كاذبة».
إضافة إلى كونها المواجهة الأوسع التي جرت بين «حزب الله» والدولة العبرية فإن الوقائع تشير إلى وجود فارق كبير بين الروايتين، ولا يمكن للتحليل الموضوعي لهاتين الروايتين ألا يلاحظ الارتباك الذي شاب التصريحات الإسرائيلية، والذي يعكسه الاختلاف بين روايات المصادر الإعلامية والعسكرية، مثل الحديث عن 8000 إلى 6000 صاروخ التي قيل إنها كانت ضمن خطة الحزب للإطلاق وأن عملية إسرائيل الاستباقية أجهضتها، أو أن الحزب كان يستهدف مناطق مدنية، أو حديث وسائل إعلام «يديعوت أحرونوت» عن استهداف مقر الموساد شمال تل أبيب، وكذلك حديث نتنياهو عن إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم وهو الأمر الذي تناقض مع قطع المجالس الاستيطانية هناك لعلاقتها مع الحكومة احتجاجا!
معلوم طبعا أن الحزب، بعد الاغتيالات العديدة التي تعرّض لها قياديون كبار فيه، قد تأثّر كما تأثرت حاضنته الاجتماعية الداخلية، وأنه استشعر ضرورة استعادة هيبته ومصداقيته ليس عبر الصواريخ والمسيّرات فحسب بل عبر التصريحات التي كان خطاب نصر الله أمس متوازنا فيها.
من جهة أخرى، ورغم الغطرسة الهائلة التي يخلقها مزيج القوة العسكرية والأمنية لإسرائيل المحميّة بالقوة الأكبر عالميا، وبدون أن نغض النظر عن حصول «الضربة الاستباقية» التي أعلنتها تل أبيب، فمن الصعب عدم ملاحظة الاهتزاز الذي يخترق هذه القوة، والمبالغات في تصريحات نتنياهو، وهي أمور تقول إن «الضربات الاستباقية» والقوة الغاشمة في غزة، وإرهاب المنطقة العربية والإقليم، كلّها أمور لا تنفي الصدع الكبير الذي تعرّضت له إسرائيل والذي ستظهر الحقبة المقبلة مفاعيله عليها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية