السقا على «شاشة المملكة» مع المومني: هل تقلصت «الأضواء الحمراء» ضد الإسلاميين في انتخابات الأردن؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

بدأت شخصيات إسلامية تثير الانطباع بأن موقف مؤسسة القصر الملكي في ملف الإسلاميين والانتخابات أكثر ليونة من موقف الحكومة وبعض أجنحة المنظومة البيروقراطية.

عمان ـ «القدس العربي»: ظهور الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني المهندس وائل السقا على شاشة برنامج حواري في فضائية المملكة تحديدا يرفع من منسوب احتمالات تخفيف حدة المواجهة عشية انتخابات 10 أيلول/سبتمبر المقبل. وقد يساهم في استنساخ حالة توحي فيها السلطات الرسمية بعدم وجود أضواء حمراء تماما أو للغاية تستهدف الإسلاميين حصرا في البلاد.

استضافة المهندس السقا تحديدا مع انه يترأس أمانة الحزب الأكبر في البلاد قد عبر عن خطوة متلفزة ومدروسة وتحظى بالضوء الأخضر في سياق الجدل المحتدم، لأن السقا نفسه تنظر له الحكومة باعتدال شديد وتعتبره من رموز حالة التفاهم التكتيكي التي رصدت قبل نحو عامين مع الجناح المعتدل في الحركة الإسلامية عندما كان الأخير نشطا جدا في اللجنة الملكية التي صاغت وثيقة تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
وجود السقا أساسا على رأس حزب الجبهة قبل الانتخابات كان أقرب إلى رسالة تطمين من تيار الصقور في الحركة الإسلامية توحي بالبحث عن تفاهمات وتؤشر على أن التيار الصقوري لا يخطط لاحتكار مواقع الصف الأول في مؤسسات الحزب والحركة خصوصا بعدما اعتلى الشيخ مراد العضايلة صاحب خطاب حماية الوطن من الأطماع الصهيونية سدة منصب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين.
بالعادة لا تستضيف التلفزيونات الرسمية رموز الحركات الإسلامية.
ومؤخرا بدأت شخصيات إسلامية تثير الانطباع بأن موقف مؤسسة القصر الملكي في ملف الإسلاميين والانتخابات أكثر ليونة من موقف الحكومة وبعض أجنحة المنظومة البيروقراطية، الأمر الذي لو كان دقيقا لأصبح معه الحديث عن إطلالة المهندس السقا على شاشة فضائية المملكة المحسوبة على لوجستيات الدولة بكل حال خطوة في إطار سياسي وليس حزبيا فقط.
ما يزيد الاستنتاج بسيناريو بروز نظرة واقعية عشية الانتخابات لأهمية مشاركة الإسلاميين تحديدا هو أن مذيع المملكة النشط عامر الرجوب جمع في برنامجه الحواري السقا بالأمين العام لحزب الميثاق وهو الحزب الوسطي الأضخم والأهم لا بل قد يكون الحزب الوحيد الذي تقدم ببرنامج سياسي متكامل في التيارات الوسطية قبل الانتخابات.
وجود الدكتور محمد المومني أمين عام الميثاق على كادر الشاشة مع السقا في خطاب متبادل لم يكن منفرا من الطرفين ولم تظهر فيه مؤشرات خصومة بقدر ما ظهرت سياسات وطنية حريصة خطوة سياسية تأملية بامتياز بكل الأحوال.
ولعل ذلك ما التقطته مجسات نقابي بارز خبير مثل أحمد أبو غنيمة عندما نشر صورة للحوارية بين المومني والسقا برفقة اقتراح يعتبرها لحظة مهمة وفارقة وطنيا تسمح بفرضية التجهيز للتعاون بين أكبر حزبين يمكن أن يحصلا على مقاعد في البرلمان في الانتخابات الوشيكة.
ما تشير له تلمحيات أبو غنيمة شبه إقرار بأن حزب جبهة العمل الإسلامي لاعب مهم في الانتخابات من جهة الأوساط التي تدير حواريات الإعلام الرسمي على الأقل، فيما الإيحاء يحتمل هنا أيضا القول بأن حزب الميثاق الذي يصف نفسه بانه حزب الدولة في تجربة التحديث لا يوجد ما يمنعه أصلا وأساسا من خوض المنافسة الانتخابية بقواعد لعب سليمة وقد لا يوجد ما يمنعه لاحقا حتى من التعاون مع الإسلاميين في السلطة التشريعية.
سمعت «القدس العربي» مباشرة من شخصيات بارزة في التيار الإسلامي انحيازا لإيجابية الخطاب الذي يطرحه حزب الميثاق وتقديرا لحملات الحزب نفسه الانتخابية التي خلت من التشكيك بالإسلاميين وافتراضا يقول بأن حزب الجبهة في القوائم الانتخابية الحزبية يتقبل فكرة أن يحل ثانيا بعد حزب الميثاق وليس أي حزب آخر.
بالمقابل سمعت «القدس العربي» أيضا من المومني نفسه ما يشير إلى أن نزاهة العملية الانتخابية وإجراءات يوم الاقتراع مسألة حسمت بالقرار المركزي وما يشير إلى أن حزب الميثاق يتقبل التنافس مع حزب الجبهة الإسلامية وغيره بكل روح رياضية والمومني تحدث عن ما يتجاوز السعي تماما لإنجاح الرؤية التحديثية برمتها باتجاه الاستعداد لاشتباك وطني منجز حتى بعد الانتخابات دلالاته مصلحة الوطن الأردني بالمقام الأول واستعداد نواب الحزب بعد النتائج للتعاون مع أي حزب آخر حتى لو كان يمثل التيار الإسلامي التقليدي في إطار المساحات الوطنية المشتركة.
لذلك الصورة التي يظهر فيها المومني محاورا برفقة السقا على كادر ومنابر فضائية المملكة في الشكل تستحق التأمل العميق وفي مضمون التلاقح الحواري تستوجب نظرة واقعية لمستقبل مسار التحديث السياسي بدون الغوص في فكرة التعاكس والتناقض، أو في مقترحات تفترض بأن لحزب الميثاق أهداف باطنية مثل تقليص حضور الإسلاميين أو غيرهم، فما تقوله أدبيات الميثاق حتى اللحظة بنظافة تنافسية انتخابية هو الحرص على اكتمال ونضج مسيرة التحديث السياسي ضمن مفهوم يرى المومني ورفاقه أن الأيديولوجية الوحيدة التي تحكمه أو ينبغي أن تفعل هي أيديولوجيا المصلحة الوطنية العليا.
المشهد قد يعني الكثير الآن. وقد يعني الكثير لاحقا والانتخابات عندما يتعلق الأمر بفاتورة النزاهة من عدمها قد تحدث تغييرا لا يستهان به حتى وان عارضته الآن أو شاغبت عليه قوى الشد العكسي المحافظة التي ليس صدفة انها ضد الميثاق وجبهة العمل الإسلامي معا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية