ستة أسرى و2,4 مليون رهينة!

حجم الخط
0

عثر الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، على جثث ستة من الإسرائيليين الذين أسرتهم حركة «حماس» خلال عمليتها في 7 تشرين أول/ أكتوبر، ويظهر أن العثور على الرهينة فرحان القاضي حيّا في موقع يبعد قرابة كيلومتر واحد عن هؤلاء هو الذي قاد الإسرائيليين للعثور على الجثث.
أطلق ذلك ردود فعل إسرائيلية داخلية يرجّح أن تمثّل نقطة الذروة لجهد أهالي الإسرائيليين المحتجزين في القطاع وفي مواقف الساسة والأحزاب الإسرائيلية المناهضين لحكومة بنيامين نتنياهو، كما صعّد الخلاف داخل الحكومة نفسها مع وزير الحرب الذي طالبه بالتراجع عن موقفه المصرّ على عدم الانسحاب من «محور فيلادلفيا» (صلاح الدين) الذي يقف عقبة في وجه الاتفاق مع «حماس» على «إعادة الرهائن» وبدأ الشارع الإسرائيلي وبعض مؤسساته النقابية بالتحرّك بمظاهرات في عدة مدن مع تصاعد الدعوات لإضراب عام.
نقلت صحيفة «هآرتس» عن «مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى» تحليلا شديد النقد لنتنياهو يقول إن «وحشيته لم تنكشف بكل قبحها إلا في الأشهر القليلة الماضية» محمّلا وزراء الليكود مسؤولية مقتل الأسرى لأنهم «أضفوا طابعا من القدسية على محور فيلادلفيا» وخلصت الصحيفة إلى أنه بعد أن كان نتنياهو «وحيدا في الساحة السياسية» غير أن «ثقته بنفسه زادت مع تزايد المسافة عن خطر إقالته».
حاول نتنياهو، كالعادة، تحويل الحدث لصالحه فقال إن «من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقا» مهددا قادة الحركة بمطاردتهم و«تصفية الحساب معهم» فيما صعّد شركاؤه الأكثر تطرّفا في الحكومة دعوات القتل والحصار والتجويع ضد الفلسطينيين، فدعا بن غفير إلى قتل المعتقلين الفلسطينيين ووقف تنقل السكان في الضفة الغربية، فيما دعا زميله سموتريتش إلى «تقليص مساحة غزة».
أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته المرشحة للرئاسة كامالا هاريس تصريحات حول مقتل أحد الأسرى، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، كما حظيت أسرة أسير آخر، يحمل الجنسية الروسية، بـ«امتياز خاص» من قبل نتنياهو، الذي قام بالاعتذار لها على مقتل ابنها.
ردّت «حماس» على الواقعة بالقول: إنها كانت قد وافقت على إطلاق سراح بعض الرهائن الذين عثر على جثثهم في حال تم التوصل إلى هدنة، وحمّل أحد قيادييها، عزت الرشق، مسؤولية موت الأسرى للاحتلال والإدارة الأمريكية، و«أن الحركة كانت حريصة أكثر من بايدن على حياة الأسرى لديها». الإعلام الإسرائيلي أكد مقتل الأسرى الستة برصاص في الرأس لكنه أكد أنه لولا إطلاق النار عليهم «لكانوا ما يزالون على قيد الحياة».
تثير الواقعة عدة ملاحظات، منها أن هؤلاء الأسرى الإسرائيليين يمثّلون جزءا من اللعبة السياسية لنتنياهو، فالعثور عليهم أحياء كان سيمثّل انتصارا شخصيا له لأنه سيثبت أن سياسة الإبادة والإجرام والإرهاب ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية هي السياسة الوحيدة الناجعة، إضافة إلى أن ذلك سيعطيه الأمل في استمراره على رأس تلك اللعبة، ولكنّه يثبت أيضا، أن نتنياهو ليس ضد مقتل الرهائن إن كان ذلك يفيد خططه السياسية.
غير أن الملاحظة الأهم، بالنسبة للفلسطينيين ونصراء العدالة في العالم، هي أن حيوات الفلسطينيين، الذين يوجد 2,4 مليون رهينة منهم في قطاع غزة حاليا، ليست بأهمّية هؤلاء الأسرى الإسرائيليين على الإطلاق. في طريقة تناولها لهذا الحدث، تظهر مؤسسات السياسة والإعلام، من دون أن نعمم ذلك، أشكالا من هذه النظرة العنصرية الفظيعة تجاه الفلسطينيين، فلدى أولئك الأسرى صور وأسماء وهم يشغلون مكان الخبر الأول في كل مكان، فيما يختفي الفلسطينيون خلف الأسوار العازلة، وتحت أنقاض المشافي والمدارس والمساجد والبنايات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية