واشنطن بوست: الجمهوريون والديمقراطيون يستغلون مقتل المحتجزين في غزة لتسجيل النقاط وبايدن يقدم عرضه النهائي

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده جون هدسون وياسمين أبو طالب، قالا فيه إن إدارة بايدن وبالتعاون مع مصر وقطر تخطط لتقديم مقترح نهائي لإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإلا فإنها ستتوقف عن المحاولة، بمعنى أن الخطة “خذها أو اتركها” ولا مجال بعد ذلك للتفاوض. وجاء ذلك بعد اكتشاف جثث ستة أسرى من بينهم إسرائيلي أمريكي هو هيرش غولدبيرغ- بولين.

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تتحدث مع قطر ومصر بشأن مسارات مقترح “خذه أو اتركه” النهائي والتي تخطط لتقديمه إلى الطرفين في الأسابيع المقبلة. وهو مقترح لو رفضه واحد من الأطراف، يعني نهاية الجهود التي تقودها الولايات المتحدة، وذلك حسب مسؤول أمريكي بارز رفض الكشف عن اسمه.

وقال المسؤولون في إدارة بايدن إنه ليس من الواضح أن اكتشاف جثث الأسرى الستة سيقلل من فرص قبول إسرائيل وحماس بصفقة في الأسابيع المقبلة أم غير ذلك. وقال المسؤول البارز “لا يمكنك الاستمرار على التفاوض بشأن هذا”، وقال إن الولايات المتحدة وقطر ومصر كانت تعمل على نسخة نهائية قبل العثور على جثث الأسرى في نفق بمدينة رفح، جنوب غزة.

وقال المسؤول “هل أحبط هذا الصفقة؟ لا، ولو كان هناك شيء، فيجب أن تزيد من الحاجة الملحة في المرحلة النهائية التي كنا نحن فيها”.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن الستة قتلهم من كانوا يحتجزونهم قبل فترة قصيرة من العثور عليهم. وقال المسؤول الأمريكي البارز إن إدارة بايدن توصل لنفس النتيجة وهي أن المحتجزين قتلوا بإطلاق النار على رؤوسهم وأعدموا قبل فترة قصيرة من اكتشافهم.

وتقول الصحيفة إن بايدن وكبار مساعديه قضوا الأشهر السابقة في محاولة لدفع حماس وإسرائيل للموافقة على صفقة تؤدي للإفراج عن الأسرى مقابل تحرير أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية ووقف مؤقت للنار في غزة، يكون مقدمة لإنهاء الحرب. وكان ويليام بيرنز، مدير الاستخبارات الأمريكي وبريت ماكغيرك، مستشار الشرق الأوسط في البيت الأبيض ممن زاروا الشرق الأوسط عدة مرات وعملوا مع الوسطاء المصريين والقطريين.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو غضبا وضغوطا متزايدة من عائلات الأسرى التي تطالبه بمخاطبة الإسرائيليين. وخرج مئات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع في تظاهرات يوم الأحد، وأعلنت أكبر نقابة للعمال في إسرائيل عن إضراب عام يوم الإثنين يهدد بإغلاق البلد لحين موافقة نتنياهو على صفقة مع حماس تعيد الأسرى المتبقين. وطالما اتهمت عائلات الأسرى نتنياهو بتقديم نجاته السياسية وتحقيق النصر ضد حماس على صفقة تعيد الأسرى إلى أهاليهم.

ونقلت الصحيفة عن دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق إلى إسرائيل قوله إن يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة لن يغير، على الأرجح، من موقفه، لأنه لا يتعرض لضغوط، ولا يعرف بعد إن كان الضغط الداخلي الإسرائيلي على نتنياهو سيدفعه للمشاركة وبجدية في المفاوضات. وقال روس: “في الوقت الحالي، سينتظر [السنوار] ويرى إن كان الإضراب العام سيؤدي إلى تخفيف رئيس الوزراء نتنياهو من شروطه”، مضيفا أن “الإضراب، والاحتجاج الضخم المحتمل هما دعم لعائلات الأسرى وموقفهم من فشل استراتيجية نتنياهو فيما يتعلق بالمفاوضات وزيادة الجيش الإسرائيلي الضغط على حماس”.

وقالت حركة حماس إن الأسرى قتلوا بسبب القصف الإسرائيلي، وفي بيان لها قالت “لو كان الرئيس بايدن مهتما بحياتهم، فيجب عليه وقف دعم هذا العدو بالمال والأسلحة والضغط على الاحتلال كي يوقف عدوانه حالا”.

وقالت الصحيفة إن حرب إسرائيل ضد غزة خلقت انقسامات عميقة بين الديمقراطيين وفي مختلف أنحاء الولايات المتحدة منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقد أسفرت الحملة العسكرية الانتقامية التي شنتها إسرائيل في غزة عن مقتل أكثر من 40,000 معظمهم من الأطفال والنساء والكبار في العمر حسب وزارة الصحة الفلسطينية. وتضيف الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين كانوا في الأسبوع الماضي يتفاوضون على بعض التفاصيل النهائية من “المقترح التوفيقي” والذي اقترحوه لحل الخلافات المتبقية بين حماس وإسرائيل. وركزت مناقشات الأسبوع الماضي في المقام الأول على الأسرى الذين ستتم مبادلتهم بالسجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل، حيث تم اعتقال بعضهم دون محاكمة، وفقا لأحد المسؤولين البارزين.

وقال المسؤول الأمريكي البارز إن قرار حماس قتل الأسرى أثناء المحادثات، يثير أسئلة حول جدية الحركة في المفاوضات، مضيفا أن حماس تمسكت بموقفها المتشدد من نقاط عدة أثناء المفاوضات، حتى مع تقديم المسؤولين الإسرائيليين تنازلات حسب زعمه.

ونقلت الصحيفة عن فرانك لوينشتاين، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي ساعد في قيادة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2014: “بغض النظر عن الخطاب، لم يضع نتنياهو إطلاق سراح الأسرى على رأس أولوياته. وفي الوقت الحالي، سوف يتعرض لضغوط محلية أكبر بكثير لقبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينقذ الأسرى المتبقين”. و”إذا انتظر حتى انتهاء هذه الفترة، فإن انخفاض عدد الرهائن الأحياء قد يعني بمرور الوقت انخفاض عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم وهو موقف تفاوضي يناسبه”.

وتضيف الصحيفة أن نتنياهو وحماس، وبخاصة زعيمها السنوار، أبدوا عنادا في التوصل لاتفاق. وتعرض نتنياهو لانتقادات شديدة من جانب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والمعارضين السياسيين المحليين وأسر المحتجزين لتأخيره الموافقة على الاتفاق وبإصراره في الأشهر الأخيرة على مطالب جديدة، مثل الوجود العسكري الإسرائيلي غير المحدد على طول محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهما ممران استراتيجيان يمثلان المنطقة الحدودية بين مصر وغزة وطريق يبلغ طوله أربعة أميال إلى الجنوب مباشرة من مدينة غزة ويمتد من الشرق إلى الغرب على التوالي.

وبحسب مسؤول أمريكي ثان “سوف يحرق المسؤولون الأمريكيون الهواتف خلال الـ 48 ساعة المقبلة لمعرفة إن كانت هناك فرصة لاتفاق”. وتضيف الصحيفة أن بايدن ونائبته كامالا هاريس تجنبا الضغط على نتنياهو علنا ودفعه للموافقة على اتفاق، واختارا بدلا من ذلك اتهام حماس وإدانتها وبلا تحفظ لإزهاقها أرواح المحتجزين، مع أن الإسرائيليين ينتقدون نتنياهو بشدة.

وانتقد إيناف زانغواكر المحتجز ابنه ماتان في غزة نتنياهو قائلا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “اختار دفنهم تحت أنقاض سياساته، ويداه ملطختان بدم الأسرى الذين قتلوا وهم في الأسر”. وفي تصريحات لوزير الدفاع يواف غالانت الذي ظهر كأحد منتقدي نتنياهو الأشداء، قلل من فوائد استمرار الحرب والمساومة على شروط صفقة أفضل مقابل تأمين إطلاق سراح الرهائن.

وفي اتجاه آخر كافحت الجماعات اليهودية الأمريكية لضبط غضبها من نتنياهو ولم تبد رغبة حتى الآن في تحديه علنا حتى وهي تراه يقوم بتخريب الجهود الأمريكية المتعددة للتوصل إلى اتفاق، وذلك حسب شخص مطلع على المناقشات الداخلية بين العديد من المنظمات الكبرى. وأشار الشخص إلى نبرة بيان بايدن يوم السبت.

وفي نفس السياق حاول الجمهوريون والديمقراطيون استغلال مقتل الأسرى الستة والتأكيد على حججهم من الحرب. وزعم الجمهوريون أن اكتشاف الجثث يسلط الضوء على أهمية السماح لإسرائيل بمواصلة حملتها العسكرية التي تعرضت لانتقادات واسعة النطاق، وهي الجهود التي أدت إلى تدمير غزة، حتى إن البعض منهم دعا الولايات المتحدة إلى التفكير في قصف حقول النفط في إيران في ما قد يعتبر عملا حربيا.

كما واستغل الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري، الأخبار لانتقاد بايدن وهاريس لفشلهما في التوصل إلى اتفاق. وأصدر ترامب تصريحات متضاربة حول كيفية تعامله مع الحرب، بحجة أنها لم تكن لتحدث تحت قيادته دون تحديد كيف كان سيمنعها. وكتب ترامب على موقع “تروث”: “أزمة الرهائن في إسرائيل تحدث فقط لأن الرفيقة كامالا هاريس ضعيفة وغير فعّالة، وليس لديها أي فكرة عما تفعله” و”فشل بايدن، والآن يقضي يومه على الشاطئ، يخطط لكيفية القضاء على خصمه السياسي السابق، أنا… لم تكن أزمة 7 أكتوبر الإسرائيلية لتحدث أبدًا لو كنت رئيسا!”.

وفي الوقت نفسه، قال الديمقراطيون إن الأخبار زادت من إلحاح التوصل إلى اتفاق وإنهاء الحرب وزيادة المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في القطاع. وقال السناتور الديمقراطي عن إلينوي ديك دوربن في بيان: “يجب التوصل إلى وقف إطلاق نار حالا، يسمح بالإفراج عن جميع الرهائن المتبقين وتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة ورؤية بعيدة المدى بعيدة المنال ومهملة للسلام والاستقرار، تصبح حقيقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية