صحيفة عبرية.. إيران و”حزب الله” أمام الخيارات الإسرائيلية: هل حانت ساعة الصفر؟

حجم الخط
0

انعقد الكابنيت السياسي الأمني أمس وكانت أمامه مسألة مركزية واحدة: إمكانية مناورة برية للجيش الإسرائيلي في لبنان.

بعد النجاحات العملياتية في الأسبوعين الأخيرين، يسعى الجيش لاستغلال الزخم وضعف حزب الله، لتعميق الإنجاز في منطقة الحدود أيضاً، وذلك لضرب البنى التحتية العملياتية التي أقامها حزب الله على طول الجدار، والتي كان يفترض به أن يستخدمها في خطته لاحتلال الجليل، وأساساً أنفاق الاقتراب والهجوم، وكذا بيوت ومجالات استخدمت لتخبئة وسائل قتالية ونشطاء. تعد إزالة ذلك أمراً حيوياً لتقليص التهديد على البلدات والسماح بتحقيق هدف إعادة السكان إلى بيوتهم بأمان.

هذا وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أمس بأن الجيش الإسرائيلي نفذ في الأشهر الأخيرة عمليات خاصة كثيرة استهدفت إعداد التربة لخطوة برية، بما في ذلك أعمال داخل الأنفاق في الجانب اللبناني. ما يقلق الجيش الإسرائيلي هو تهديد مضادات الدروع، الأمر الذي يستعد له حزب الله منذ حرب لبنان الثانية في 2006 بما في ذلك التسلح بالجملة بالمنصات وبالصواريخ.

أمام الجيش الإسرائيلي ثلاث إمكانيات: الأولى، مناورة قريبة من الجدار لتدمير البنى التحتية. ويدور الحديث عن خطوة مركزة ومحدودة بالمكان وبالزمان، قد تنتهي في غضون بضعة أسابيع. والثانية، المناورة حتى الليطاني لضرب البنى التحتية على مسافة أبعد عن الحدود. والثالثة، المناورة شمال نهر الليطاني لتعميق الضربة لحزب الله وقدراته ورجاله.

 يخيل أن القرارات ستنشأ وفقاً لثلاثة مقاييس: مدى الضربة لمنظمة حزب الله، والثمن بحياة الجنود (والخوف من مخطوفين)، وإمكانية التورط الذي يؤدي إلى البقاء في لبنان لزمن طويل. التفكير بهذه المقاييس يدل على أن إسرائيل ستفضل الإمكانية الأولى التي تقيد الأعمال بمنطقة الجدار وتكون مركزة زمنياً. وهكذا تتمكن إسرائيل من حصر الضغط الدولي الذي سيمارس عليها كنتيجة للاجتياح المتوقع لأراضي لبنان والحفاظ على إحساس الإنجاز في الجانب الإسرائيلي وإحساس الفشل في الجانب اللبناني. للحالة النفسية هذه وزن كبير، بما في ذلك في عملية اتخاذ القرارات. فالأسبوعان الأخيران كانا مهمين ليس من ناحية الإنجاز فقط – قطع حسن نصر الله ومعظم القيادة العسكرية لحزب الله، والضربة الشديدة لمنظومات إطلاق الصواريخ والذخيرة وبناه التحتية- بل أيضاً من ناحية الوعي الذي تثبت في الطرفين.

 حزب الله منظمة ملاحقة ومضروبة ومهانة، ومشاكل القيادة والتحكم تصعب عليه تنفيذ بعض من خططه العملياتية. كبار مسؤوليه المتبقون على قيد الحياة تهمهم النجاة، وفي أحيان لا ينجحون في الاتصال وفي نقل الأوامر بشكل ناجع للنشطاء في الميدان؛ وهذا سبب قلة المقذوفات إلى أراضي إسرائيل.

إن بقاءً طويلاً للجيش الإسرائيلي في لبنان مع ما يرافقه من مصابين، ربما يغير الميل. وعليه، ستفضل إسرائيل إنجازات محدودة على خيالات يطرحها بعض الوزراء، عن إبادة حزب الله. ومع ذلك، قد تسعى إسرائيل لتحتفظ بنفسها بحرية عمل حتى بعد انتهاء القسم السري من الحرب، كي تتمكن من مهاجمة وإحباط محاولات مستقبلية من حزب الله لتهريب وسائل قتالية إلى لبنان وإعادة التموضع في مجال الجدار.

هجوم في إيران: لماذا نعم؟

النجاحات العملياتية المبهرة حيال حزب الله تفتح كوة لتغيير ذي مغزى في لبنان، وربما في سوريا أيضاً. مثل هذا التغيير، يستدعي مشاركة الدول السُنية المتصدرة (وعلى رأسها السعودية والإمارات) والولايات المتحدة، وفرنسا والطوائف غير الشيعية في لبنان. كما أنه يستوجب قدراً من التنسيق مع روسيا، التي تبدي عدم اهتمام بالأحداث الأخيرة في الشمال والتي تضرر فيها بعض من حلفائها.

لكن من المتوقع أن تدفع هذه النجاحات قدماً أيضاً بنقاش إضافي؛ هل نستغل الفرصة ونهاجم إيران؟ سلسلة تصريحات لمسؤولين إسرائيليين في الأيام الأخيرة كانت موجهة صراحة إلى طهران، بدءاً بخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة، واستمراراً لتوجيهه الخطاب المباشر أمس إلى الشعب الإيراني، وانتهاء بتصريحات رئيس الأركان هليفي أول أمس بأن من يعرف كيف يصل إلى اليمن سيعرف كيف يصل أيضاً إلى مسافات مشابهة في أماكن أخرى في المنطقة.

ثمة أسباب تقرب إمكانية مثل هذا الهجوم في الوقت الحالي: أولاً، إيران مضروبة ومشوشة، وفقدت ذخائر عديدة في المنطقة وعلى رأسها قدرة حزب الله العملياتية، الذي كان يفترض به أن يكون سورها الواقي ضد هجوم إسرائيلي على مواقع النووي. ثانياً، قدرة الرد المباشرة لإيران ضد إسرائيل محدودة، كما تبين في هجوم 14 نيسان، ويمكن لإسرائيل أن تحبط معظمه استناداً إلى قدراتها الدفاعية وبمساعدة شركائها في المنطقة. ثالثاً، قدرة إيران الدفاعية محدودة في مواجهة القوة الجوية الهجومية لإسرائيل، التي تفرغت في معظمها بعد انتهاء المهمة في لبنان. رابعاً، إيران على مسافة خطوة من قدرة نووية مثبتة (إمكانية لتفجير قنبلة) تضع العالم أمام حقيقة ناجزة. وخامساً لا يمكن معرفة ماذا سيكون مجال العمل الإسرائيلي بعد الانتخابات في الولايات المتحدة وتبعاً لنتائجها.

بالمقابل، هناك عدة أسباب تبعد إمكانية مثل هذا الهجوم الآن: أولاً، الخوف من نشوة مبالغ فيها لدى الجانب الإسرائيلي ومحاولة بلع أكثر مما هو ممكن دفعة واحدة، فيما لا تزال الساحة الأخرى مفتوحة (وعلى رأسها المخطوفون في غزة).

ثانياً، لا يمكن أن تنفذ إسرائيل عملية كهذه وحدها، وسلوك إدارة بايدن حتى الآن لا يلمح بأنها ستمنحها ضوءاً أخضر أو مساعدة فاعلة (وحتى سلبية) للهجوم. ثالثاً، ستكون هذه رسالة بدء لحرب أبدية ضد إيران. ورابعاً، ليس واضحاً مدى الضرر الذي يمكن لإسرائيل أن توقعه بالمشروع النووي الإيراني.

يخيل أن هذا البند هو الأكثر حرجاً. فمنشآت النووي العراقية (1981) والسورية (2007) دمرتها إسرائيل تماماً في هجوم واحد. أما إيران فقد تعلمت الدرس المزدوج ووزعت برنامجها النووي بحيث يزداد احتمال الهجوم إذا تبين أن المشروع الإيراني قد يتراجع سنوات طويلة إلى الوراء. أما في حالة ألا يستطيع، فستضطر إسرائيل للبحث عن طرق أخرى – خليط من الردع والدبلوماسية والسوط الأمريكي المنشود؛ لكبح الإيرانيين في الطريق إلى القنبلة.

يوآف ليمور

 إسرائيل اليوم 1/10/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية