سباقات «باركرَن» للجري من تجمّعات صغيرة إلى ظاهرة عالمية!

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: في كل مسابقة ورياضة تكون البدايات ضعيفة، فعندما أنشأ بول سينتون هيويت «باركرَن»، كان عدد المشاركين فيه والذين ركضوا في إحدى حدائق لندن ثلاثة عشر… وبعد مرور عشرين عاما، بات ملايين الأشخاص يشاركون في سباقات الجري هذه التي تمتد على خمسة كيلومترات، في أكثر من 2500 موقع في مختلف أنحاء العالم.

وما بدأ كتجمع صغير أصبح «حركة قوية لتعزيز الصحة والسعادة والعيش معا»، على قول هيويت. ويقول مازحا: «لو قيل لي قبل 20 عاما إنّ باركرَن سيصبح ظاهرة كهذه، لكنت بدّلت رأيي وقلت إنّ ذلك كثير عليّ». ويوم أمس السبت، تجمع عدّاؤون ومشاة ومتطوعون للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لـ«باركرَن». لا حاجة لتحديد الزمان والمكان، فالاحتفال هو نفسه في كل عام، أكان الطقس ممطرا أم مشمسا. وأقيم هذه السنة صباح السبت عند الساعة التاسعة صباحا، في أحد المواقع الـ2500 في الدول الثلاث والعشرين التي تستضيف هذه السباقات.
وفي متنزه «هامبستيد هيث» في شمال لندن، يشارك نحو 400 شخص في السباق أسبوعيا. وقبل دقائق قليلة من سباقات «باركرَن»، يحضر المتسابقون، منفردين أو ضمن مجموعات، يلتقون ببعضهم أو يتعرفون إلى وجوه جديدة. والجميع بعد السباق مدعوون لتناول القهوة. وتقول أوليفيا أنوين: «إنها أفضل طريقة لبدء عطلة نهاية أسبوع». وقد شاركت هذه الكاتبة البالغة 26 عاما للمرة الأولى في النشاط العام الفائت، لكنّها أكملت مُذاك 48 سباقا. وتقول: «لا أركض بسرعة، لكن هذه ليست مشكلة. لقد تعرفت إلى أصدقاء جدد». ويحضر مارتن بويل مع نجليه المراهقين. ويقول: «إنه نشاط عائلي، مزيج من المرح والمنافسة، فهو يبث فيهما شعورا جيدا ويلاحظان أنهما يتقدمان».
ويرتدي البعض قميصا أزرق مكتوبا عليه «500»، تشكل الجائزة التي يفوز بها مَن يشارك في أكثر من 500 سباق «باركرَن»، على غرار لين فوراليا، وهو رجل يبلغ 82 عاما يشارك للمرة الـ612 في السباق. ويقول: «أتحرك بشكل أبطأ مع الوقت، وأبذل مزيدا من الجهد». لكنّ هدفه هو الاستمرار، كل يوم سبت، على الأقل حتى يبلغ التسعين.

الصحة الذهنية

يعرف العداؤون بالضبط الوقت الذي حققوه في السباق من خلال رمز شريطي مخصص لكلّ منهم. ويقول بول سينتون هيويت «إذا أراد بعض الأشخاص المشي بسرعة، فمرحب بهم، وإن رغب آخرون في المشي ببطء فنرحب بهم أيضا». ويؤكد أنّ هدف النشاط هو «ممارسة الرياضة التي يمكن أن تكون ممتعة، من دون صعوبة بالضرورة».
وأطلق بول «باركرَن» عندما كان في الرابعة والأربعين، بعد إصابته خلال تدريبات للمشاركة في سباق ماراثون. ويقول: «كنت أدرك أنّ الجري يساعدني على التحكم بمشاعري خلال الأوقات الصعبة». لكنّ إصابته أخذته إلى مكان آخر. ويضيف: «شعرت بأنّ الوقت حان لفعل شيء ما من أجل الآخرين». وفي البداية، لم يشارك في «باركرَن» سوى بضع عشرات من الأشخاص كانوا يركضون في حديقة قريبة من منزله هي «بوشي بارك» غرب لندن. ثم نُظّمت مسابقة ثانية في ويمبلدون، قبل أن يُعتَمَد النشاط في الدنمارك. وباتت تُقام سباقات في أستراليا وزيمبابوي وألمانيا وايرلندا وغيرها من البلدان. وآخر دولة انضمت إلى «باركرَن» هي ليتوانيا. إلا أنّ هذا النشاط غير قابل للتطبيق في بعض البلدان منها فرنسا، حيث يستلزم الأمر حيازة شهادة طبية.
وعلى مدى عشرين سنة، شارك ستة ملايين شخص في هذه السباقات. واستقطبت «باركرَن» أكثر من مئة مليون وافد، فيما تطوّع أكثر من 900 ألف شخص لتنظيم هذه السباقات. وتعيّن وقف إقامة سباقات «باركرَن» خلال سنتين أثناء الجائحة. لكن في هذه الفترة، لم يتوقف الرعاة عن تقديم الأموال، بحسب بول سينتون هيويت. وبات للشركة المنظمة راهنا 60 موظفا. وفي ظل النجاح، تم إطلاق سباقات للأطفال لمسافة كيلومترين صباح كل يوم أحد. وتم أيضا تنظيم فعاليات مماثلة في 25 سجنا. ويُعدّ سباق عيد الميلاد من أهم سباقات «باركرَن» خلال العام. ويقول بول سينتون هيويت «إنه يمنح فرصة للأشخاص الوحيدين للتعرف إلى آخرين»، مضيفا: «تحضر عائلات للركض معا قبل فتح الهدايا». وفي العام الفائت، شارك ألفا شخص في سباق «بوشي بارك».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية