بمرور سنة على المذبحة والحرب، بات واضحاً اليوم حجم ذنب نتنياهو بالكارثة؛ لقد تركنا لمصيرنا، وانشغل بالانقلاب النظامي بدلاً من الأمن، وقادنا إلى خوف وجودي.
نتنياهو هو المسؤول الأعلى عن الجرح الدامي في 7 أكتوبر. أنامنا طوال 15 سنة من حكمه بقصص أساطير عن حماس مردوعة لن تهاجم، بل حرص على تسمين الوحش. وفي الشمال، سمح لحزب الله بالتعاظم انطلاقاً من النهج الجبان إياه. ولم يعالج الخطر المركزي، إيران، بل سمح بمواصلة الركض نحو النووي. وفي الحقل السياسي أيضاً، قادنا إلى الدرك الأسفل؛ فرغم أننا الذين هوجمنا، تبدو مكانتنا في العالم سيئة على نحو خاص: شيء ما بين سوريا وكوريا الشمالية. الرأي العام ضدنا، ونحن منبوذون في كل محفل دولي. دول صديقة امتنعت عن توريد السلاح لنا، ووضعنا الاقتصادي يتدهور والتصنيف الائتماني في درك أسفل. كل هذا يحصل فيما “سيد التسيب” يتجاهل الـ 101 مخطوف في غزة عقب اعتبارات شخصية.
لكن كان لنا أيضاً حظ كبير. تصوروا ماذا كان سيحصل لو أشرك السنوار حسن نصر الله بمخططاته، وهاجمانا في وقت واحد في ذاك السبت اللعين. هذا لم يحصل لأن السنوار ليس استراتيجياً كبيراً مثلما درج على تقديمه. ولا ينبغي نسيان أن أفعاله أدت إلى الدمار والخراب والموت في القطاع.
لقد كشف الاجتياح البري لجنوب لبنان خطط حزب الله لاحتلال الجليل. صحيح أننا نعرف بالنية، لكن نتنياهو فضل “احتواءها”، كي لا يهز كرسيه. لقد سمح لحزب الله بالتعاظم، على بعد متر من المطلة، وتجاهل آلاف المخربين من قوة الرضوان ممن تدربوا في سوريا تحت أيدي مدربين إيرانيين. كما أنه لم يفعل شيئاً عندما اقتربت قوة الرضوان من الحدود، وبنت بنى تحتية وأقامت عشرين استحكاماً.
لقد وجدت القوات التي دخلت إلى لبنان كميات هائلة من الوسائل القتالية التي خبئت في عشرات المخازن والأنفاق. كانت هناك عبوات لتفجير الجدار الحدودي، وصواريخ مضادة للدروع، وبنادق قناصة ورشاشات ثقيلة. كما وجدت صوراً جوية وخرائط مع خطط اجتياح مفصلة للبلدات والقواعد. لو انضم حزب الله لحماس في 7 أكتوبر لما أوقفتهم قوة. لقد كانوا سيحتلون المطلة و”كريات شمونة” ثم جنوباً ليلتقوا بمخربي حماس في قلب تل أبيب. فظاعة.
ثمة من يقول إن السنوار لم يشرك نصر الله بخطته الهجومية خوفاً تسريبها. الموضوع أنه حتى لو كانت وصلت معلومة إلى استخباراتنا عن مكالمات بين السنوار ونصر الله، فإن اهارون حليوه، رئيس شعبة الاستخبارات (الذي استقال في هذه الأثناء) كان سيلغيها بذاك الغرور الذي ساد في حينه في الجيش الإسرائيلي. ربما رآها مجرد أقوال، وأن حزب الله يتدرب ليدافع عن نفسه من هجوم إسرائيلي.
الاستنتاج أنه ينبغي إلغاء الدور المركزي للاستخبارات: إعطاء تقديرات عن نوايا العدو. حتى لو أصابت مرة – مرتين، فإنها ستفشل في الثالثة. فلتكتف بوظيفتها الإضافية: جمع المعلومات الاستخبارية العسكرية، و”أمان” تتميز في هذا. هي والموساد وفرا معلومات استخبارية فائقة لسلاح الجو ولقوات البر، وأتاحا ضربة قاسية لحزب الله التي تحدث الآن أمام ناظرينا.
عشية 7 أكتوبر، وعد نتنياهو بدولة قوية ومزدهرة، لكنه دخل في صدمة، واختفى الجيش، وبقي المواطنون وحدهم أمام القتلة. إحساس الأمن ضاع ولن يعود بسهولة. عشية 7 أكتوبر “سيد التسيب” وعد أيضاً بالسلام مع السعودية، لكننا تلقينا حرباً في سبع جبهات. يتبين أن الرجل الأسفل في تاريخ الشعب اليهودي هو أيضاً رئيس الوزراء الأسوأ منذ قيام الدولة.
نحاميا شترسلر
هآرتس 8/10/2024