لندن ـ «القدس العربي» ووكالات: في الوقت الذي يسود فيه الترقب لفحوى قرار الحكومة الإسرائيلية في اجتماع مجلسها الوزاري المصغر، الذي أعلن انه سيجتمع مساء أمس الخميس، لبحث الهجوم الذي تعتزم إسرائيل شنه على إيران، برزت مؤشرات على ضغوط من دول في الخليج العربي على الولايات المتحدة للحد من نطاق هكذا هجوم.
ومن المتوقع أن يكون «الكابينت» الإسرائيلي اتخذ قرارا بتفويض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت باتخاذ قرار نهائي حول موعد وطريقة تنفيذ الهجوم.
وينعقد «الكابينت» غداة الاتصال الهاتفي الذي جرى مساء الأول الأربعاء، بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي شاركت فيه نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أمس: «تحدث نتنياهو وبايدن الليلة الماضية لأول مرة منذ سبعة أسابيع، لمدة 40 دقيقة، وكان الموضوع الرئيسي للمحادثة هو الإجراء الإسرائيلي ضد إيران، عقب الهجوم الصاروخي البالستي في الأسبوع الماضي».
وأشارت إلى أن «إسرائيل كثفت استعداداتها للعملية، لكن المناقشات لا تزال جارية حولها».
عراقجي في الدوحة… ومصدر إيراني: حذّرنا السعودية
وسبق لـ»الكابينت» الإسرائيلي أن صادق قبل أيام على الرد على الهجوم الإيراني ولكن توقيت وأهداف الهجوم ما زالت قيد البحث.
وكان إعلام عبري رسمي قد قال إن بايدن لم يتمكن من التوصل إلى تفاهمات مع نتنياهو حول الضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران.
وقالت قتاة «كان» الرسمية إن بايدن، الذي تقدم بلاده دعما مطلقا لإسرائيل «لم يتمكن من الوصول إلى تفاهمات مع نتنياهو حول مسألة ضرب إيران» خلال المكالمة التي تعد الأولى بينهما منذ 7 أسابيع.
وأضافت: «لذلك فضل الرئيس بايدن إجراء المحادثات مع إسرائيل على المستوى المهني».
وتابعت القناة: «لهذا تنتظر واشنطن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، للتنسيق معه في هذه المسألة».
ولفتت الانتباه إلى أن المكالمة تأتي على خلفية «خيبة الأمل الأمريكية من السياسة الإسرائيلية».
ونقلت القناة عن مصادر مقربة من الإدارة الأمريكية (لم تسمها) قولها إن الرئيس الأمريكي «قرر على المستوى الاستراتيجي تقليص تدخله المباشر بشكل شخصي في هذا الأمر (الهجوم على إيران)، انطلاقا من فهمه أن الحديث مع نتنياهو لن يخدم المصالح الأمريكية».
وأضافت: «في إسرائيل تتزايد الاستعدادات للضربة العسكرية، لكن المناقشات حول الموضوع لا تزال مستمرة». وأشارت القناة إلى أن «مشاورات أمنية أجراها نتنياهو مع قادة الأجهزة الأمنية وعدد من الوزراء بهذا الخصوص الثلاثاء استغرقت نحو 5 ساعات، وركزت على كيفية ومتى يجب على إسرائيل أن ترد».
واعتبرت أن هناك «أزمة ثقة» بين بايدن ونتنياهو، وفي واشنطن «يأملون مناقشة التفاصيل العملياتية للرد على إيران مع غالانت».
كذلك تحدث بايدن ونتنياهو خلال المكالمة عن الوضع في لبنان.
وتخشى الولايات المتحدة من أن إسرائيل قد تم جرها في عملية عسكرية طويلة جدا في جنوب لبنان، وفق قناة «كان».
مصادر خليجية
وقالت ثلاثة مصادر خليجية لرويترز أمس إن دولا خليجية تضغط على واشنطن لمنع إسرائيل من مهاجمة مواقع النفط الإيرانية، وذلك انطلاقا من القلق من أن تتعرض منشآتها النفطية لإطلاق نار من جماعات متحالفة مع طهران إذا تصاعد الصراع.
وذكرت المصادر الثلاثة المقربة من الدوائر الحكومية أنه في إطار محاولات لتجنب الانزلاق رغما عنها في الصراع رفضت دول خليجية من بينها السعودية والإمارات وقطر السماح لإسرائيل بالتحليق ضمن مجالها الجوي في أي هجوم على إيران، ونقلت هذا إلى واشنطن.
وتأتي التحركات من جانب دول الخليج بعد حملة دبلوماسية من جانب إيران لإقناع دول الخليج السنية باستخدام نفوذها لدى واشنطن وسط مخاوف متزايدة من احتمال استهداف إسرائيل لمنشآت إنتاج النفط الإيرانية.
.. وتحذير إيراني
وقال مسؤول إيراني كبير ودبلوماسي لرويترز إن طهران حذرت السعودية خلال اجتماعات هذا الأسبوع من أنها لا تستطيع ضمان سلامة منشآت النفط في المملكة إذا حصلت إسرائيل على أي مساعدة لتنفيذ هجوم.
وقال علي الشهابي، وهو محلل سعودي مقرب من الديوان الملكي، «إن الإيرانيين أوضحوا أنه إذا فتحت دول الخليج مجالها الجوي أمام إسرائيل، فسيكون ذلك عملا حربيا».
وقال الدبلوماسي الإيراني إن طهران وجهت رسالة واضحة إلى الرياض مفادها أن حلفاء الجمهورية الإسلامية في دول مثل العراق واليمن قد يردون إذا حصلت إسرائيل على أي دعم إقليمي في مواجهة إيران.
وقالت مصادر خليجية وإيرانية إن المحادثات أمس الأول الأربعاء بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي كان في جولة خليجية لحشد الدعم ركزت على هجوم إسرائيلي محتمل.
وقال مصدر خليجي قريب من الدوائر الحكومية لرويترز إن زيارة الوزير الإيراني إلى جانب الاتصالات السعودية الأمريكية على مستوى وزارتي الدفاع تأتي في إطار جهد منسق لمعالجة الأزمة.
وأكد مصدر في واشنطن مطلع على المناقشات أن مسؤولين خليجيين تواصلوا مع نظرائهم الأمريكيين للتعبير عن القلق إزاء النطاق المحتمل للرد الإسرائيلي المتوقع.
وقال جوناثان بانيكوف المسؤول السابق لشؤون الشرق الأوسط في المخابرات الوطنية الأمريكية والذي يعمل الآن في مركز أبحاث مجلس الأطلسي في واشنطن «من المرجح أن يكون قلق دول الخليج نقطة نقاش رئيسية مع النظراء الإسرائيليين في محاولة إقناع إسرائيل بتنفيذ رد مدروس بعناية».
عراقجي في قطر
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد التقى أمس الخميس، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، وسط ترقّب هجوم إسرائيلي على إيران.
وبحث المسؤولان التطورات في قطاع غزة ولبنان.
وقال بيان للخارجية القطرية إن اللقاء بحث «علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، ومناقشة آخر التطورات في المنطقة، لا سيما في قطاع غزة ولبنان».
وشدد رئيس الوزراء القطري خلال اللقاء على «ضرورة تضافر كافة الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد وتجنّب اتساع دائرة العنف في المنطقة»، وفق البيان.
وأكد «استعداد دولة قطر الكامل لبذل كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي».
وقال عراقجي عبر حسابه الموثق في منصة إكس، إنه «أجرى محادثات مهمة مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن حول الوضع الإقليمي».
وأكد أن «لدى إيران وقطر مخاوف ومصالح مشتركة، وأنهما عازمتان على التعاون»، مضيفا: «تواجه منطقتنا تحديات صعبة تحتاج إلى معالجتها من خلال التشاور الوثيق والجهود المشتركة».
ووصل عراقجي إلى قطر قادما من الرياض حيث بحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية فيصل بن فرحان قضايا المنطقة.