سردية إخوان الأردن عن «الأطماع» تملأ الفراغ.. فما هو المطلوب من الجماعة؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

كلما أشاد الإخوان بالمؤسسات السيادية كرروا المطالبة بإجراءات لحماية الوطن وهو عنوان عريض يشملهم ويشمل كل المكونات الاجتماعية والسياسية والحزبية كما يشمل مكونات ومؤسسات الدولة والقرار.

عمان ـ «القدس العربي»: يعرف الإخوان المسلمين في الأردن قبل وأكثر من غيرهم ما الذي يتعين عليهم أن يفعلوه بصورة محددة لكي يصبح حديثهم عن الشراكة الوطنية في هذه المرحلة الحرجة مقنعا أكثر في اتجاهين.

الاتجاه الأول هو التيار الذي يرتاب بالإخوان ويشيطنهم في دوائر القرار وبعض أذرع الإعلام هنا أو هناك ويعارضهم باعتبارهم امتدادا للولاء بمعناه التقليدي لمؤسسات خارج البلاد.
هذه الشريحة تضم موظفين متقاعدين وبعض الكتاب والمثقفين إضافة إلى خصوم الإخوان المسلمين الموسميين بالتيارات القومية واليسارية.
والاتجاه الثاني هو تقديم أدلة وبراهين للرأي العام عموما وبسطاء المواطنين تفيد بأن الحركة الإخوانية ليست في طريقها لممارسات «مغرورة أو متسرعة» يمكن أن تجازف أو تغلب عليها الانتهازية السياسية.
وتلك شريحة أفقية في المجتمع لها قيودها خدمت جماعة الإخوان عندما قررت تفويضها برلمانيا وانتخابيا لدعم ونصرة المقاومة في قطاع غزة قبل أي اعتبار آخر.
يتجول المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بكثافة وسط المحافظات والأردنيين بعدما منح الشارع الجماعة في الانتخابات الأخيرة أكثر من 466 ألف صوت ضمنت 31 مقعدا برلمانيا وبالتالي «أغلبية صلبة» أهم ما فيها أنها عابرة للتصويت المناطقي والفرعي وهو ما يقر به القطب البرلماني صالح العرموطي على هامش نقاش مع «القدس العربي» معتبرا أن التصويت يبقى «أمانة» في عنق من حمله الشعب إلى البرلمان.
هذا التفويض الشعبي منح الإخوان المسلمين فرصة للتمثيل ما أدى إلى صدمة الكثير من خصومهم خصوصا وأن قفزتهم الانتخابية تزامنت مع نكسة تعرضت لها انتخابيا أحزاب الوسط التقليدية التي كانت المنافس المدلل للإخوان المسلمين على أساس التصدي لنفوذهم الانتخابي أولا ثم البرلماني ثانيا.
بكل حال انتهت الانتخابات. لكن حلت الذكرى الأولى لعملية 7 أكتوبر وشحن الإسلاميون المناخ الشعبي العام بكل ما تقتضيه حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
والجديد في خطاب الإخوان هو ذلك الحرص المرصود على التحذير مرة تلو الأخرى من مخاطر أطماع اليمين الإسرائيلي والذي تلقفته أوساط إعلامية على شكل دعوة من جهة الجماعة الإخوانية لتأسيس الشراكة عنوانها الأعرض ليس الاصطفاف ضمن محور المقاومة كما كان يريد بعض الإخوان في الماضي ولكن الدفاع عن الوطن الأردني بمؤسساته.
لاحظ الجميع أن أدبيات الإخوان تميل إلى مخاطبة المؤسسات السيادية، فقد وجهت التحية للملك شخصيا بعد خطابه الأخير في نيويورك وتم إصدار بيان يثمن الموقف الملكي من القضية الفلسطينية ومن أزمة قطاع غزة ووجهت التحية في بيانات رسمية بلسان المراقب العام للجماعة الشيخ مراد العضايلة للقوات المسلحة الأردنية مرتين.
وكلما أشاد الإخوان بالمؤسسات السيادية كرروا المطالبة بإجراءات واحترازات تحت عنوان حماية الوطن وهو عنوان عريض في الواقع يشملهم ويشمل بقية المواطنين وكل المكونات الاجتماعية والسياسية والحزبية كما يشمل مكونات ومؤسسات الدولة والقرار.
بكل حال يتجول المراقب العام هنا وهناك ويدلي بمحاضرات وخطابات فيها مقاربات وطنية وتتضمن المشاركة السياسية ثم يتحدث بإسهاب عمليا عن دور طليعي ومتقدم للإخوان المسلمين في التصدي لأي أطماع يبرمجها اليمين الاسرائيلي.
وفي الواقع لا أحد من خصوم الإخوان المسلمين أو المتحفظين ضدهم سواء في مؤسسات القرار أو خارجها يملك قرائن أو أدلة تنفي ما يشيرون إليه الآن من مشروع متطرف يستهدف بلادهم.
القرائن متراكمة على مثل هذه الأطماع والإخوان في أدبياتهم يعزفون بحرفية على وتر أضلاع مثلث التخويف والقلق الذي بدأ مع تصريح المرشح الرئاسي دونالد ترامب بتوسيع إسرائيل ثم انتهى إلى ما قيل بـ«الأردن بعد لبنان» وصولا لمخصصات مالية وضعت للمزيد من الاستيطان في الأغوار.
يقدم الإسلاميون طبعا دليلا تلو الآخر على أطماع اليمين الإسرائيلي ومن سبق لهم أن عملوا باسم تمثيل الدولة مع إسرائيل منذ 30 عاما لا يستطيعون تقديم أي شيء بالمقابل يثبت التوظيف والاستثمار في اللحظات الحرجة عند الإخوان المسلمين أو غيرهم.
المؤسسة الرسمية بسلوكها الدبلوماسي دوليا وإقليميا وعربيا توقفت تماما عن إنكار المخاطر، ووزير الخارجية أيمن الصفدي هو الذي يتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي الذي سبق تكوين حركة حماس وحزب الله اللبناني.
والمؤسسات الرسمية لا توجد لديها أي أوراق تفيد بان الأطماع واهمة أو غير موجودة والإسلاميون من جهتهم يعزفون بمهارة على أوتار تلك الأطماع والمخاوف والرأي العام بكل حال قلق والحكومة الجديدة التي شكلت لم تقنع من حيث تقييم الأداء الاستباقي أكثر من نصف الأردنيين في إظهار الثقة فيها.
الأمر برمته محرج لكن ذلك لا يعني منح الإخوان المسلمين تفويضا ما دام الميكرفون التخويفي والقلق بين أفواههم فقط، وعلى جماعة الإخوان أن تبذل المزيد من الجهد لأقناع الشرائح القلقة من تصرفاتها وسلوكياتها في أوساط المجتمع والقرار والدولة حتى يصبح للشراكة الحقيقية ولو مرحليا معنى واضح أو عميق.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية