القاهرة ـ “القدس العربي”: لم ينس بلينكن في زيارته العاشرة، التي قد تكون الأخيرة له كوزير للخارجية الأمريكية، أن يمطر الصحافيين بمزيد من الأكاذيب التي يعد باهرا في حياكتها، وأكد قبل أن يغادر مطار الكيان ضرورة إنهاء معاناة غزة التي تباد بالسلاح والقنابل التي تهديها بلاده للكيان مجانا، كما زعم تألمه لحال الغزيين، كذلك أعرب عن تعاطفه مع الشعب اللبناني الذي يواجه السيناريو الغزاوي لحظة بلحظة.
وحول حديث الساعة قال الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتضامن الاجتماعي الأسبق، إن الدعم حق للمواطن المستحق، وليس تفضلا من أي طرف. وأوضح خلال تصريحات تلفزيونية أن الدعم النقدي أكثر كفاءة من الدعم العيني؛ لكنّ له شروطا يجب تلبيتها قبل التحول إليه. وشدد على أن القضية ليست قضية دعم عيني أم نقدي»، بل في وجود آليات فعالة لمراقبة الأسعار متسائلا، هل لدينا ما يطمئننا بأن هناك آليات على الأرض لضبط الأسواق ومراقبة الأسعار، بحيث أنك لا تعطي المواطن مبلغا نقديا وينزل السوق يطارد أشباحا في سلع لا يراها، إذا حصل ذلك سيكون فيه ضرر واضح بالأمن الغذائي للمواطن، ممكن ينتج عنه سوء تغذية أو جوع لا قدر الله. وأوضح عبد الخالق، أنه لا يجوز التسرع في التحول إلى الدعم النقدي، متابعا: إذا لم تكن لدينا آلية لضبط الأسواق ومراقبة الأسعار؛ فإن هناك مخاطرة شديدة. وضرب مثالا بزيت الطعام، مؤكدا “زجاجة الزيت” تمثل سندا كبير له وسلعة استراتيجية بامتياز، لو تصورنا أنه أخذ المقابل المادي والسوق أصبح ساحة يعربد فيها التجار والمحتكرون، ممكن سعر الزجاجة تقفز من 30 إلى 50 إلى 70 جنيها، دون أي ضابط للموضوع، وبالتأكيد كمية الغذاء ستقل وتنعكس سلبا على حالته الصحية.
برلمانيا تقدم النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، بطلب إحاطة للاستفسار عن أسباب هدم قبة “مستولدة” محمد علي باشا وتُعَد جزءا من التراث الثقافي والتاريخي لمصر، وتحمل قيمة معمارية وأثرية لا تقدر بثمن، ما يثير القلق حول مدى اهتمام الدولة بالحفاظ على هذا المعلم التاريخي. تساءل النائب عن الإجراءات المتخذة لحماية التراث المعماري والتاريخي. دينيا أفتت دار الإفتاء بجواز تكرار صلاة الاستخارة، فقد ورد جواز تكرارها في حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إلى الَّذِي يَسْبِقُ إلى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ».
رياضيا أفاد مراسل “المصري اليوم” بإصدار نيابة مدينة أبوظبي في دولة الإمارات قرارا باستمرار حبس ثلاثي الزمالك نبيل عماد دونجا ومصطفى شلبي، ثنائي الزمالك، بالإضافة إلى مدير الكرة، عبدالواحد السيد، وذلك على خلفية اتهامهم بالاعتداء على أحد منظمي مباراة بيراميدز، في نصف نهائي كأس السوبر المصري.
في عليين
شهدت الساحة العربية في الأيام الأخيرة حالة غريبة من الشماتة اجتاحت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وشهدت هجوما غريبا على الشهيد يحيى السنوار، وهو في كل المقاييس، حسب رأي فاروق جويدة في “الأهرام” شهيد القضية الفلسطينية، التي هي قضية العرب الأولى حربا وسلاما.. كان الهجوم على السنوار شيئا غريبا وصل إلى الإدانة، بل التكفير، وطالب البعض بسحب صفة الشهيد، وكأنهم يوزعون الألقاب والصفات، ويحددون من يدخل الجنة ومن يعاقب في النار.. وما حدث بعد رحيل السنوار يعكس خللا رهيبا في موازين الأشياء والبشر، ويؤكد عشوائية الرؤى واختلال الموازين وفساد الضمائر.. وهو تجسيد حي لكل مظاهر اختلال الفكر لدى كثير من العقول.. الشهادة ليست صكوكا يمنحها البشر، ولكنها هبة من الخالق سبحانه وتعالى، يمنحها لبعض عباده الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. ولا أعتقد أن الله سبحانه سوف يبخل بالشهادة على من قدم حياته دفاعا عن وطن وأرض وعقيدة.. إن الانقسامات التي شهدها العالم العربي حول المقاومة بين الإدانة والإنصاف، والتى تجسدت في السهام التي أصابت أحد أهم رموزها، تضع الشعوب العربية في موقف يثير التساؤل: إذا كانت الدماء قد هانت، فماذا سيبقى لهذه الأمة؟ السنوار سيبقى بطلا ورمزا وشهيدا من شهداء شرفاء الأمة.. هل يعقل أن يشمت أحد في رجال قدموا الدماء والأرواح فداء لكرامة أمة وقدسية وطن؟
امنحوه قدره
بإمكان البعض انتقاد زعيم حماس يحيى السنوار كيفما شاء، بل اتهامه بالإقدام على مغامرة غير محسوبة العواقب، وأنه أراد دخول التاريخ فخرج من الجغرافيا، لكن “لقطة النهاية” لهذا الرجل، توجب على الجميع، حسب خالد سيد أحمد في “الشروق” الاعتراف بشجاعته، حيث استشهد فوق الأرض ممسكا سلاحه مرتديا بزته العسكرية، مثل أي مقاوم في الميدان، ولم يعثر عليه مختبئا في الأنفاق أو محتميا برهائن «الطوفان». كذلك بإمكان إسرائيل الابتهاج كثيرا، بعد تمكنها من تصفية السنوار الذي شكل لها صداعا خلال العام المنصرم، مثلما ابتهجت ورقصت فرحا عندما اغتالت حسن نصرالله أمين عام حزب الله اللبناني، لكن هل تستطيع دولة الاحتلال الادعاء بأنها قضت تماما وإلى الأبد على فكرة وحركة وعمل المقاومة، وأنها أصبحت أكثر أمنا برحيل هؤلاء المقاومين؟ الشيء المؤكد الذي يدركه الجميع ومن بينهم الكيان الصهيوني، أن كل حركات التحرر والمقاومة، قد تتأثر جزئيا جراء اغتيال قادتها السياسيين والعسكريين، لكنها سرعان ما تتعافى وتعود إلى ممارسة حقها الشرعي في مقاومة المحتل، كما كانت تفعل من قبل، بل في بعض الأحيان تكون عودتها مع قيادتها الجديدة، أكثر قوة وبأسا وحزما، عما كانت عليه في السابق. فحركة “حماس” منذ تأسيسها في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1987، تعرضت لاختبارات شديدة وضربات قاسية للغاية، وفقدت الكثير من قياداتها السياسية والعسكرية، داخل فلسطين وخارجها، جراء عمليات الاغتيال الإسرائيلية، التي طالت مؤسسها الشيخ أحمد ياسين ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري، وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وإبراهيم المقادمة ونزار ريان وصلاح شحادة، وغيرهم ممن لعبوا دورا مهما في تاريخ الحركة، وصولا إلى يحيى السنوار، مهندس هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، الذي يعد أكبر وأخطر وأهم هجوم لفصائل المقاومة على الدولة العبرية منذ تأسيسيها على الأرض الفلسطينية منتصف القرن الماضي.
شبه مستحيلة
عندما غاب هؤلاء القادة الذي حدثنا عنهم خالد سيد أحمد عن المشهد، توقع الكثيرون اختفاء الحركة وتفككها، لكنها كانت تعود من جديد بعد تسكين الأماكن الشاغرة وملء الفراغات في هرمها القيادي، وهو ما سيحدث مجددا إثر رحيل السنوار، لكنها هذه المرة ستحتاج إلى وقت أطول للتعافي، نظرا لحجم الضرر الذي لحق بها خلال العدوان الصهيوني المتواصل منذ أكثر من عام، والذي أدي أيضا إلى تدمير معظم المبانى والمرافق في القطاع، وجعل الحياة فيه شبه مستحيلة. نجاح الكيان الصهيوني في تصفية السنوار سيفتح شهيته بالتأكيد في مواصلة العدوان على قطاع غزة، وتنفيذ «خطة الجنرالات» التي أعدها قادة سابقون في جيش الاحتلال، وتتضمن إخلاء شمال القطاع من سكانه نحو جنوب وادي غزة، واعتبار أي مدني يختار البقاء في الشمال مقاتلا، ومنع الماء والطعام والدواء على من يرفض المغادرة، وهو ما يحدث حاليا في جباليا، بهدف فرض سيطرة طويلة الأمد على شمال غزة وتقسيمها إلى منطقتين. برنامج الأغذية العالمي حذر من خطورة مثل هذه الخطة على الوضع الإنساني في شمال القطاع، مؤكدا عدم دخول مساعدات غذائية إلى الشمال منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول. لا شك أن تنفيذ «خطة الجنرالات» غير الإنسانية، بالتوازي مع تكثيف عمليات القتل والتدمير الممنهج لكل مظاهر الحياة في القطاع المحاصر، سيفتح الباب أمام سيناريوهات خطرة للغاية على مستقبل القضية الفلسطينية، أهمها تنفيذ مخطط التهجير إلى دول الجوار، وتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، ومن ثم يجب على الدول العربية الانتباه جيدا إلى هذا الأمر، والعمل على دعم صمود الفلسطينيين بكل الطرق والوسائل الممكنة، وعدم تركهم فريسة للعدو الصهيوني والإصرار على عدم تهجيرهم.
يستعدون للبقاء
يستكمل الكيان الصهيوني جريمته الكبرى في غزة بفرض الحصار على شمال القطاع، وإقامة المذابح اليومية لمئات الألوف من المدنيين وتدمير كل أسباب الحياة، تمهيدا لفرض التهجير القسري، أو الموت جوعا أو بقنابل العدو. يحدث ذلك وفق ما لاحظ جلال عارف في “الأخبار” وسط أحاديث دولية خجولة، تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال بعض المساعدات من الغذاء والدواء، بينما تتجاهل الأساس وهو، حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل بدعم من يتشدقون بالحديث الذي لا يتوقف عن حرية الشعوب وحقوق الانسان، ومع وصول وزير خارجية أمريكا بلينكن إلى تل أبيب في جولة جديدة من جولاته التي ساهمت في وصول الأوضاع في المنطقة إلى أخطر مراحلها.. يكتمل المشهد في شمال غزة المحاصر، بحدث آخر جرى بالقرب من الحدود مع الكيان الصهيوني، حيث كان نصف وزراء حكومة نتنياهو يقودون مؤتمرا لآلاف المتطرفين تحت عنوان «عودة الاستيطان إلى غزة» لم يكن بن غفير وسموتريتش وحدهما هناك، كان معهما ما يقرب من عشرة وزراء آخرين وأضعافهم من أعضاء البرلمان «الكنيست». وكان حزب نتنياهو «الليكود» على رأس المنظمين للمؤتمر، في إعلان خطير بأن الحزب الذي يقود الحكومة هو من يتزعم التطرف، وفي تأكيد جديد على أن ما يخطط له نتنياهو هو الاحتلال والاستيطان وليس أي شيء آخر. يدعي نتنياهو أنه ضد الاستيطان في غزة بينما يرسل جنوده لحصار شمال غزة وقتل سكانه، ويرسل وزراءه ليؤكدوا أن الاستيطان مقبل، وسيشمل كل شبر في غزة وتشاهد أمريكا المذابح والمحارق التي تقيمها إسرائيل بالسلاح الأمريكي، فتطلب من إسرائيل أن تسمح بدخول بعض شاحنات المساعدات وتعطيها مهلة ثلاثين يوما حتى تستكمل المهمة وتواصل المذابح، وبعدها ربما لن يكون هناك جوعى في الشمال المحاصر والمهدد بالقتل أو التهجير. ما يحدث في شمال غزة مروع وفق كل الشهادات الدولية، لكن المقبل يمكن أن يكون أخطر مع التوسع في الحرب، وربما تحولها إلى حرب شاملة. عودة الاحتلال والاستيطان وبدء التهجير القسري لم تعد أحاديث مهاويس التطرف مثل بن غفير أو سموتريتش. إنها مخطط الحكومة وعقيدة أعضائها بمن فيهم «الليكود» برئاسة نتنياهو الذين يرفعون الصوت الآن بتهجير الفلسطينيين وعودة الاستيطان إلى كل شبر في غزة.
ما ينتظره لبنان
الطائفية المعلنة والمعترف بها في لبنان قضت عمليا على إمكانية قيام دولة حقيقية هناك. في البداية، وعلى ضوء مشروع سايكس بيكو، كان المفترض، حسبما وقف عنده أسامة غريب في “المصري اليوم” أن تقوم دولة لبنانية لا تضم سوى الموارنة تكون متطلعة لأوروبا بالفكر والثقافة والثراء، لكن ما حدث أن الآباء الأوائل طمعوا في أن يوسعوا من دولتهم ويضموا إليها مناطق يسكنها مسلمون. وقد قدّروا أن يكونوا السادة في الدولة الوليدة، وأن يجعلوا الشيعة في الجنوب خدما للأسياد، أما بالنسبة للمسلمين السُنة فقد كان المأمول أن يكونوا في منزلة الوسطاء بين طبقة النبلاء وطبقة المنبوذين المحرومين في الجنوب. طبعا لم تسر الأمور على هذا النحو، وإنما تقلبت الخريطة السياسية بين تجاذبات دولية وكانتونات صحافية، ثم تدفق اللاجئون الفلسطينيون على لبنان بأعداد كبيرة وسط مد قومي وقرارات عربية أتاحت للمقاومة أن تدير عملياتها ضد العدو من الأراضى اللبنانية. هنا شعر الموارنة بالفزع، إذ لم يكفهم الصعود السني والتململ الشيعي، حتى يضاف إلى ذلك الوجود الفلسطيني أيضا. هذه الحالة عززت التوجه الطبيعي نحو إسرائيل، باعتبارها تتشابه مع الدولة المارونية التي كانت في خيال مؤسسي لبنان، ومن هنا يمكننا فهم الرغبة الحارقة لدى قطاعات من اللبنانيين في أن تدهس إسرائيل حزب الله، وتبيد حاضنته الشعبية بالكامل. ومن الطبيعي أن يقفز إلى الذهن جيش أنطوان لحد وسعد حداد، مع تصور وجود خطط يتم تداولها الآن لتلافي أخطاء الماضي عند الشروع في إنشاء ميليشيات جديدة موالية لإسرائيل على جثة المقاومة.
العسل واللبن
الوعد أو الحلم الذي يقدمه خصوم المقاومة في لبنان للجماهير هو، إقامة وبناء جوهرة متوسطية تضارع ممالك في الغنى والثروة والحياة المرفهة. لكن عندما يصطدمون بمن ينبههم إلى أن لبنان بلد فقير يخلو من الموارد، وأن الخلاص من حزب الله لن يأتي بأنهار العسل واللبن، لكنه وفقا لأسامة غريب سيسلم البلد للسفارات الأجنبية، دون وجود قوة محلية وازنة تردع الاستعماريين عن الولوغ في اللحم اللبناني، وأن البلد سيكون تحت رحمة المقرضين الدوليين الذين ما دخلوا بلدا إلا خرّبوه، وجعلوا سكانه يعيشون على الكفاف. هذه الحقيقة يعلمها زعماء الطوائف الذين يبيعون لجمهورهم حلم الثراء والأبهة. يعلمون كذلك أنهم لن يكونوا أثرياء، لكنهم سيكونون في أحسن الأحوال مثل دول الاعتدال التي تمسك بالهواء وتأكل الهواء وتركب الهواء. هنا تأتي الفكرة المنطقية التي لا يوجد سواها. ما دام لبنان بلدا بلا موارد، وما دام السلام مع إسرائيل لن يأتي بالمال والثروة، فقد يكون الحل أن يتحول لبنان إلى إسرائيل جديدة مجاورة وموازية لإسرائيل القديمة، بمعنى دولة يتولاها الغرب ويتعهدها بالتسليح والإنفاق والرعاية، مثلما يفعل بالضبط مع إسرائيل. دولة يدللها العالم ويسمح لها بالتوسع في الجوار العربي، مع دمج حلم إسرائيل الكبرى في حلم لبنان الكبرى. هذا ليس خيالا شاطحا، لكنه خطط يتم تدارسها على الأرض على وقع قنابل الأعماق التي تقوم بتقليب التربة اللبنانية وعجنها بلحم البشر.
عن دمنا الرخيص
لماذا فقد الدم العربي قيمته، هذا الدم الذي يسيل كل لحظة دون “ذنب” في لبنان وغزة والضفة الغربية واليمن بقذائف الاحتلال أمريكية وغربية الصنع. يتذكّر شعبان بلال في “القاهرة24″عند رؤية مشاهد أشلاء أطفال غزة ولبنان وغيرهم، كلمات الشاعر جبران خليل جبران “ومرت لحظة مات فيها كل شيء فلم يعد لأمر قيمة ولا معنى”، لكن سرعان ما يلمس الأمل قلبي وأتذكر كلماته “لا تتوقف الحياة بسبب بعض خيبات الأمل”. خلال العدوان على غزة فقد آلاف الأطفال أرواحهم بطريقة صعبة الوصف، لا يتحمل جمهور “السوشيال ميديا” النظر إليها.. هذه الدماء لم تحرك ساكنا في المجتمع الدولي، الذي غض الطرف واستمر في الحديث عن “أسرى 7 أكتوبر/تشرين الأول، والإفراج عنهم”، رغم استشهاد عشرات أضعافهم حتى الآن من الأطفال والنساء والشيوخ، بخلاف مئات أضعافهم من الجرحى المصابين، وملايين غيرهم في حالة فقر وجوع ومرض، في سجن كبير يُدعى غزة”. يتذكر الكاتب كذلك رد الفعل العالمي على مقتل أطفال مجدل شمس “المرفوض قطعا” بصاروخ مجهول زعم الاحتلال أنه لأحد أطراف المقاومة، ليتيقن شعبان بلال أن دماء أطفال غزة ولبنان والعرب “رخيص” ولا قيمة له. تحدثت مع مسؤولي المنظمات الأممية كاليونيسف والهلال الأحمر والصليب الأحمر والأونروا، وسمعت آهاتهم من جرائم الاحتلال في حق الأطفال والمدنيين، لكن هذه الآهات يتم تجاهلها، على الرغم من أنها صادرة من جهات أممية تتبع الأمم المتحدة “التي تعيش في نوم عميق”، يقول لي مسؤول في اليونيسف أن 14 طفلا استشهدوا في لبنان خلال الأيام الستة الماضية فقط، وكأن هؤلاء الأطفال ليس لديهم حق الحياة، ولبنان ليس بلدا عربيا له سيادته. والصدمة التي يتجاهلها كثيرون هو استشهاد أكثر من 15 ألف طفل في غزة، خلال عام واحد من العدوان. كل هذه الشواهد وغيرها توضح دائما أن الدم العربي أصبح رخيصا ولا قيمة له. تكرار المشاهد والأخبار تُحدث فينا نوعا ربما من “بلادة المشاعر”.
رحلوا ولم تنهر
من المؤكد والكلام لمختار محروس في “الوفد”، أن الكيان المحتل لم يفهم طبيعة المقاومة.. نتنياهو ومجرمو الحرب في إسرائيل واهمون باعتقادهم أن اغتيال حسن نصر الله وقادة حزب الله قضى على حزب الله.. ويمتد خيال مجرمي الحرب في الكيان المحتل بأنه قضى على “حماس” بعد استشهاد قائد المقاومة وزعيم “حماس” الشهيد يحيى السنوار.. هذا الوهم يصدره مجرم الحرب نتنياهو وقادة جيش الاحتلال لشعبهم ولداعميهم ومموليهم.. يذكرنا الكاتب كما يذكر مجرمي الحرب في الكيان، بكلام أبوعبيدة في آخر حديث له: «لو كانت الاغتيالات نصرا لانتهت المقاومة منذ اغتيال عزالدين القسام قبل 90 عاما، نحن نعمل بإرادة الله وعلى عينه، يخلف القائد قادة والجندي عشرة والشهيد ألف مقاوم، وهذه الأرض تُنبت المقاومين كما تُنبت غصون الزيتون». سجلات التاريخ تقول: إن القائد يحيى السنوار كبّد إسرائيل أكبر هزيمة عسكرية في تاريخها، وبقي حاملا سلاحه أكثر من عام يقاتل بين جنوده، مدافعا عن دينه وأرضه ومقدساته وشرف أمته، حتى لقي وجه ربه شهيدا في ساحة القتال بشهادة أعدائه، حياة حافلة بالصبر والجهاد والشجاعة، وميتة الأبطال في ساحات القتال.. مشهد ارتقاء السنوار لو فكر أكبر مخرج في أن يخرجه بهذه الصورة ما استطاع.. لكنها إرادة الله الذي أراد أن تكون نهاية صاحب رواية «الشوك والكرنفل» بهذا الإخراج الرباني وبيد عدوه الذي يحاول الآن فبركة نهايات للنيل من الشهيد البطل ولكنهم فشلوا وبامتياز.
قرنفل السنوار
“الآن جاء الموعد يا أمّاه، فقد رأيتُ نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد. ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك”، هذا ما قاله الأديب والمناضل يحيى السنوار في روايته “الشوك والكرنفل” التي كتبها في سجنه في بير السبع عام 2004 مخاطبا نفسه وكل مناضل في ساحة القتال. لحظة صمته وهدوئه وهو مصاب ويده تنزف دما مع من كان يتحدث؟ يتساءل مختار محروس هل مع أرضه التي أحبها وبلده التي عشق ترابها فكانت تتهيا لتحتضنه، أم كان حواره مع ربه الذي أحبه فاختار له من حسن الخاتمة أعظمه.. نعم فقد كان متاحا للعدو ترتيب مسرح الأحداث بما يخدم كل رواياته المزعومة وافتراءاته السابقة عليه، بأن السنوار يتحصن بالأسرى والمدنيين ويختبئ في الأنفاق، لكن الله أبى إلا أن يُظهره بهذه الصورة مشتبكا لا مختبئا مقبلا لا مدبرا.. جاءت نهايته كما أرادها هو وتمناها.. يبقَى السؤال المهم هنا عن الأهداف التي أعلنها العدو؛ هل حقق منها شيئا؟ فهو لم يستطع تصفية “حماس”، وكذلك لم يحرر أسراه، وأيضا لم يُعِد مواطنيه في غلاف غزة، ولم يُعِد كذلك مواطنيه في الشمال إلى مستوطناتهم، وكل هذه الأهداف التي فشل في تحقيقها كان السبب فيها هو وقوف المقاومة، وصمودها هذه المدة الطويلة، على الرغم من محاصرتها من كل حدب وصوب، ورغم استعانة العدو بأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وغيرها من الدول الغربية. معركة التحرير هذه ليست معركة “حماس” ولا معركة فصائل المقاومة، بل هي معركة الأمة بأسرها، ولا عذر إلا لعاجز قد أقعده عجزه. فعلى كل مؤمن من غير أولى الضرر أن يعيد تموضعه ويحدد موقعه وكل ميسر لما خلق له؛ “وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرا عَظِيما”.
مولانا والقضية
تصريحات شيخ الأزهر أحمد الطيب، التي يتابعها باهتمام محمود الحضري في “المشهد” جاءت كلها تعبر عن موقف رجل مسؤول ومواطن مصري عربي مهموم بقضايا وطنه وأمته وقومه، علاوة على موقعه على راس أكبر مؤسسة إسلامية سنية في العالم. لم يترك شيخ الأزهر مناسبة إلا وعبر من خلالها عما يحدث من إبادة وتدمير لشعب فلسطين، وما بعده في لبنان، وما هو مقبل قد يكون أفظع وأكثر إيلاما في ظل حالة صمت من الجميع. تصريحات الدكتور أحمد الطيب، كانت واضحة بشأن ملف القضية الفلسطينية، خلال استقباله الدكتور القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، ووفد مجلس كنائس جنوب افريقيا والكنائس الأمريكية، برئاسة الدكتورة القس ماي إليس كانون المديرة التنفيذية لمنظمة “كنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط”، والأسقف مالوسي مبوملوانا الأمين العام لمجلس كنائس جنوب افريقيا؛ لمناقشة تأسيس تحالف القيادات الدينية للمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية. اختار شيخ الأزهر كلماته بدقة، مؤكدا أن القضية الفلسطينية والعدوان على غزة ولبنان، كشفا للعالم ظاهرة جديدة يمكن تسميها بالانفصام السياسي، التي أبرز معالمها النفاق العالمي الذي تمارسه الدول الكبرى بالمطالبة بوقف العدوان على غزة، والتباكي على شهداء غزة من الأطفال والنساء وهذا يتناقض كليا مع مواقف تلك الدول، حيث تستمر في تصدير السلاح والمتفجرات، ودعم الكيان الصهيوني لمواصلة عدوانه الإرهابي، وقتل المزيد من الأبرياء، وهؤلاء الذين يمارسون هذا النفاق العالمي من صنَّاع القرار السياسي العالمي؛ لا يريدون بأي حال من الأحوال تحقيق سلام عادل، أو نصرة المستضعفين في غزة ولبنان.
يؤذن في مالطا
شيخ الأزهر أحمد الطيب لم يخف كرهه للصهاينة، ومَن خلفهم ومَن يعاونهم هم ظلمة معتدون، وأن الله – جل وعلا – يمهل لهم ليطبق فيهم قول رسوله (صلى الله عليه وسلم، ولكن سيظل الله هو العدل، وفي الوقت ذاته كما أخبرنا محمود الحضري، فإن عالمنا العربي والإسلامي قصر كثيرا في إعداد نفسه لمواجهة هذه التحديات المعاصرة، وانشغل بما مرره أعداؤه له من تحديات مذهبية وفتن طائفية. لو امتلك الشعب الفلسطيني واللبناني واحدا في المئة مما يملكه الكيان الصهيوني من سلاح وعتاد، بالفعل ما جرؤ هذا المحتل على التعامل معه بهذا الشكل غير الإنساني. وجاءت تصريحات شيخ الأزهر امتدادا لمواقفه على مدى أكثر من عام، فمنذ عملية طوفان الأقصى، أكد أن ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم في غزة من قصف مكثف وقتل وقطع الكهرباء والإنترنت وتدمير لكل مظاهر الحياة وحجب كل مصادر الحقائق والمعلومات حول ما يحدث من مجازر وجرائم وحشية. ولم يتخلّ شيخ الأزهر عن مسؤوليته على رأس مؤسسة كبرى، فقد رحَّب شيخ الأزهر بقرار مجلس الأمن في نهاية الربع الأول من 2024، بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وطالب بمضاعفة الجهود للتوصل إلى وقف دائمٍ لجرائم الكيان المحتل، كما رحب لاحقا بإعلان النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. ويشجع باقي الدول لاتخاذ خطوات مماثلة. وفي مناسبة دينية، قال “إن تعاملنا مع قضية فلسطين والقدس الشريف لا يعكس حجم ما أنعم الله به علينا من ثروات بشرية وطبيعية هائلة، ومن طاقات جبارة لا تنفد، ومن عقول خلاقة في كل ميادين الحياة المعاصرة. وجاء تعبير مهم لشيخ الأزهر عندما وجه حديثه للقادة العرب قائلا، “رد العدوان عن إخوتنا في فلسطين واجب ديني وشرعي ومسؤوليتكم أمام الله”، بل طالب سفارات الدول الإسلامية والعربية بالتعريف بقضية المسلمين والعرب والأولى وهي القضية الفلسطينية وفضح الانتهاكات التي يتعرض لها الأبرياء في قطاع غزة المحاصر وبيان الموقف العربي والإسلامي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني الصامد. حالة التشتت والضعف التي أصابت أمتنا العربية أفقدتها توازنها وقدرتها على مواجهة أزماتها المتلاحقة.
في انتظار البديل
يظل العالم حابسا لأنفاسه حتى يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مترقبا الضربة الإسرائيلية لإيران، ورد فعل طهران على هذه الضربة، لأنها قد تصبح شرارة اندلاع الحرب العالمية الثالثة. الموعد، كما أوضح محمد عبد الحافظ في “الوطن” سيكون قبل إجراء الانتخابات حتى يضمن الحزب الديمقراطي استمراره في البيت الأبيض. وقد تصوَّر البعض -خطأ- أن تأخر الضربة الإسرائيلية بسبب إعادة نظر تل أبيب في القيام بها أو إلغائها، ولكن التأخر كان بسبب تحديد مواقع وأهداف الضربة، والتنسيق مع الولايات المتحدة ليس في المساعدة على قوة الضربة وتأثيرها فقط، ولكن للاستعداد والتجهيز لامتصاص رد الفعل الإيراني بعد الضربة. الولايات المتحدة نصحت – ولم تصل النصيحة إلى حد التحذير- بعدم استهداف المنشآت النووية أو مصافي البترول، لأن ذلك قد يدفع إيران إلى رد مماثل، بضرب مفاعل ديمونة النووي، وضرب حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، الأمر الذي سيؤدي إلى إظلام إسرائيل تماما لعدة أسابيع، ويُفقدها مفاعلها النووي. والآن، وبعد أن اتفق الحليفان، أمريكا وإسرائيل، على تحديد الأهداف وخطة ضربها، وتوقيت التنفيذ، والتجهيز لامتصاص الضربة الإيرانية، وحماية حقول الغاز ومفاعل ديمونة، فلم يبقَ إلا الضغط على زر بدء الهجوم. وتضمنت التجهيزات الاستباقية تزويد إسرائيل بعشرات المنصات الجديدة لصواريخ الدفاع الجوي الأمريكية من طراز «ثاد» التي تُعد الوحيدة القادرة على التعامل مع الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى التي تستخدمها إيران، وتدميرها سواء داخل أو خارج الغلاف الجوي أثناء المرحلة النهائية من رحلتها، أو التوجه نحو هدفها، وقد أرسلت الولايات المتحدة 100 جندي أمريكي لتشغيل هذه المنصات المتحركة، فلم يكن هناك وقت لتدريب الجنود الإسرائيليين على تشغيلها.
لحين غيابه
يتوقع محمد عبد الحافظ الأسوأ: تقف روسيا والصين مكتوفتي الأيدي خوفا من سيطرة أمريكا وأوروبا على آبار البترول الإيرانية والتحكم في ثالث مصدر للاحتياطي البترولي على مستوى العالم، طبقا لبيانات منظمة «أوبك». وقد أعلنت الصين تأهبها للدخول في هذه الحرب الشاملة – حال نشوبها – حيث أدلى الرئيس الصيني شي جين بينج بتصريحات الخميس الماضي أثناء زيارته لواء من قوة الصواريخ في الجيش الصيني، قال فيها: «إن على الجيش تعزيز التدريب والاستعداد للحرب بشكل شامل، وضمان أن للقوات قدرات قتالية صلبة، وعلى الجنود أن يعززوا قدراتهم الاستراتيجية على الردع والقتال». وسيزداد الأمر تعقيدا وتشابكا إذا ما استخدمت الولايات المتحدة قواعدها العسكرية الموجودة في منطقة الخليج ضد إيران، لأن وقتها ستنتقم إيران من أمريكا بضرب منصات البترول في دول الخليج. وسترتفع أسعار البترول لمستويات خيالية وستتوقف حركة التجارة العالمية، هذا بالإضافة إلى أن ضرب مراكز الأبحاث النووية في إيران ومفاعل ديمونة في إسرائيل سيتسبب في إحداث تسربات إشعاعية قد تؤدى إلى كارثة بشرية، لا يمكن مواجهتها أو تجنبها، وستؤثر صحيا على عدة أجيال قادمة. كل هذه السيناريوهات المفزعة التي تستهدف البشرية سببها أطماع نتنياهو وأحلامه في الانتصار الوهمي على المقاومة في اليمن ولبنان وفلسطين، وتنفيذ خطة إسرائيل الكبرى. وإذا كانت إسرائيل تدّعي وتبرر اغتيالها لزعماء المقاومة الذين يدافعون عن أرضهم، بأنهم كانوا عقبة أمام تحقيق السلام، فإن من الأولى القضاء على نتنياهو الإرهابي الأول على مستوى العالم، الذي بلغ عدد ضحاياه منذ عام وحتى الآن ما يقرب من 50 ألف شهيد و120 ألف جريح وعدد غير محدود من المفقودين من النساء والأطفال والعجائز والمرضى في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا. توقف كل السيناريوهات السوداء، وخلاص البشرية، وظهور بوادر للسلام مرهون بالقضاء على نتنياهو، بالعزل أو الاغتيال أو المحاكمة.
اختيار العبيد
ترى ماذا يقصد حسين حلمي في “الوفد”، بسوء الاختيار الذي يصيب الكثير من الناس في بلد ما؟ أسوأ أنواع الاختيار هو الاختيار غير الحُر، بأن تكون مُضطرا إلى اختيار شخص في ظروف معينة يستصعب فيها عليك الأمر، وأنت مُحاصر بين الكذب والمجاملة، فيدفعك إلى اختيار شخص ظننته الصواب القادر على مواجهة الكاذبين، الذين يجاملون أنفسهم. فهذا الاختيار ليس حُرا على الإطلاق. وقد يكون ثمن هذا الاختيار فقد للحرية وضيق بالحياة، لأننا لم يكن لدينا الاختيار، لذلك تجدنا نجلد أنفسنا ليل نهار بعد أن اكتشفنا سوء اختياراتنا، وندعو الله أن يُزيح هذا الشر الذي كُنا نظنه خيرا، ونُريد أن ننسى ما فعلناه في أنفسنا. فالرجل السيئ لا يتغير أو يُحاول أن يتغير، فهو مُخادع واستطاع أن يخدعنا، وأن كل شيء فيك كان يوحى بسوئك، ولكن لم نصدق مشاعرنا تحت ضغط الكذب والمجاملة، وأوقعتنا في بحر العسل الذي رسمته لنا، فأنت أسوأ اختيار في حياتي وأكبر كذبة أعيشها، وأصبح من حقنا الآن إعادة المحاولة لعلنا نستطيع أن نختار من جديد، ويكفينا ما مر من عُمر، حتى أصبحنا لا نتحمل، أدعو الله عز وجل كل يوم أن يُزيح الهم والحُزن وضيق اليد، فالله يقبل الاعتراف بالأخطاء ويتوب على عباده الذين ظلموا أنفسهم في سوء اختياراتهم، وبذلك حلل الله الفراق.