ليبيا: جدل بين البرلمان والدبيبة يصل للمحاكم حول شرعية قرار تشكيل مجلس إدارة جديد لجمعية الدعوة الإسلامية

نسرين سليمان
حجم الخط
0

طرابلس – «القدس العربي»: أثار تفعيل رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، تفعيل قرار كان قد اتخذه بتشكيل مجلس إدارة جديد لـجمعية الدعوة الإسلامية العالمية، جدلاً واسعاً وخلافات تجددت بينهم وبين البرلمان الذي رأى بأن القرار يخالف التشريعات القائمة في البلاد.
وفي منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قالت جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، عبر بيان أصدرته في ساعة مبكرة، إنها فوجئت بقرار من حكومة الوحدة بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد لها، مشيرة إلى أن القرار، سواء أكان عن خطأ أو عن عمد، فإنه لا يستند إلى أساس قانوني؛ بوصفها تابعة للجهة التشريعية في الدولة حسب القانون الليبي.
وأوضحت الجمعية أنه فور علمها بالقرار من الميديا الليبية والإقدام على تنفيذه اتجهت لتحرك دعوى قضائية بالطعن فيه؛ كما أقدم مجلسا النواب والرئاسي على الخطوة نفسها، لكن مجلس الإدارة الجديد المشكَّل من الحكومة يصر على عدم الاعتراف بالإجراءات القضائية.
وتحدثت الجمعية عن أن المجلس الجديد مستمر في محاولاته التي وصفتها بـاليائسة في ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع ومحاولة السيطرة على إدارة الجمعية؛ بالمخالفة لقانونها التأسيسي رقم 58 لسنة 1972، وقانون رقم 9 لسنة 2023 القاضيين باختصاص وتبعية الجمعية لجمعيتها العمومية، وهيئة رئاسة مجلس النواب دون غيرهما. وفي السياق، وفي بيان جديد، أعلنت اللجنة التسييرية لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية المكلفة من مجلس النواب أنها رفعت دعوى قضائية أمام المحاكم المختصة في دولة المقر ضد قرار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بتشكيل لجنة لتسيير الجمعية، معتبرةً هذا القرار مخالفة صارخة لقانون إنشاء الجمعية وقانون إعادة تنظيمها.
وأكدت الجمعية، في بيان رسمي، أن قرار تعيين مجلس إدارتها ينبغي أن يصدر من قبل هيئة رئاسة السلطة التشريعية أو مؤتمرها العام دون غيرهما، مؤكدة التزامها الكامل بالدفاع عن حقوقها المشروعة من خلال السبل القانونية.
ورأت أنه بهذه الطريقة يسهل تحويل أي أموال من أرصدتها، وتكون عرضة للنهب والسرقة، ما يهدد المؤسسة بالإفلاس منوهة إلى أن ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة كانا يدققان قبل ذلك كل ما يخص مصروفات وحسابات الجمعية؛ وهذا عمل نُشيد به، ونستغرب فعل عكسه بعد تشكيل مجلس إدارة جديد للجمعية بالمخالفة للقانون.
وتحدثت الجمعية عن عملية اقتحام سابقة لمقرها الرئيسي في طرابلس بشكل غير قانوني، ورأت أن بعد هذا الفعل المسيء ساد ارتباك وخوف داخل المؤسسة من قِبل الموظفين أثناء التلاعب بأرصدة الجمعية في غياب الرقابة المصاحبة من الأجهزة الرقابية.
وانتقد المجلس الرئاسي الليبي قرار حكومة الوحدة وعدَّه أيضاً مخالفاً للقانون، وقال كان يجب أن تتم عملية تغيير مجلس إدارتها من قبل الجهة المخولة بذلك، الأمر الذي ثمَّنته الجمعية، داعيةً حكومة الوحدة إلى مراجعة قرارها، والمساهمة في الحفاظ على أموال الجمعية، وعدم تعريض سمعتها للخطر.
وقبل أسبوعين، عقد مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية المكلف من حكومة الوحدة الوطنية اجتماعاً مع الدبيبة، لبحث أهمية “حصر جميع أصول الجمعية والإفصاح عنها”.
وأكد الدبيبة خلال الاجتماع ضرورة أن تتم كافة أنشطة الجمعية بشفافية تامة، مع الالتزام بتطبيق معايير الحوكمة في كل العمليات الإدارية والمالية.
وسبق وأن خاطب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح النائب العام ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، بعدم إجراء أي تغيير في توقيعات المخولين بحسابات جمعية الدعوة الإسلامية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تصرف اللجنة التي شكلتها حكومة الوحدة في حسابات الجمعية.
وفي أواخر أيلول/ سبتمبر، طالب رئيس ديوان المجلس الرئاسي رئيس إدارة القضايا في المحكمة العليا بمباشرة إجراءات الطعن أمام المحكمة المختصة -على وجه السرعة- في قرار مجلس وزراء حكومة الوحدة القاضي بتشكيل مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية، مشيراً إلى مخالفة القرار للتشريعات النافذة بحسب وصفه.
ويرى أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن القرار الذي اتخذته الوحدة يشكِّل مخالفة للقانونين اللذين ينظمان عمل الجمعية؛ ويؤكدان تبعيتها لمجلس النواب.
ويحذِّر سياسيون ليبيون من أي محاولة للمساس بأموال الجمعية، ويطالبون الأجهزة الرقابية في غرب البلاد بالاضطلاع بدورها في حمايتها لكن حكومة الدبيبة تتمسك بأحقيتها في تغيير مجلس إدارتها، بعيداً عن أي مساس يتعلق بمدخراتها كما نوهت في بيانات سابقة.
وفي السياق، أطلق رئيس لجنة الطاقة، في مجلس النواب، عيسى العريبي تحذيرات شديدة اللهجة حول محاولات العبث بأرصدة وأموال جمعية الدعوة الإسلامية.
وأعرب في تصريحات صحافية عن رفضه القاطع لما سماه “العبث” بأموال جمعية الدعوة الإسلامية، متهماً الأجهزة الرقابية بالتقاعس عن أداء دورها في حماية تلك الأرصدة. وقال العريبي إن الأجهزة الرقابية، بما في ذلك ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية في المنطقة الغربية، تتعرض لضغوط كبيرة من جهات نافذة في طرابلس، مما يعوقها عن أداء دورها الفعّال في مراقبة مؤسسات الدولة.
وأضاف: “إذا كانت هذه الأجهزة عاجزة عن القيام بواجبها تحت هذه الضغوط، فعليها أن تتحمل مسؤولياتها وتبلغ مجلس النواب ومكتب النائب العام بهذه التحديات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية