السودان: شارون جديد يتبع لـ«الدعم السريع» يرتكب فظائع مروعة في قرى الجزيرة 

محمد الأقرع
حجم الخط
0

الخرطوم – «القدس العربي»: برز اسم قائد الدعم السريع في قطاع جنوب ولاية الجزيرة، عمر شارون، ضمن مرتكبي الجرائم المروعة في عدد من القرى بتلك النواحي، خاصة بعد ظهوره مؤخراً في مقاطع مصورة توثق إذلاله مسناً وتعذيبه للأسرى عقب الهجوم الذي قاده على منطقة السريحة التابعة لمحلية الكاملين والتي راح ضحيتها نحو 150 شخصاً عدا عن مئات آخرين من الجرحى والمعتقلين.
ويوثق مقطع مصور إذلال شارون السوداني التابع للدعم السريع لأحد المسنين من قرية السريحة وشد لحيته مما أثار غضباً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي واستياء وسط السودانيين الذين اعتبروا أن ما تقوم به قوات الدعم السريع وقائدهم في قرية السريحة ومنطقة شمال وشرق الجزيرة يخلو من الأخلاق، بينما أطلق بعضها “هاشتاغ” يدعو إلى تصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية.
تحت الضغط الواسع وبيانات الإدانة المتلاحقة من الناشطين والحقوقيين السودانيين، خرج مستشار قائد الدعم السريع، عمران عبدالله، ونفى أي صلة لهم بشارون في السريحة قاطعاً بأنه لا يتبع لقوات الدعم السريع، إلا أن مصادر ميدانية عديدة أكدت لـ”القدس العربي” أن عمر شارون هو قائد قطاع شمال الجزيرة التابع لقوات حميدتي وأنه يتخذ من قرية كاب الجداد نقطة انطلاق لتحرك قواته.
ورغم كل الإدانات وحملات الانتقاد الواسعة، خرج شارون مرة أخرى وتفاخر في فيديو جديد بما فعله بالرجل المسن ووصفه بأنه امرأة لأن على لحيته حناء، ووصف أنه نوع من الضلال الديني الذي يستخدم عناصر النظام البائد. وأضاف: “لست نادماً سوى على دراستي في جامعة السودان الإسلامية” علماً بأنه لا توجد جامعة بهذا الاسم في البلاد.
وبسبب الغضب المتزايد وسط السودانيين، أعلن مجموعة من رجال الأعمال عن تقديم جائزة مالية بقيمة 50 مليار لمن يتمكن من إلقاء القبض على المدعو شارون. ويعد عمر السيد محمد أحمد المعروف بـ”شارون” شخصية مثيرة للجدل بعد أدواره البارزة في أحداث عنف بولاية الجزيرة وعمليات الترويع التي طالت المواطنين الأبرياء.
وقال بعض الأهالي لـ”القدس العربي” إنه ظل يفرض جباية على كل قرية بقيمة 500 ألف جنيه شهرياً مع توسعه في عمليات النهب والسلب والترهيب.
بينما قالت مصادر عسكرية إن شارون هو قيادي في الدعم السريع ومتورط في جرائم ضد المواطنين، كما أنه معروف بسلوكياته السيئة التي أدت إلى تدهور علاقاته مع سكان تلك المناطق، وأن لقب “شارون” ناله بسبب جرائمه الدموية وتشبيهاً برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “أريل شارون” الذي عرف بمجازره المروعة في حق الفلسطينيين واللبنانيين.
رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة، العقيد إبراهيم الحوري، قال على صفحته بـ”فيسبوك”، إن السلطات الأمنية ألقت القبض على شارون في فترة سابقة بتهمة انتحال شخصية ضابط برتبة نقيب وأودعته سجن الهدى شمال أمدرمان لكن بعد اندلاع الحرب أطلق سراحه واستوعبته الدعم السريع في صفوفها.
وفقاً للمصادر العسكرية، فإن شارون بعد إطلاق سراحه من سجن الهدى، عمل مرشداً في صفوف الدعم السريع بحي الجريف شرق الخرطوم، وساهم مع آخرين في سرقة منازل المواطنين في تلك المنطقة قبل أن ينخرط في القتال ويتم تكليفه لإدارة منطقة “كاب الجداد” شمال الجزيرة.
وقال سكان محليون لـ”القدس العربي” إن قوات شارون منعت في وقت سابق المزارعين في منطقة كاب الجداد من الحصاد واشترط استخراج تصديقان مدفوعة تقدر قيمتها بمليون جنيه سوداني.
وأشاروا إلى أنها أيضا كانت تقوم باعتقال شباب القرى بتهم الانتماء لهيئة الاستخبارات التابعة للجيش أو النظام السابق ومن ثم تشترط دفع فديات لإطلاقهم مبينين أن قيمة الفدية تصل إلى مليون ونصف المليون جنيه سوداني وفي الغالب تضطر الأسر إلى دفعها خوفاً من أن تعرض المعتقلين للتعذيب والضرب.
كذلك، قالوا إن قوات شارون التابع للدعم السريع ظلت تفرض رسوماً على تجار منطقة كاب الجداد والقرى المحيطة بالإضافة إلى إتاوات أخرى متعلقة بنقل البضائع وحركات المركبات والباصات السفرية، مشيرين إلى أن الرسوم تبدأ من عشرة آلاف جنيه وحتى ثلاثة ملايين جنيه سوداني.
الأربعاء الماضي، هدد شارون أهالي قريتي السريحة وأزرق بالجزيرة وطالبتهم بعدم الاحتفال مع الجيش وجمع سلاحهم فوراً قبل أن يقوم باقتحام قرية السريحة أمس الأول وتقوم بمقتل نحو 130 شخصاً وأكثر من 200 مصاب بالإضافة إلى اعتقال 150 آخرين واقتيادهم إلى منطقة “كاب الجداد”.
وقال شهود عيان لـ”القدس العربي” إن جنود الدعم السريع تحت قيادة شارون عقب دخولهم إلى قرية السريحة كانوا يقومون بتصفية الجرحى الذين عثروا عليهم كما نهبوا كل ممتلكات المواطنين.
ويتخوف مراقبون من تحرك مماثلة لقوات الدعم السريع لمهاجمة قرية أزرق التي يرفض أهاليها دخول قوات حميدتي إليها ودارت بيهم وبينها معارك عنيفة الأيام الماضي، وإلى ذلك يناشد البعض قوات الدعم السريع التدخل ومنع وقوع مجزرة جديدة كما يطالب آخرون الجيش بالقيام بدوره وحماية المدنيين.
وأعلن والي ولاية الجزيرة، الطاهر إبراهيم الخير، التعبئة العامة والاستنفار في كل مدن وقرى الولاية ولكل قادر على حمل السلاح وذلك لوقف الممارسات التي تنتهجها الدعم السريع.
وندد الوالي بالأحداث التي شهدتها منطقة السريحة واستهداف “الميليشيات” للمواطنين بكل أنواع الأسلحة والتي أسفرت عن قتل كبار السن وترويع الأمهات والأطفال.
ويشار إلى أن عدداً من قرى الجزيرة تشهد حملات انتقامية بحق السكان من قبل الدعم السريع رداً على انشقاق قائدها بالولاية أبوعاقلة كيكل وانضمامه للجيش السوداني، مطلع الأسبوع الماضي مما أسفر عن مقتل العشرات وإجبار الآلاف على الفرار، فيما يجري الحديث عن جرائم مثل التهجير القسري، والاغتصاب والنهب والتعذيب.
وأعربت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل عن قلقها إزاء ارتفاع حدة الانتهاكات بحق المدنيين في ولاية الجزيرة وسط السودان، لا سيما الانتهاكات المرتبطة بالعنف الجنسي ضد النساء والفتيات.
وقالت، في بيان لها الأحد، إن الدعم السريع تستخدم العنف الجنسي والاغتصاب ضمن تكتيكاتها الحربية خلال النزاع بهدف إهانة الرجال وإضعاف المجتمعات وهدم أسسها وإذلالها وإجبارها على إخلاء المنازل وتهجيرها قسرياً.
وكشف البيان، عن وصول تقارير ـ غير مؤكدة ـ عن حالات عنف جنسي ضد النساء والفتيات على يد عناصر الدعم السريع في بعض قرى الجزيرة.
وتفيد المتابعات بأن قوات الدعم السريع بقيادة عمر شارون ما زالت ترتكب جرائم في حق سكان قرى شمال الجزيرة. وإلى ذلك، أفادت منصة مؤتمر الجزيرة عن مهاجمة قوة من الدعم السريع قرية الحليلة التابعة لمحلية الكاملين، مشيرة إلى أنها قصدت منزل المواطن حمد محمد زروق بغرض السلب والنهب وطالبوه بالمال فاعتذر لتطلق عليه نيرانها وترديه قتيلاً.
ومنذ الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، استولت قوات حميدتي على عاصمة ولاية الجزيرة “ودمدني” عقب انسحاب مفاجئ لتقوم بعدها بالتمدد في المدن والقرى شمال وشرق وجنوب الجزيرة.
ويذكر أن الخلافات بين قيادات الدعم السريع في الجزيرة برزت مثل اليوم الأول لاستيلائها لعاصمة الولاية، حيث أبدى بعض القادة رفضهم لتولي أبوعاقلة كيكل لقيادة القوات في الولاية الأمر الذي جعل سلطة محصورة فقط في منطقة شرق الجزيرة، بينما في وسطها كانت تحت قيادة شخص يدعى “قجة” وهو نفسه مختلف مع فصيل آخر ودخل في مواجهات عديدة معه، كذلك توجد قوات تتبع لحركة شجعان كردفان بقيادة “جلحة” وهو نفسه دخل في مشادات كلامية مع قيادة الدعم السريع.
ورأى بعض المراقبين أن الحملات الانتقامية التي تقودها الدعم السريع هذه الأيام تأتي دليل على ضعفها وقرب هزيمتها في المنطقة خاصة بعد الحصار المحكم الذي بدأ الجيش بفرض عقب تحركاته الواسعة الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى انضمام “كيكل” الذي مثل قاصمة ظهر لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية