القدس: يخيم الغموض على مستقبل نشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الثلاثاء غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل بما يشمل القدس الشرقية المحتلة.
يعد التشريعان اللذان أقرهما الكنيست انتصارا سياسيا لمن يتهمون موظفين في الأونروا بالمشاركة في هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، فيما يثير يقلق آلاف المستفيدين من الوكالة في الأراضي الفلسطينية.
ماذا سيحدث؟
تعمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تقدم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وخاصة في مجالي التعليم والصحة.
ويحظر التشريعان على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا ويمنعها من العمل داخل إسرائيل بما يشمل القدس الشرقية التي احتلتها عام 1967 ثم أعلنت ضمها.
من المقرر أن يدخل التشريعان حيز التنفيذ خلال ثلاثة أشهر.
ويشير الباحث ريكس برينين المتخصص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين إلى أنه “في المستقبل القريب، قد يجعل هذا استمرار عمليات الأونروا في القدس الشرقية صعبا للغاية”، مذكّرا بأن الوكالة تعمل في مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية.
لكن المتحدث باسم الوكالة جوناثان فاولر يؤكد أن “هناك تداعيات تتجاوز ما تعتبره إسرائيل إقليمها السيادي، لأن انتهاء التنسيق مع السلطات الإسرائيلية سيشكل ضربة قوية للعمليات في غزة التي نمثل نحن عمودها الفقري”.
وفي قطاع غزة الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، توظف الوكالة 13 ألف شخص، وتدير الاستجابة الإنسانية لمنظمات أخرى، وهي على اتصال منتظم مع السلطات الإسرائيلية، وخاصة في ما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية.
كما سيجعل حظر التنسيق مع إسرائيل من الصعب على الأونروا العمل في الضفة الغربية المحتلة حيث تخدم وفق برينين 900 ألف لاجئ، وتدير 43 مركزا صحيا وما يقرب من 100 مدرسة.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، لم ترغب الأونروا في تقديم تفاصيل لكنها أشارت إلى أن اتصالاتها مع الهيئة الإسرائيلية المشرفة على الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (كوغات) تتعلق خصوصا بتنقلات موظفيها.
ماهو الدافع من التشريع؟
يرى ريكس برينين أن هذا التشريع هو نتيجة “غضب الإسرائيليين” تجاه الوكالة التي يربطونها بهجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولكنه أيضا نتيجة “للجهود التي بذلتها الحكومة الإسرائيلية والعديد من النواب مع مرور الوقت لإضعاف الأونروا من أجل تهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين”.
وأحد الوجوه التي تقف وراء ذلك هي النائبة السابقة عينات ويلف التي تنتقد الوكالة على خلفية حق العودة للاجئين، وتعتبر أن أقلية من اللاجئين المسجلين لدى الأونروا هم لاجئون “وفقا للمعايير الدولية”.
تنص لوائح الأمم المتحدة على أن الأشخاص يعتبرون لاجئين “حتى يتم حلّ الأزمة (التي تسببت في وضعهم)”، كما تقول الباحثة البريطانية في شؤون اللاجئين آن عرفان.
وتوضح عرفان “إنها سياسة موحدة”.
وترى الباحثة أن الحظر المفروض على الأونروا يعكس “تغييرا كبيرا” في السياسة الإسرائيلية تجاه الاحتلال، لأن إسرائيل في السابق انتقدت ولكنها لم تشكك في الأونروا التي يؤدي عملها إلى “خفض تكلفة الاحتلال”.
منذ التصويت، واجهت إسرائيل انتقادات دولية، ويرجع جوناثان فاولر ذلك إلى توجيهها “ضربة لتعددية الأطراف” عبر استعراض القوة في مواجهة نظام “قرارات الأمم المتحدة وأحكام المحاكم الدولية”.
من يمكن أن يعوض الأونروا؟
منذ ما يقرب من 75 عاما من تأسيس الأونروا، فشلت محاولات العثور على بدائل “فشلا ذريعا”، حسبما تؤكد المتحدثة باسم الوكالة جولييت توما.
ويذكّر فاولر أنه “بموجب القانون الدولي الإنساني، تقع على عاتق قوة الاحتلال مسؤولية ضمان رعاية … السكان الخاضعين للاحتلال”، مشيرا إلى مسؤولية إسرائيل في حال توقف أنشطة الأونروا.
يقترح البعض أن تتولى دول أجنبية أو وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة مهام الأونروا، ولكن مايكل دامبر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يؤكد أن “أي محاولة لتقييد دور الأونروا سيُنظر إليها على أنها تقويض لالتزام المجتمع الدولي بحق تقرير المصير (للفلسطينيين)”.
وقالت “كوغات” لوكالة فرانس برس إنها تشجع وكالات الأمم المتحدة الأخرى في غزة، ولكن فاولر يلفت إلى أن تلك الوكالات “لا تعمل على نفس النطاق”.
أما السلطة الفلسطينية التي تسيطر جزئيا على الضفة الغربية ومن الممكن أن تستعيد السلطة في قطاع غزة، فإنها تواجه مشاكل مالية خطيرة، وبالتالي لن تكون قادرة على تولي مهام الأونروا.
(أ ف ب)