عمان – “القدس العربي”:
لا أحد يعلم بصورة محددة ما الذي يريده رئيس الوزراء الأردني الدكتور جعفر حسان جراء تكثيفه للزيارات الميدانية خصوصاً في الأطراف، لكن الجميع يتوقع أن رئيس الوزراء للحكومة الطازجة يريد إسقاط انطباع يلتزم فيه بما صرح به مبكراً تحت عنوان العمل في الميدان، الأمر الذي يفسر ويبرر زيارات مباغتة في مناطق مظلومة إدارياً، مثل قرى منطقة الأغوار أو مدينة الرصيفة المكتظة، على أمل الاطلاع المباشر على المعطيات.
وتطبيق قواعد أكبر سيناريو اشتباك إداري يتردد صداه دوماً في الاجتماعات المرجعية وبعنوان اتخاذ القرار أو الإجراء المناسب الممكن والواقعي والسريع الآن لمعالجة مشكلة، ثم العمل على المعالجة المرتبطة بالمدى الأبعد.
زيارات الرئيس حسان الميدانية طابع لحكومته حتى اللحظة، وتعمل باسترخاء من دون إزعاج مجلس النواب.
لكن تلك زيارات مفاجئة ومباغتة وسريعة، ولا تبدو بالعمق الإداري المطلوب؛ فرئيس الوزراء زار في صبيحة يوم واحد 8 مؤسسات حكومية في مدينة الرصيفة، وبدا واضحاً للمراقبين أن وزراء الاختصاص أحياناً يتغيبون عن مثل هذه الزيارات، علماً بأن رئاسة الوزراء قد لا تكون معنية بهذا النمط المباشر والإجرائي واليومي من الزيارات الاستكشافية، فالملاحظات موجودة على طاولة الوزراء، وواجبهم الانتقال إلى الميدان.
لكن في كل الأحوال، تبرز زيارات استكشافية قد تكون مفيدة في الاطلاع على واقع خدمات القطاع العام تحديداً.
وما تنقله جهات مقربة من رئاسة الوزراء الآن هو اكتشاف إداري بسيط يقول إن العديد من المشكلات يمكن حلها، فعلاً، ميدانياً عندما يتواجد المسؤول القادر على اتخاذ قرار وبجرأة.
ولعل ذلك هو ما حصل دون أن تفهم جميع الأطراف بعد ما هي المقتضيات التي استجدت ودفعت بوزارة الداخلية لإلغاء القيود على تأشيرات الزوار من أبناء الرعايا في ليبيا.
يستطيع الزائر الليبي الآن الحصول على تأشيرة أردنية في المطار ولا يشترط لزيارته الموافقة المسبقة.
والحكومة أعلنت بوضوح أن الهدف من هذا التسهيل هو تنشيط السياحة العلاجية مادام إنقاذ القطاع السياحي برمته مهمة صعبة ومعقدة في هذه المرحلة المضطربة في الإقليم.
اللافت جداً أن تسهيل تأشيرات الليبيين لأغراض جذب المرضى هو إجراء لم يشرح الأسباب التي دعت أصلاً لفرض قيود عليهم في الماضي.
ولم يفهم بعد ماذا كانت خطط حكومة حسان لتفعيل السياحة العلاجية، قد تشمل المرضى من العراق وليبيا والسودان والجزائر.
وهي الدول التي فرضت قبل أكثر من 6 سنوات قيوداً على تأشيرات رعاياها بذريعة الحفاظ على الأمن، الأمر الذي أخرج مشروع السياحة العلاجية لستة أعوام عن سكته تماماً وتسبب بخسائر يقال إنها تجاوزت عدة مليارات للقطاع الطبي حصراً.
بين قرار فرض قيود أمنية على التأشيرات والقرار المباغت المفاجئ بالتراجع عن هذه القيود، لا أحد يعلم ما الذي حصل أو لماذا حصل طوال خمس سنوات.
وما تفعله حكومة حسان الجديدة أنها لا تكثر من الشرح والتعليق والنقاش، ولا تريد الغرق في التفاصيل، وتحاول اتخاذ إجراءات محددة في قضايا عالقة، وإن كان من غير المفهوم بعد ما الذي يريد أن يصل إليه رئيس الحكومة بصورة تفصيلية جراء حضوره الدائم في جولات شبه تفتيشية صباحية دون وزراء الخدمات أحياناً.
بالمقابل، جزء أكيد من هذه النمطية في العمل يحاول رئيس الوزراء أن يقول عبره إن حكومته مختلفة وجادة وتعمل في الميدان.
تلك بضاعة خالية من المحسنات الإعلامية والسياسية، وتحاول تعويض الفاقد بعد الجدل الذي ثار في عهد الحكومة الجديدة بعنوان التوسع في طاقمها الوزاري، مع أن الفرصة مواتية في إطار نشاط رئاسة الوزراء الإداري تحديداً للانطلاق أكثر نحو جلسات ثقة آمنة قدر الإمكان برفقة مجلس النواب اعتباراً من يوم 18 من الشهر الجاري حيث تنعقد الدورة العادية للبرلمان.
هنا حصراً، العمل الميداني لرئيس الوزراء يفترض أن يقدمه لمجلس النواب بأفضل صورة ممكنة وعلى أساس القول إن رئاسة الوزراء الحالية تعمل أكثر مما تتكلم، فيما هذا النمط من الاستعراض الإداري قد لا يعفي الحكومة عندما تتقدم ببيانها الوزاري لمجلس النواب من القصف بالعيارات السياسية، خصوصاً مع وجود أكثر من 100 وجه برلماني جديد متحمس جداً للدور والعمل والظهور بعد تأخير انعقاد الدورة، وتمرير جرعات الحماسة ممكنة فقط عبر مناقشات الثقة بحسان.
الأجواء عموماً قبل انعقاد دورة البرلمان ومناقشات الثقة بالوزارة تبدو أقرب إلى الهدوء والسكون، لكن تحالفات كتل البرلمان لا تبدو مرتاحة للحكومة وهي تحظى بـ 14 أسبوعاً من العمل منفردة في الساحة بعيداً عن الرقابة التشريعية، فيما النص الدستوري يتيح لحسان بعد انعقاد الدورة أربعة أسابيع إضافية يلتزم خلالها بالتقدم ببيان وزاري.
وزارة حسان لم تظهر -برأي القطب البرلماني الإسلامي صالح العرموطي الذي تحدث مع “القدس العربي”- التقدير اللازم للسلطة التشريعية وهي توصي بإرجاء انعقاد الدورة، وهذا الأمر قد ينعكس على مناخات مناقشات البرلماني.
موسم مناقشات الثقة سيبدأ بعد أقل من 3 أسابيع، والبرلماني يبدو متحمساً، والنواب الجدد يستعيضون عن العمل الشرعي تحت القبة بالمذكرات ومخاطبات الإعلام، والفكرة الوحيدة اليتيمة التي يغازل الرئيس حسان مجلس النواب عبرها هي تلك التي تقول إن حكومته ميدانية وتعمل مع المؤسسات في الميدان.
عمان – “القدس العربي” من بسام البدارين: لا أحد يعلم بصورة محددة ما الذي يريده رئيس الوزراء الأردني الدكتور جعفر حسان جراء تكثيفه للزيارات الميدانية خصوصاً في الأطراف، لكن الجميع يتوقع أن رئيس الوزراء للحكومة الطازجة يريد إسقاط انطباع يلتزم فيه بما صرح به مبكراً تحت عنوان العمل في الميدان، الأمر الذي يفسر ويبرر زيارات مباغتة في مناطق مظلومة إدارياً، مثل قرى منطقة الأغوار أو مدينة الرصيفة المكتظة، على أمل الاطلاع المباشر على المعطيات.
وتطبيق قواعد أكبر سيناريو اشتباك إداري يتردد صداه دوماً في الاجتماعات المرجعية وبعنوان اتخاذ القرار أو الإجراء المناسب الممكن والواقعي والسريع الآن لمعالجة مشكلة، ثم العمل على المعالجة المرتبطة بالمدى الأبعد.
زيارات الرئيس حسان الميدانية طابع لحكومته حتى اللحظة، وتعمل باسترخاء من دون إزعاج مجلس النواب.
لكن تلك زيارات مفاجئة ومباغتة وسريعة، ولا تبدو بالعمق الإداري المطلوب؛ فرئيس الوزراء زار في صبيحة يوم واحد 8 مؤسسات حكومية في مدينة الرصيفة، وبدا واضحاً للمراقبين أن وزراء الاختصاص أحياناً يتغيبون عن مثل هذه الزيارات، علماً بأن رئاسة الوزراء قد لا تكون معنية بهذا النمط المباشر والإجرائي واليومي من الزيارات الاستكشافية، فالملاحظات موجودة على طاولة الوزراء، وواجبهم الانتقال إلى الميدان.
لكن في كل الأحوال، تبرز زيارات استكشافية قد تكون مفيدة في الاطلاع على واقع خدمات القطاع العام تحديداً.
وما تنقله جهات مقربة من رئاسة الوزراء الآن هو اكتشاف إداري بسيط يقول إن العديد من المشكلات يمكن حلها، فعلاً، ميدانياً عندما يتواجد المسؤول القادر على اتخاذ قرار وبجرأة.
ولعل ذلك هو ما حصل دون أن تفهم جميع الأطراف بعد ما هي المقتضيات التي استجدت ودفعت بوزارة الداخلية لإلغاء القيود على تأشيرات الزوار من أبناء الرعايا في ليبيا.
يستطيع الزائر الليبي الآن الحصول على تأشيرة أردنية في المطار ولا يشترط لزيارته الموافقة المسبقة.
والحكومة أعلنت بوضوح أن الهدف من هذا التسهيل هو تنشيط السياحة العلاجية مادام إنقاذ القطاع السياحي برمته مهمة صعبة ومعقدة في هذه المرحلة المضطربة في الإقليم.
اللافت جداً أن تسهيل تأشيرات الليبيين لأغراض جذب المرضى هو إجراء لم يشرح الأسباب التي دعت أصلاً لفرض قيود عليهم في الماضي.
ولم يفهم بعد ماذا كانت خطط حكومة حسان لتفعيل السياحة العلاجية، قد تشمل المرضى من العراق وليبيا والسودان والجزائر.
وهي الدول التي فرضت قبل أكثر من 6 سنوات قيوداً على تأشيرات رعاياها بذريعة الحفاظ على الأمن، الأمر الذي أخرج مشروع السياحة العلاجية لستة أعوام عن سكته تماماً وتسبب بخسائر يقال إنها تجاوزت عدة مليارات للقطاع الطبي حصراً.
بين قرار فرض قيود أمنية على التأشيرات والقرار المباغت المفاجئ بالتراجع عن هذه القيود، لا أحد يعلم ما الذي حصل أو لماذا حصل طوال خمس سنوات.
وما تفعله حكومة حسان الجديدة أنها لا تكثر من الشرح والتعليق والنقاش، ولا تريد الغرق في التفاصيل، وتحاول اتخاذ إجراءات محددة في قضايا عالقة، وإن كان من غير المفهوم بعد ما الذي يريد أن يصل إليه رئيس الحكومة بصورة تفصيلية جراء حضوره الدائم في جولات شبه تفتيشية صباحية دون وزراء الخدمات أحياناً.
بالمقابل، جزء أكيد من هذه النمطية في العمل يحاول رئيس الوزراء أن يقول عبره إن حكومته مختلفة وجادة وتعمل في الميدان.
تلك بضاعة خالية من المحسنات الإعلامية والسياسية، وتحاول تعويض الفاقد بعد الجدل الذي ثار في عهد الحكومة الجديدة بعنوان التوسع في طاقمها الوزاري، مع أن الفرصة مواتية في إطار نشاط رئاسة الوزراء الإداري تحديداً للانطلاق أكثر نحو جلسات ثقة آمنة قدر الإمكان برفقة مجلس النواب اعتباراً من يوم 18 من الشهر الجاري حيث تنعقد الدورة العادية للبرلمان.
هنا حصراً، العمل الميداني لرئيس الوزراء يفترض أن يقدمه لمجلس النواب بأفضل صورة ممكنة وعلى أساس القول إن رئاسة الوزراء الحالية تعمل أكثر مما تتكلم، فيما هذا النمط من الاستعراض الإداري قد لا يعفي الحكومة عندما تتقدم ببيانها الوزاري لمجلس النواب من القصف بالعيارات السياسية، خصوصاً مع وجود أكثر من 100 وجه برلماني جديد متحمس جداً للدور والعمل والظهور بعد تأخير انعقاد الدورة، وتمرير جرعات الحماسة ممكنة فقط عبر مناقشات الثقة بحسان.
الأجواء عموماً قبل انعقاد دورة البرلمان ومناقشات الثقة بالوزارة تبدو أقرب إلى الهدوء والسكون، لكن تحالفات كتل البرلمان لا تبدو مرتاحة للحكومة وهي تحظى بـ 14 أسبوعاً من العمل منفردة في الساحة بعيداً عن الرقابة التشريعية، فيما النص الدستوري يتيح لحسان بعد انعقاد الدورة أربعة أسابيع إضافية يلتزم خلالها بالتقدم ببيان وزاري.
وزارة حسان لم تظهر -برأي القطب البرلماني الإسلامي صالح العرموطي الذي تحدث مع “القدس العربي”- التقدير اللازم للسلطة التشريعية وهي توصي بإرجاء انعقاد الدورة، وهذا الأمر قد ينعكس على مناخات مناقشات البرلماني.
موسم مناقشات الثقة سيبدأ بعد أقل من 3 أسابيع، والبرلماني يبدو متحمساً، والنواب الجدد يستعيضون عن العمل الشرعي تحت القبة بالمذكرات ومخاطبات الإعلام، والفكرة الوحيدة اليتيمة التي يغازل الرئيس حسان مجلس النواب عبرها هي تلك التي تقول إن حكومته ميدانية وتعمل مع المؤسسات في الميدان.