القدس – بيروت – القاهرة – «القدس العربي»: يناور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مسارين دبلوماسيين، الحرب على غزة التي يفرض فيها شروطا ترفض حركة «حماس» حتى الآن الاستجابة لها إن لم تتضمن انسحابا كاملا ووقفا نهائيا لإطلاق النار، ولبنان، الذي تشير مسودات مسرّبة لمشروع اتفاق لوقف إطلاق النار بشروط تطلق يد إسرائيل في الجنوب لفترة زمنية محدّدة على الأقل. وهو يفرض ذلك ضمن عقيدته المعلنة «التفاوض تحت النار».
وهذه الأجواء لدى نتنياهو عكستها تقارير عدة، رجّحت أن يكون نتنياهو ينتظر نتائج الانتخابات الأمريكية بعد أيام، قبل أن يوافق على أي اتفاق على الجبهتين، وهو ما أشارت إليه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، التي ذكرت أيضا أن زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى إسرائيل ومصر أمس تهدف إلى احتواء التصعيد وخفضه، ورجّحت عدم حصول تقدم في مفاوضات غزّة مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.
وكان نتنياهو أبلغ أمس مبعوثين أمريكيين اثنين بأن قدرة إسرائيل على مواجهة تهديدات لأمنها من لبنان وإعادة النازحين إلى الشمال من العوامل الرئيسية في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان.
ونقل مكتبه عنه قوله للمبعوثين الأمريكيين «القضية الرئيسية ليست الأعمال الورقية الخاصة بهذا الاتفاق أو ذاك، إنما قدرة إسرائيل وإصرارها على إنفاذ الاتفاق وإحباط أي تهديد لأمنها من لبنان».
وزار المبعوثان الأمريكيان بريت مكجورك وآموس هوكشتاين إسرائيل لتقديم دفعة جديدة من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار في لبنان وقطاع غزة.
والتقىا المبعوثان الأمريكيان أيضاً وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، لمناقشة «التدابير الأمنية المتعلقة بالساحة الشمالية ولبنان، والجهود لضمان عودة 101 رهينة لا تزال محتجزة لدى «حماس» في غزة»، حسبما ذكر بيان لوزارة الدفاع.
حركة مبعوثين أمريكيين إلى إسرائيل ومصر
وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي نقل موقعها الإلكتروني الخبر، انضم إلى الجانب الأمريكي السفير الأمريكي جاك لو، وإلى الجانب الإسرائيلي السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل هيرتسوغ وكبار مساعدي غالانت.
وفيما يخص الملف اللبناني، ذكرت صحيفة «وول تسريت جورنال» أن إسرائيل تدفع نحو حلّ دبلوماسي، وتعتقد بأنها تقترب من تحقيق أهدافها، حسب ما نقله موقع «الجزيرة. نت».
كما ذكرت أنّ المسودّة المتداولة للاتفاق مع لبنان، تتضمن انسحابا إسرائيليا بعد أسبوع، وإعادة انتشار للجيش اللبناني بهدف تفكيك بنية «حزب الله».
كما سيسمح لإسرائيل خلال فترة الشهرين الانتقالية التي ينص عليها مشروع الاتفاق أن تضرب أهدافا في لبنان.
وقالت مصادر لرويترز في وقت سابق إن محادثات المبعوثين الأمريكيين ستركز على هدنة مدتها 60 يوما للسماح بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي يقضي بسحب مقاتلي «حزب الله» من جنوب نهر الليطاني.
وذكر موقع «أكسيوس» أمس، أنه من غير المتوقع أن يزور المبعوث الأمريكي هوكشتاين بيروت وسيعود من إسرائيل إلى واشنطن.
وكان الموقع نفسه قد ذكر أن المطالب الإسرائيلية لا تتعلق حصراً بمنع وجود عناصر «حزب الله» جنوب الليطاني، بل بتجريده من السلاح ومنعه من الحصول على أي دعم عسكري جديد من خلال نشر قوات أجنبية غير القوات الدولية على كل المعابر البرية والبحرية والجوية للبنان، وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة في الجنوب من خلال آلية تتيح نشر عدد مضاعف من القوات الدولية المعزّزة بأدوات تسمح لها بتفكيك أي منشأة عسكرية، إضافة إلى نشر عشرة آلاف عسكري من الجيش اللبناني في مناطق الحدود جنوب نهر الليطاني، على أن تكون هذه القوات مخوّلة بالقيام بكل ما يحول دون قيام «حزب الله « بترميم قدراته العسكرية، وأن تحتفظ إسرائيل لنفسها بحرية عمل سلاح الجو في الأجواء اللبنانية، وفي حال طلبت من القوات الدولية والجيش القيام بعمل ما ضد أي مظهر عسكري ولم تحصل استجابة، فإنها ستنفذ ذلك بنفسها.
وبالتوازي مع وصول هوكشتاين إلى تل أبيب، التقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون، وعرض معها الأوضاع والمستجدات الراهنة.
وفي القاهرة، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خطورة استمرار التصعيد على المستوى الإقليمي بما له من تداعيات جسيمة على شعوب المنطقة كافة.
واستقبل الرئيس المصري أمس، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليم بيرنز، بحضور حسن رشاد رئيس المخابرات العامة المصرية. وحسب بيان الرئاسة المصرية، فإن اللقاء تناول «مستجدات الجهود المشتركة للتهدئة في قطاع غزة، وسبل دفع المفاوضات قدما للوصول إلى وقف لإطلاق النار وتبادل للمحتجزين، وكذلك النفاذ الفوري والكامل للمساعدات الإنسانية باعتباره أولوية قصوى لمصر في ضوء تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع».
وأضاف بيان الرئاسة أن السيسي شدد على أهمية الدور المحوري الذي تقوم به وكالة «الأونروا» وضرورة عدم إعاقة عملها، مؤكدا على أهمية تطبيق حل الدولتين كونه مسار تحقيق السلام والأمن في المنطقة.
كما «تطرق اللقاء إلى الأوضاع في لبنان، وكذلك التصعيدات المتبادلة التي شهدتها المنطقة مؤخراً، وأكد السيسي أهمية التوصل بشكل عاجل لوقف إطلاق النار في لبنان بما يحفظ سيادته وسلامة أراضيه، ويحمي استقراره وأمن شعبه».
من جهة ثانية، جددت حركة «حماس» استعدادها للموافقة على اتفاق ينهي الحرب على غزة.
وأكد القيادي في الحركة طاهر النونو أمس أن الحركة ترفض فكرة «الوقف المؤقت للحرب» في قطاع غزة لكنها مع أي اقتراح يفضي إلى وقف دائم لها.
وقال لوكالة فرانس برس إن «فكرة الوقف المؤقت للحرب ثم العودة إلى العدوان من جديد سبق أن أبدينا رأينا فيها، «حماس» مع الوقف الدائم للحرب وليس المؤقت».
وأكد أنه إذا دعا الوسطاء «حماس» إلى الاستماع لعروض واقتراحات جديدة فإن «حماس ستلبي هذه الدعوة».
لكن النونو شدد على أن موافقة «حماس» على أي عرض مشروطة بأن «تلبي المطالب الأربعة للمقاومة».
ووفقا للقيادي، فإن هذه المطالب متمثلة «بوقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة وعودة النازحين وإدخال المساعدات بكميات كافية وصفقة جادة لتبادل الأسرى، تمهيدا لإعادة إعمار القطاع».
وأوضح أن الفريق القيادي الذي يدير ملف المفاوضات في «حماس» «ما زال نفسه برئاسة خليل الحية».
وكان رئيس الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) ديفيد برنياع ورئيس السي آي إيه (وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية) وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري بحثوا في الدوحة يومي الأحد والإثنين اقتراح هدنة «لأقل من شهر»، حسب مصدر مقرب من المفاوضات.
وقال مصدر لفرانس برس إن «المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أنه في حال التوصل إلى اتفاق قصير الأمد، فقد يؤدي ذلك إلى اتفاق دائم».