الخارجية السودانية تتهم «الدعم السريع» بقتل 120 مدنيا في يومين

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم – «القدس العربي» تبادل طرفا الصراع في السودان، أمس الجمعة، الاتهامات، بخصوص قتل مدنيين، ففيما قالت وزارة الخارجية إن قوات «الدعم السريع» تسببت في مقتل 120 مدنيا في ولاية الجزيرة خلال يومين، قتلا أو بسبب الحصار الذي تفرضه على مدينة الهلالية في الولاية، منذ أسبوعين، أعلنت القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» أن غارة للجيش على مركز إيواء شمال دارفور، قتلت 60 مواطناً.

نكبة الجزيرة

وكانت ولاية الجزيرة، الخاضعة للجيش شهدت الشهر الماضي مقتل 200 شخص على الأقل حسب تعداد لوكالة «فرانس برس» استنادا إلى مصادر طبية وناشطين، إضافة إلى نزوح 135 ألفا حسب الأمم المتحدة.
وصعدت قوات «الدعم» في الفترة الأخيرة هجماتها على المدنيين في الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها، وانضمامه إلى الجيش.
وقالت الخارجية السودانية في بيان «ارتكبت ميليشيا الجنجويد في اليومين الماضيين مذبحة جديدة في مدينة الهلالية، ولاية الجزيرة، بلغ ضحاياها حتى الآن 120 شهيدا، قتلا بالرصاص، أو نتيجة للتسمم الغذائي وافتقاد الرعاية الطبية لمئات المدنيين من رجال ونساء وأطفال تحتجزهم الميليشيا رهائن في مواقع مختلفة من المدينة».
وتشير الحكومة السودانية في كثير من الأحيان لقوات «الدعم السريع» التي تحاربها منذ أكثر من عام ونصف باسم «ميليشيا الجنجويد» المتهمة بارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي في منطقة دارفور قبل أكثر من 20 عاما.

قوات «حميدتي» قالت إن غارة للجيش أسفرت عن سقوط 60 في دارفور

وحسب منصة «الوسط» فمن القتلى، من سقطوا إثر استهدافهم ببنادق الدعم السريع، وآخرون جراء تدهور حالتهم الصحية والتسمم الغذائي بعد تناولهم أطعمة فاسدة ومسممة قامت ذات القوات بتوزيعها عليهم.
واتهمت قوات «الدعم»، بمنع الكوادر الطبية من إسعاف المصابين والمرضى حتى فاضت أرواحهم تباعاً من بينهم كبار سن ونساء وأطفال، مبينة أن عمليات الدفن للضحايا تمت في البقعة المجاورة لـ»مسيد الشيخ الطيب» حيث تمت تسميتها بمقابر الشهداء.
وقالت إن الجثامين دفنت في الأيام الأخيرة بما عليها من ملابس لعدم توفر الأكفان، محذرة من مغبة تجاهل الأوضاع الكارثية في الهلالية.
وطالبت برفع الحصار المستمر منذ أسبوعين بشكل فوري عن المدينة، والسماح بإسعاف المرضى والمصابين، محذرة من استمرار التداعيات الصحية في ظل الغياب التام للرعاية الصحية وانعدام الغذاء والمياه الصالحة للشرب. وأضافت: «فقدنا العديد من المواطنين بسبب الجوع والعطش».
فيما أفادت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان بأنه «بعد أن تم نهب وسرقة جميع ممتلكات المواطنين في الهلالية، قامت الميليشيا باحتجاز السكان في المساجد ولا تسمح لهم بالخروج إلا بعد دفع مبالغ طائلة يتعذر الحصول عليها بعد ما مارسته من سلب ونهب».
وتابعت أن عدد الوفيات «يرتفع بوتيرة سريعة».
وأوضحت أن «بعض المحتجزين فقدوا أرواحهم جراء اضطرارهم لتناول حبوب قمح ملوثة بالأسمدة الكيميائية تُستخدم كتقاوى ولا تصلح للاستهلاك الآدمي، كما اضطر آخرون إلى شرب مياه غير صالحة من بئر قديم مغلق لم يُستخدم منذ فترة طويلة جدا».
وتابعت أن «هناك عددا كبيرا من المواطنين يعانون من إسهالات مائية ويُشتبه بإصابتهم بوباء الكوليرا، ولا تتوفر لهم أي رعاية طبية».
وأفاد شهود عيان بأن قوات «الدعم السريع» تضرب حصارا على البلدة منذ أسبوعين وتمنع مواطنيها من المغادرة.
ونقلت شبكة أطباء السودان، عن عدد من الفارين من الحصار المضروب على منطقة الهلالية قولها إن قوات الدعم السريع نهبت جميع الصيدليات العاملة في المنطقة والمستشفى، ومنعت الكوادر الطبية على قلتها من إسعاف المصابين، بجانب تهديد الممرضين بالقتل حال لم يستجيبوا لتوجيهاتهم مع فرض حصار كامل على المنطقة.
وأدانت في بيان، حصار المدنيين في منطقة الهلالية وممارسة القتل والنهب ضد المدنيين العُـزل وتعتبرها انتهاكا صريحا ضد المدنيين، وتطالب المنظمات الأممية لفتح جسر إنساني لإنقاذ المدنيين من الحصار وإجلائهم من المنطقة.
وحسب لجان المقاومة في ولاية الجزيرة، تحاصر قوات الدعم 30 ألف شخص في الهلالية، وحذرت من أن نفاد الغذاء والدواء والرعاية الصحية ينذر بخسارة المزيد من الأرواح.
وقالت إن قوات الدعم السريع لم تكتف بالنهب والسلب بل لجأت لابتزاز الأهالي المحتجزين في الهلالية مطالبة إياهم بدفع مبالغ كبيرة في سبيل إخراج عائلاتهم المحاصرة في المدينة التي وصفتها بـ»السجن الكبير».
في ذات السياق، حذرت لجان مقاومة الحصاحيصا من كارثة إنسانية تلوح في الأفق وتهدد حياة المحاصرين في الهلالية.
ودعت كافة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى التدخل العاجل لإنقاذ أرواح الآلاف من المدنيين العزل داخل مدينة الهلالية وتزويدهم بأبسط مقومات الحياة.
كذلك، ندد حزب الأمة القومي باستمرار حصار الهلالية، والهجمات التي تنفذها قوات الدعم السريع على قرى شرق الجزيرة، واصفة الأوضاع هناك بـ»المأساة الإنسانية الكبيرة».
واستنكر عمليات التهجير القسري للمواطنين في قرى شرق الجزيرة، محذرا من تفشي الأمراض في ظل انعدام الدواء والرعاية الصحية، وإطلاق النار العشوائي في مدينة الهلالية مما أسفر عن مقتل العشرات من المواطنين، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، في ظل ترد تام للوضع الصحي مما ينذر بتفاقم الكارثة الإنسانية.
وطالب قيادة الدعم السريع، بإيقاف هذه الانتهاكات بحق المواطنين، والسماح للجهود الإنسانية بمعالجة الكارثة الصحية في مدينة الهلالية، وإنهاء حصارها فوراً، وإيقاف تهجير المواطنين العزل من القرى شرق الجزيرة.

عنف متواصل

واندلعت المعارك في السودان منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب «حميدتي».
وخلفت الحرب عشرات آلاف القتلى وشردت أكثر من 11 مليون شخص من بينهم 3,1 مليون نزحوا خارج البلاد، حسب المنظمة الدولية للهجرة. وتسببت، وفقا للأمم المتحدة، بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين عمدا ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
والإثنين، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوشوا) في بيان عن «نزوح حوالي 135,400 شخص (27,081 أسرة) من مناطق مختلفة في ولاية الجزيرة إثر موجة من العنف المسلح والهجمات على أكثر من 30 قرية وبلدة في أجزاء من الولاية منذ 20 تشرين الأول/أكتوبر».
إضافة إلى ولاية الجزيرة، تصاعد العنف أيضا في ولاية شمال دارفور في غرب البلاد، حيث قتل السبت 12 شخصا بقصف مدفعي لقوات الدعم السريع، على ما أفادت لجان المقاومة، وهي مجموعة من الناشطين المؤيدين للديموقراطية.
يخضع القسم الأكبر من إقليم دارفور الذي شهد نزاعا داميا وتطهيرا عرقيا قبل نحو 20 عاما، لسيطرة قوات الدعم السريع ما عدا أجزاء من ولاية شمال دارفور.
وذكرت الخارجية السودانية الجمعة أن «المذبحة الشنيعة» لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة تتزامن مع «حملة انتقامية وحشية مشابهة ضد القرويين العزل في شمال دارفور».
وأوضحت أنها «أحرقت أكثر من 40 قرية في الولاية (شمال دارفور) بعد فشل هجماتها المتكررة على الفاشر».

غارة على مدرسة

لكن في المقابل، قالت قوات «الدعم السريع» إن أكثر من 60 مدنيا قتلوا وأصيب المئات في غارة جوية للجيش على مركز لإيواء النازحين في شمال دارفور.
وقال المتحدث باسم «الدعم السريع» عبر حسابها الرسمي على تلغرام «تعمد العدوان الآثم تدمير مدرسة الفاروق الأساسية التي تؤوي أكثر من 35 أسرة نازحة في مدينة الكومة، وسقط مئات الجرحى نتيجة القصف بأكثر من 7 صواريخ وقنابل متفجرة».
وسبق لطرفي النزاع أن أجريا جولات من المباحثات في مدينة جدة السعودية تم الاتفاق خلالها على السماح بدخول المساعدات، من دون الاتفاق على وقف لإطلاق النار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية