دمشق – «القدس العربي» : وثق مؤتمر أستانا في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان، الكليشيهات السياسية والإعلامية المكررة خلال أكثر من 20 مرة في الجولات السابقة، حيث اختتمت، الثلاثاء، الجولة 22 من محادثات أستانا حول سوريا، أعمالها، بمشاركة ممثلين عن المعارضة والنظام السوريين والضامنين الدوليين تركيا وروسيا وإيران.
وصدر البيان الختامي في طرح جديد واحد، أدان فيه الاحتلال الإسرائيلي، بسبب القتل الجماعي والهجمات الإجرامية التي ترتكبها في غزة، فضلاً عن العدوان الإسرائيلي في لبنان والضفة الغربية، وطالب بوقف فوري لإطلاق النار في لبنان، ودعا المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى ضمان وقف فوري ودائم لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة.
ونشرت وزارة الخارجية الكازاخية، الثلاثاء، البيان الختامي، قالت فيه إن ممثلي الدول الثلاث إيران وروسيا وتركيا، بحثوا كدول ضامنة لصيغة أستانا آخر التطورات الدولية والإقليمية، وأعربوا عن إدانتهم الشديدة وقلقهم العميق إزاء استمرار القتل الجماعي والهجمات الإجرامية التي ترتكبها إسرائيل.
وكان قد انطلق، يوم الإثنين، الاجتماع الدولي الثاني والعشرين حول سوريا بصيغة أستانا في العاصمة الكازاخستانية بمشاركة وفود من الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى وفدي النظام والمعارضة السوريين ومندوبين من الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق بصفة مراقبين.
كما شارك في الاجتماعات ممثلون عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر الدولي.
ودعا البيان إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان، وشدد على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، وكرر الحاجة إلى تقديم مساعدات إنسانية فورية إلى لبنان الذي عانى من خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين وتدمير كبير للبنية التحتية المدنية، وأعرب عن قلقه البالغ إزاء الهجمات المتعمدة التي تشنها القوات المسلحة الإسرائيلية على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. وشدد على الجهود التي تبذلها سوريا لاستقبال مئات الآلاف من المهاجرين قسراً من لبنان إلى الأراضي السورية، والاتفاق على مواصلة المشاورات بشأن منع انتشار الآثار السلبية لهذه الأعمال الإسرائيلية إلى المنطقة الأوسع.
وأقرت الدول الضامنة لمسار أستانا بالأثر السلبي لتصاعد العنف في الشرق الأوسط على الوضع في سوريا، وشدد على الحاجة الملحة إلى قيام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووكالات الأمم المتحدة وجميع الجهات الفاعلة الإنسانية بتطوير استجابة طارئة لأولئك الذين أجبروا على العبور من لبنان إلى الأراضي السورية بعد تصاعد الأعمال العدائية في لبنان.
كما أدان كافة الضربات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، واعتبر هذه الأعمال انتهاكاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وسيادة سوريا ووحدة أراضيها، واعترف بأنها تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتفاقم التوترات في المنطقة، ودعت إلى وقف هذه الهجمات.
وأعربت الدول عن قلقها البالغ إزاء توسع الصراع في المنطقة، مؤكدين التزامهم الثابت بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، كما شددوا على ضرورة تكثيف الجهود لضمان الاستقرار والتأكيد على أهمية مواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا على أساس الاحترام المتبادل وحسن النية وعلاقات حسن الجوار من أجل مكافحة الإرهاب وتهيئة الظروف المناسبة لعودة السوريين الآمنة والطوعية والكريمة.
كما رحب البيان بجهود روسيا وإيران وسوريا وتركيا في إطار الصيغة الرباعية تنفيذاً للترتيبات المتفق عليها في اجتماع وزراء الدفاع في موسكو، واستعرضوا الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وشددوا على ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات الخاصة بإدلب، وأعربوا عن بذل المزيد من الجهود لضمان التطبيع المستدام للوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب وما حولها، بما في ذلك الوضع الإنساني.
وناقش المجتمعون الوضع في شمال شرق سوريا، مؤكدين على الحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها، و”رفض جميع المحاولات الرامية إلى خلق واقع جديد على الأرض”، بما في ذلك “مبادرات الحكم الذاتي في شمال شرق سوريا بحجة مكافحة الإرهاب، وكذلك مبادرة الانتخابات المحلية غير الشرعية”.
كما أكدوا مجدداً معارضتهم لاستمرار “الاستيلاء والنقل غير القانوني للنفط والموارد الأخرى التي يجب أن تكون مملوكة لسوريا”. وأعربوا عن القلق إزاء أشكال القمع الذي تمارسه الجماعات الانفصالية ضد المدنيين في شرق الفرات والذي يؤدي إلى اشتباكات مع العشائر العربية في المنطقة، بما في ذلك “التجنيد الإجباري وقمع المظاهرات السلمية والممارسات التمييزية وفرض المناهج الدراسية في المنطقة، فضلاً عن القيود المفروضة على الأنشطة السياسية والصحافيين والحق في التجمع وحرية التنقل”. وحث المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، على فضح تلك الانتهاكات.
وأعرب البيان عن أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في سوريا، مؤكداً على أهمية دور اللجنة الدستورية السورية.
وأدان البيان جميع العقوبات الأحادية على سوريا والتي تؤثر سلباً عليها وتنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما شدد على أهمية استمرار وزيادة المساعدات الإنسانية لسوريا مع الأخذ في الاعتبار زيادة خطر انعدام الأمن الغذائي الناجم عن انخفاض برامج المساعدة التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي بسبب قيود الميزانية، مشدداً على ضرورة إزالة الحواجز وزيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد دون تمييز أو تسييس أو شروط مسبقة.
وشدد على ضرورة تسهيل العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين والنازحين إلى أماكن إقامتهم في سوريا، وضمان حقهم في العودة وحقهم في الحصول على الدعم. كما أكد على مواصلة العمليات من أجل إطلاق سراح المحتجزين/ المختطفين بشكل متبادل وتسليم الجثث وتحديد هوية الأشخاص المفقودين.
و أشار إلى الموافقة على عقد الاجتماع الدولي الثالث والعشرين بشأن سوريا في النصف الأول من عام 2025 في أستانا.
وترأس وفد النظام معاون وزير الخارجية أيمن رعد، فيما ترأس وفد المعارضة أحمد طعمة، ويمثل تركيا في المحادثات وفد برئاسة السفير إحسان مصطفى يورداكول مدير عام العلاقات الثنائية السورية في وزارة الخارجية، كما ترأس الوفد الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، وترأس وفد جمهورية إيران كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي، بالإضافة إلى الوفد الذي ترأسه الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون.
وبدأت محادثات أستانة في 2017، برعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية في سوريا.