قال بابا الفاتيكان فرنسيس في مقتطفات من كتاب يصدر قريبا نشرتها صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية أمس الأحد إن بعض الخبراء الدوليين يقولون إن «ما يحدث في غزة فيه خصائص الإبادة الجماعية» ورأى أنه «يجب أن نحقق بعناية لتقييم ما إذا كان هذا يتناسب مع التعريف الفني (للإبادة الجماعية) الذي صاغه خبراء القانون والمنظمات الدولية» وقد نشر الفاتيكان تقريرا عن هذه المقتطفات في موقعه الرسمي أمس ومنها تعليقه بشأن الإبادة الجماعية.
بعد أيام من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة العام الماضي بدأت باستهداف الكنائس، فدمّرت كنيسة دير برفيروس في 19 تشرين أول/أكتوبر 2023. كانت دير فيريوس، التابعة للكنيسة الأرثوذكسية، والتي تعتبر ثالث أقدم كنائس العالم، ملجأ للنازحين المدنيين فارتقى العشرات منهم شهداء.
خلال استهداف إسرائيل «العائلة المقدسة» آخر كنيسة كاثوليكية في غزة، في كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، أطلق قناص النار على قلب ناهدة أنطون، من رعية الكنيسة، وحين حاولت ابنتها سمر إنقاذها لقيت المصير نفسه، وحين حاول بعض النازحين إنقاذ السيدتين وشكل بعض الشبان طوقا لحمايتهما أطلق القناص النار مجددا وأصاب 10 آخرين، ثم استهدفت دبابة مجمع دير اللاتين التاريخي الذي يضم الكنيسة، والذي بُني منتصف القرن الماضي، فدمّرت سقفه، ثم دمرت قذيفتان أخريان الدير.
تتضارب مواقف الكنائس العالمية بقوة في ما يخص شؤون العالم، ففي حين انخرطت الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، التي يبلغ عدد أتباعها نحو 230 مليون شخص في أنحاء العالم، في الموضوع الأوكراني، فأدانت فروعها في العالم (باستثناء الكنيسة الروسية طبعا) الهجوم الروسي، وأصدر زعماؤها بيانات قوية ضد الغزو، وطالبوا بالتضامن مع الشعب الأوكراني. غير أن هذه الكنيسة التزمت الصمت بشأن ما يحصل في غزة.
أما كنيسة إنكلترا، فقد شارك رئيس أساقفتها جاستن ويلبي بقوة في إدانة حركة «حماس» مرارا وتكرارا وأعربت عن «الحزن العميق إزاء الهجمات الإرهابية البغيضة» معتبرة هجوم الحركة «شرا في أقصى أشكاله» وحتى بعد قصف إسرائيل لمستشفى الأهلي الذي تديره الكنيسة الأنكليكانية في غزة، وزيارة ويلبي للقدس ولقائه قادة الكنائس هناك (بعد وقت قصير من قصف كنيسة بوفيريوس) فإنه لم يدن تصرفات إسرائيل بل وانتقد المتظاهرين المطالبين بوقف إطلاق النار مقترحا عليهم أن «يصرخوا» ضد هجوم «حماس» وقد اعتبر رجال دين انكليكانيون حينها أن ويلبي خضع لنفوذ الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الكنيسة، واستغرق الأمر كنيسة إنكلترا عشرة أشهر حتى أصدرت بيانا طالبت بإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية واعتبر سياساتها غير قانونية.
ردا على ما يحصل في غزة وقّع أكثر من 140 من قادة الكنائس في جميع أنحاء العالم على رسالة في آذار/مارس 2024 رسالة دعت للسلام وإنهاء القتل في غزة، وسلطت الضوء على معاناة الفلسطينيين، بمن فيهم المسيحيون منهم، وقالت الرسالة حينها: «ينادي الفلسطينيون، بمن في ذلك إخواننا المسيحيون الفلسطينيون، العالم متسائلين: أين أنتم؟» ولكن الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وكنيسة إنكلترا لم توقعا على الرسالة.
على الرغم من تعامل رأس الكنيسة الكاثوليكية مع ما يجري من أهوال إنسانية في غزة بصيغة الاستفهام الآنفة فإن هذه الصيغة الحرجة تحمل تغيّرا ذا مغزى في موقف تدرّج من انتقاد مقتل أطفال فلسطينيين في غارات إسرائيلية على غزة في أيلول/سبتمبر الماضي، واستنكاره بشدة غارات إسرائيل في لبنان التي «تتجاوز الأخلاق» ووصفه الحرب الجارية (بعد قصف كنيسة «العائلة المقدسة») بالإرهاب.
يقول رفعت قسيس، رئيس حركة كايروس المسيحية الفلسطينية، «فلسطين هي أرض المسيح» و«إذا لم تقف الكنيسة الى جانب الضحايا والضعفاء فما هو هدفها؟».