نواكشوط – «القدس العربي» : مع أن رئيس الجمهورية أمر بفتح تحقيق فوري حول ملابسات حادثة قمع تظاهرة نقابات التعليم الأساسي والثانوي يوم الخميس الماضي، فقد أعلنت إحدى وأربعون نقابة تضم المعلمين والأساتذة والمفتشين، أمس الإثنين، عن «مواصلة مسارها الاحتجاجي وفقاً للخطة الأصلية المودعة لدى وزارة التربية وإصلاح نظام التعليم والتي تحترم المساطر القانونية المعمول بها».
وأكدت في بيان نشرته الإثنين، وسط ارتباك كبير أحدثته تحركاتها داخل المدارس الموريتانية بمرحلتي الأساسي والثانوي، عن توقف شامل عن التدريس لمدة 4 ساعات متتالية يوم الخميس 21 تشرين الثاني/نوفمبر2024، مصحوباً بوقفات احتجاجية أمام مباني الولاية والمقاطعة في المدن الداخلية الداخل وبساحة الحرية على مستوى نواكشوط، إضافة إلى إضراب شامل عن التدريس لمدة ثلاثة أيام متتالية هي الاثنين 25 والثلاثاء 26 والأربعاء 27 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، في جميع المدارس الابتدائية والمؤسسات الإعدادية والثانوية تتخلله وقفات احتجاجية متزامنة خلال اليوم الأول منه أمام مبنى الولاية أو المقاطعة في الداخل، وبساحة الحرية على مستوى نواكشوط».
وأوضحت النقابات «أن نشطاءها يتظاهرون أمام القصر رافعين شعارات تتضمن مطالبهم المشروعة وفي مقدمتها زيادة الرواتب والعلاوات وتوفير السكن اللائق أمام أعلى سلطة في البلد علها تجد مسلكاً للتسوية؛ ولكن بدلاً من ذلك، كانت المفاجأة صادمة، تضيف النقابات، حيث تم التنكيل بالمدرسين والاعتداء عليهم من طرف الشرطة بطريقة وحشية وثقتها عدسات المصورين وكاميرات الإعلام وراحت ضحيتها كرامة وشرف كل حر أبي، مدرساً كان أو مواطناً عادياً».
«وإزاء ما حصل، يضيف البيان، هب الشعب الموريتاني رئيساً وحكومة وأحزاباً سياسية ومجتمعاً مدنياً ومدونين، مشكلين بذلك لوحة تضامن كانت وسام شرف وتاج عز على رأس كل مدرس ومؤطر».
وأضاف بيان النقابات: «نقدر عالياً هذه الهبة التضامنية من جميع الأطراف، وندعو لاستمرارها حتى يتم رد الاعتبار للمدرس معنوياً ومادياً، ونطالب السلطات العليا بالبلد ممثلة في فخامة رئيس الجمهورية بالنظر الجاد في مطالبنا وتلبيتها في أسرع وقت من خلال توجيه من يعنيه أمر التسريع، بتوقيع المحضر النهائي للحوار وتنفيذه على الوجه الأكمل، كي نتفرغ لدورنا المحوري في المجتمع وهو خدمة المنظومة التربوية، فقد حان الوقت لوضع حد للدعاية المغرضة التي روجت لها الأنظمة الفاسدة القاضية بأن زيادة رواتب عمال التعليم زيادة معتبرة مستحيلة بسبب كثرة أعدادهم».
وزادت: «نطالب السلطات المعنية بإحقاق الحق في حادثة قمع المتظاهرين، وبردع الجناة حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ونرحب بأي تحقيق جاد في هذه الحادثة يضمن كشف الحقيقة ويعيد الاعتبار للمدرس، ونطالب بجعل المدرس من بين الشخصيات التي يجرم القانون إهانتها بأي شكل من الأشكال، كما نجدد ونؤكد تنديدنا بموجات الفصل التعسفي المتتابع للمدرسين ونرى فيه عاملاً نحو خلق أزمة اجتماعية خانقة، ونؤكد في هذا المقام أننا إذ نرفض هذه الإجراءات التعسفية، فإننا نخص فقط أولئك المشمولين بالفصل ظلماً دون غيرهم من المختفين والمنقطعين عن العمل دونما مبرر».
وقالت: «لقد خلقت التحويلات الأخيرة التي قامت بها الوزارة مستوى كبيراً من التأزيم كان المدرسون والساحة التربوية في غنى عنه، حيث حُوّل المئات من المعلمين خارج الولايات التي كانوا يعملون بها، بناء على معايير مجحفة، دون مراعاة المعايير التي تضمنها مقرر التحويلات، والأقدمية، والظروف العائلية والصحية؛ لذلك كانت الآثار الجانبية لهذه التحويلات مؤلمة وكفيلة بإلغائها أو إعادة النظر فيها، وتخفيف ما أمكن من الضرر المترتب عليها».
«وبدلاً من الاتجاه في حل هذه الأزمة، تقول النقابات، أضافت لها الوزارة أزمة أخرى تتمثل في غلق المجال، لأول مرة، أمام التحويل عن طريق التبادل، الذي هو المتنفس الوحيد للمدرسين، في ظل محدودية الفرص المتاحة في التحويلات المنجزة عن طريق طلبات التحويل، وهذا تضييق لم توفق فيه قيادة الوزارة، يسلب المدرسين حقاً من حقوقهم المشروعة».
«إننا في نقابات التعليم الأساسي والثانوي، يضيف البيان، إذ نضع قيادة القطاع أمام مسؤولياتها، لننبه الحكومة والسلطات العليا في البلد بأننا أمام فرصة تاريخية لتوقيع اتفاق بين نقابات المدرسين والوزارة الوصية، وذلك بعد اكتمال العمل في مسودة الاتفاق، وتحميل الوزارة الوصية مسؤولية عدم إنجاز هذا الاتفاق». هذا، ويطالب المعلمون والأساتذة والمفتشون الموريتانيون بتحسين أوضاعهم، بزيادة الرواتب والعلاوات وتوفير سكن لجميع المعلمين.
وحسب إحصاءات رسمية، فإن عدد معلمي وأساتذة المرحلتين الأساسية والثانوية بموريتانيا نحو 12 ألف معلم وأستاذ؛ وقد أربك الحراك الاحتجاجي لهذا العدد الكبير، مسار التعليم في المدارس الابتدائية والثانوية، وذلك في مستهل عام دراسي جديد، قد تؤثر عليه هذه الأزمة إذا لم تجد حلاً سريعاً لها.