هل يصمد قرار إسرائيل بشأن عنصرية “القانون الإداري” أمام “لاهاي” والعالم؟

حجم الخط
0

هاجر شيزاف

تصريح كاتس يعد استمرارية لحملة اليمين المتطرف ضد استخدام الوسيلة المختلف عليها ضد اليهود، الحملة التي تسارعت منذ تشكيل الحكومة الحالية. من المشكوك فيه إذا كان هذا القرار سيصمد أمام امتحان المحكمة العليا، لأن كاتس قال إنه يتعلق باليهود فقط، وبشكل ضمني فإن استخدام الأوامر الإدارية ضد العرب من مواطني إسرائيل سيستمر. في أيلول، الشهر الأخير الذي نشرت مصلحة السجون المعطيات، تم احتجاز حوالي 40 مواطنا عربيا و7 يهود في الاعتقال الإداري. عدد المعتقلين الإداريين الفلسطينيين وصل إلى رقم قياسي في الحرب، وفي إسرائيل الآن حوالي 3400 معتقل إداري. قائد المنطقة الوسطى وليس وزير الدفاع هو من وقع على أوامر الاعتقال ضدهم، والمحاكم العسكرية تصادق على هذه الأوامر في فيلم متحرك، في الوقت الذي يعد فيه أي أمر للاعتقال الإداري ضد اليهود مصدراً للضجة والعناوين.

المستوطنون محقون في ادعاء أنه تم استخدام اعتقال إداري ضد اليهود بشكل متواتر في الفترة الأخيرة. هذا هو أسلوب “الشاباك” للتعويض عن عجز الشرطة في معالجة الجريمة القومية المتطرفة، المتصاعدة، منذ 7 أكتوبر. لواء “شاي” لم يقم بدوره، وبن غفير ورجاله لم يحسّنوا الوضع. ومثلما نشرت “هآرتس”، فإن قائد الوحدة الرئيسية في هذا اللواء، افيشاي معلم، نفى خطورة المشكلة. وثمة قطيعة بين الشرطة واللواء اليهودي في “الشاباك”.

ايلي بخر، المستشار القانوني السابق في “الشاباك”، يعتبر تصريح كاتس دليلاً على حكمه المعيب، ومحاولة الحكومة حرف الانتباه عن المشكلات الحاسمة، ومرحلة أخرى في تدهور إسرائيل. “التصريح يبرر الادعاءات القائلة بأن إسرائيل لا تطبق القانون على عنف المستوطنين، وتعطي له تعبيراً رسمياً”، قال للصحيفة. “في البداية، يضعفون الشرطة، ثم يريدون المس بجهاز ما زال يعمل على إحباط عمليات لليهود”. يخشى بخر من أن يصرح كاتس أمام المحكمة التي ستفحص كل حادثة على حدة، لكنه سيعمل حسب السياسة المميزة. وهو يذكر بأن محكمة الجنايات الدولية في لاهاي تحقق الآن في سلوك إسرائيل في الضفة. وقال: “إذا كان هناك أحد في الحكومة يريد الحصول على بند آخر في لائحة الاتهام في لاهاي، فهذه هي الطريقة المضمونة”.

عدم تطبيق القانون في الضفة الغربية يقف في أساس العقوبات التي تفرضها دول كثيرة على المستوطنين. وأشدها العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على “أمانة”، وهي الجسم الذي يقف وراء بناء المستوطنات وإقامة البؤر الاستيطانية، وهي بدرجة كبيرة جزء لا يتجزأ من المؤسسة الإسرائيلية. مدير عام “أمانة”، زئيف (زمبيش) حيفر، يتجول في أروقة الحكم منذ عشرات السنين، ويعدّ من مقربي نتنياهو. بسبب هذا التقارب، عبرت جهات دولية عن تخوفها من أن قرار الحكومة سيستدعي نشاطاً مضاداً لإسرائيل. في الحقيقة، عرض كاتس قراره كرد على العقوبات. دبلوماسيون أجانب قلقون من احتمالية توجيه خطوات ضد السلطة الفلسطينية. الأزمة المحتملة أصبحت الآن متاحة للاستخدام عند الحاجة: البنوك الإسرائيلية، مثلاً، بحاجة إلى إذن موقع من وزير المالية لإقامة علاقات مع البنوك الفلسطينية بدون اتهامها بمساعدة الإرهاب. كل مرة يقوم سموتريتش بتقليص فترة سريان مفعول الإذن، الذي تم تمديده الشهر الماضي، لشهر فقط. هذا أحد السيوف الذي يلوح به فوق رأس الفلسطينيين، بحكم منصبه المزدوج.

لكن ربما لا حاجة لذلك بعد الآن. فاستبدال سكان البيت الأبيض المتوقع، يطرح الاعتقاد بأن أيام نظام العقوبات ضد المستوطنين أصبحت معدودة. في الأسبوع الماضي، أجلت اللجنة الوزارية لشؤون تشريع جلسة حتى شهر كانون الثاني، بشأن مشروع قانون استهدف إجبار البنوك على تجاوز العقوبات الأمريكية التي فرضت على المستوطنين، على أمل أن يقوم ترامب بهذه المهمة. تأمل إسرائيل أن تغيير المقاربة الأمريكية سيؤثر على دول أخرى، وسيوقف كرة الثلج التي بدأت بالمستوطنين العاديين، الذين ألقوا الرعب على الفلسطينيين، أو التي يمكن أن تصل إلى رؤساء المجالس وحتى الوزراء.

إذا كان رؤساء المستوطنين تنفسوا الصعداء في اليوم التالي للانتخابات الأمريكية، لكنهم حين بدأ الإعلان عن التعيينات، ظهر أن السرور قد خفت عندهم. رئيس المجلس الإقليمي “شومرون”، يوسي دغان، أقام علاقات مع رؤساء اليمين في أمريكا، وتمت دعوتهم لزيارات دبلوماسية في الضفة الغربية واستقبلوا مثل الملوك، من بينهم مايك هاكابي، السفير الأمريكي في إسرائيل، وبيت هيغست وزير الدفاع الذي عينه ترامب.

في غضون ذلك، باتت مراكز القوة في إسرائيل المتعلقة بالمستوطنات تحت سيطرة المستوطنين بشكل كامل تقريباً. حصل سموتريتش من نتنياهو على صلاحيات تمكنه من تشكيل روتين حياتهم وحياة الفلسطينيين، وعين المقرب منه يهودا الياهو، ليرأس “إدارة الاستيطان” التي شكلها. هيلل روت، المستوطن غير العسكري، تم تعيينه في منصب نائب رئيس الإدارة المدنية، وهو تجسيد واضح للضم الفعلي. الموضوع الذي انتقل إلى مجاله هو التخطيط والبناء، أهم ما يريده المستوطنون. الإدارة المدنية في الأصل لم تكثر من إزالة البناء الإسرائيلي، لكن الإزالة التي حدثت في السابق بهدوء، تثير الآن ضجة كبيرة مرفقة بضغوط سياسية. ما ينهك من سيكونون المسؤولين عن تنفيذ القانون، ودافعهم لذلك محدود أيضاً.

السنتان الأخيرتان تميزتا بإعطاء المزيد من رخص البناء، وعدد أقل من أوامر الهدم، والسيطرة على الأراضي، لكن لدى المستوطنين طموحات أخرى. فالضم هو كأسهم المقدسة، لكنه هذا ليس الهدف الوحيد. أحد رؤساء المستوطنين ذكر مؤخراً الخطوات التي توقفت -حسب قوله- بضغط الإدارة الأمريكية الحالية: اجتماعات أقل تواتراً لمجلس التخطيط والبناء- الهيئة التي تعطي رخص البناء؛ والإعلان عن أراضي دولة إضافية (رغم أن العام 2024 هو سنة الذروة من هذه الناحية)؛ واستخدام القوة العسكرية المنضبطة في المدن الفلسطينية بعد عودة الجيش في السنة الأخيرة لعمليات القصف في الضفة، التي قتل فيها أكثر من 700 شخص؛ وقيود أخرى على حركة الفلسطينيين. وثمة موضوع آخر يقلق رؤساء المستوطنين، وهو الضغط الدولي على عنف المستوطنين، الظاهرة التي يفضلون نفيها. يمكن الافتراض بأن الاعتقال الإداري لليهود في السنة الأخيرة حدث كي تستطيع الحكومة الادعاء بأنها تفعل شيئاً بهذا الشأن، لكن يبدو أن الأمور تغيرت الآن؛ فبعد أن قاموا بتعزيز السيطرة على السلطات الإسرائيلية، يتوقع المستوطنون أن ما حدث في الولايات المتحدة وفي وزارة الدفاع من تغييرات سيزيل الكوابح من أمامهم.

 هآرتس 24/11/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية