الجزائر- “القدس العربي”: أشاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بوقفة شرفاء العالم التي أفضت لإصدار مذكرات التوقيف الدولية ضد مجرمي الكيان الصهيوني، مذكراً أن الجزائر كانت من أوائل المبادرين بالدعوة لتحرك “المحكمة الجنائية الدولية” حتى لا يمر العدوان على غزة دون عقاب.
وفي كلمته خلال افتتاح السنة القضائية بالجزائر، نوّه تبون بـ”وقوف شرفاء ونزهاء العالم مع الشعب الفلسطيني والحق والقانون”، لا سيّما بعد مناشدته، السنة الفارطة، كما قال، أحرار العالم برفع دعوى قضائية أمام “المحكمة الجنائية الدولية” ضد الكيان الصهيوني لارتكابه مجازر وحشية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأضاف: “أذكر، من هذا المكان المقدس قانونياً، أنه كان فيه نداء لكل شرفاء ونزهاء العالم لإغاثة الشعب الأعزل في غزة بفلسطين التي يذبح أبناؤها في مجازر وحشية، والحمد لله سمع النداء، وكانت وقفة الشرفاء عبر القارات الخمس للعالم، وأحيل المجرمون أمام القضاء الدولي”.
وتابع يقول: “أتقدم بالشكر لكل النزهاء والرجال الواقفين في العالم مع الشعب الفلسطيني ومع الحق والقانون، وعلى رأسهم إخواننا وأشقاؤنا بجنوب أفريقيا”.
وكان الرئيس الجزائري، من نفس المكان بالمحكمة العليا بالجزائر، في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قد ناشد “جميع أحرار العالم والخبراء القانونيين والهيئات والمنظمات الحقوقية لرفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان ضد الكيان الاسرائيلي”.
وأبرز أن ذلك هو “السبيل الوحيد لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في حق الفلسطينيين، على اعتبار أن الملاحقة القضائية الدولية الفعالة تبقى الملاذ الوحيد لأشقائنا الفلسطينيين لتحقيق العدالة الدولية واستعادة حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
الرئيس #عبد_المجيد_تبون، يشيد بخطوات شرفاء العالم المثمرة من أجل محاكمة قــ .تلة الفلسطينيين pic.twitter.com/KqbFpWN7Wc
— د. محمد دخوش (@MuhDakhouche) November 25, 2024
واعتبر تبون أن قيم العدالة والحق للشعوب المضطهدة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني أصبحت غائبة، مشيراً إلى “انهيار كل المعايير الأخلاقية والإنسانية والدينية والقانونية في فلسطين المحتلة أمام ما يشهده العام يومياً من مجازر وحشية ترتكبها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني الشقيق أمام مرأى وصمت عالمي رهيب”.
ولقي نداء الرئيس الجزائري، في ذلك الوقت، تفاعلاً من نظيره الكولومبي غوستافو بيترو، الذي نشر تغريدة على موقع “إكس”، قال فيها إن “جمهورية كولومبيا ستساهم في الشكوى التي قدمتها جمهورية الجزائر أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضدّ بنيامين نتنياهو في ضوء المذبحة التي ارتكبها بحق الأطفال والمدنيين من الشعب الفلسطيني”.
وأضاف الرئيس غوستافو، الذي كانت له مواقف شجاعة في نصرة القضية الفلسطينية وإدانة الجرائم الإسرائيلية منذ بدء العدوان، أن وزير خارجية كولومبيا سيجتمع مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.”
وتبع ذلك تنظيم الجزائر، في نفس الشهر، “الندوة الدولية حول العدالة للشعب الفلسطيني”، والتي أعلنت عن إنشاء لجنة مشكّلة من قضاة ومحامين تتولّى متابعة رفع الشكاوى بخصوص الجرائم الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية وباقي المحاكم التي تعتمد عالمية العقوبة.
ودعا “إعلان الجزائر” إلى تقديم بلاغات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ورفع دعاوى جزائية ضد مسؤولي وسلطات الاحتلال الصهيوني من مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وفقاً لما تم تقريره ووفقاً للخطة القانونية الموضوعة، والتي تولت لجنة المتابعة المتمخّضة عن الندوة الحرص على تطبيقها.
كما طالب الإعلان بـ”إقامة الدعاوى الجزائية ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من قادة وأفراد سلطات الاحتلال أمام المحاكم التي اعتمدت مبدأ عالمية العقاب، والتي تم تحديدها من طرف اللجنة”. وكانت هذه الندوة قد خصصت 4 ورشات عملية تتعلق بمقاضاة إسرائيل، هي ورشة “توثيق الجرائم”، ورشة “المتابعة الجنائية أمام محاكم الدول التي اعتمدت مبدأ عالمية العقاب والمحاكم الدولية الأخرى”، وورشة “إخطارات المحكمة الجنائية الدولية”، وورشة “الشكاوى للمنظمات والهيئات الدولية”، حيث تركزت مناقشاتها على الجوانب التنظيمية والإجرائية.
وبعد إعلان جنوب أفريقيا رفع دعوى ضد إسرائيل، انخرطت الجزائر بفعالية في دعم المسعى. وفي كانون الثاني/يناير الماضي، أعلن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف حشد الدعم الكامل لمبادرة جنوب أفريقيا خلال اجتماع دول عدم الانحياز في أذربيجان. وأكد الوزير أن مبادرة جمهورية جنوب إفريقيا برفع دعوى ضد الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة شن حرب إبادة في غزة تستدعي كل التقدير وكل الدعم وكل الثناء، فهي “الخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح”.
وبعد صدور مذكرتي الاعتقال مؤخراً، والتطورات التي تلت ذلك، قال الممثل الدائم المساعد للجزائر لدى الأمم المتحدة، خلال الجلسة الشهرية لمجلس الأمن الدولي، الإثنين، إن بلاده تعتبر ذلك “خطوة هامة وتقدماً ملموساً” نحو إنهاء عقود من الحصانة وإفلات المحتل الصهيوني من المساءلة والمحاسبة.
وأشار السفير نسيم قواوي إلى أنه في ظل وضعية الشلل التي يعرفها مجلس الأمن وتعطيل آلياته، جاءت مذكرتا الاعتقال في حق مسؤولين من الكيان الصهيوني بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وهو ما “يبقي على جذوة الأمل في نفوس الفلسطينيين والأحرار حول العالم”.
وأبرز الدبلوماسي أن الجزائر تؤكد على أن هذا الإجراء يمثل “خطوة هامة وتقدماً ملموساً” نحو إنهاء عقود من الحصانة وإفلات المحتل الصهيوني من المساءلة والمحاسبة، “وهو يعيث إجراماً في الشعب الفلسطيني وفي كافة دول وشعوب المنطقة”. كما أكد في السياق، على ضرورة تعاطي المجموعة الدولية، لا سيما الدول المنضمة للمحكمة الجنائية الدولية، مع القرار وعدم عرقلة عمل المحكمة، معتبراً ذلك “اختباراً آخر لمدى الإيمان بنظام دولي قائم على القانون وبمدى التمسك بسيادة القانون”.
وشدد ذات المتحدث على أن أي محاولة لحماية مسؤولي الاحتلال “بمثابة صك لاستمراره في زعزعة الشرق الأوسط، وموافقة ضمنية على توسيع رقعة الصراع”، لافتاً إلى أن سكوت المجموعة الدولية على جرائم المحتل الصهيوني وتماهي البعض معه “شجعه على توسيع عدوانه إلى لبنان وسوريا، وهو اليوم يهدد العراق”.
ولفت قواوي إلى أن الشرق الأوسط اليوم “يقف على مفترق طرق، إما حل نهائي لأزمته، من خلال إعلاء سلطة القانون وضمان الحقوق، أو تكريس لمنطق القوة والإفلات من العقاب”.
وأعرب عن أسفه لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار الذي تقدم به الأعضاء المنتخبون، يوم الأربعاء المنصرم، مشيراً إلى أن هذا المجلس، “الذي أضحى مكبل اليدين، لا يمكنه أن يلبي أبسط المطالب وهو وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط والدائم، يدفع للتساؤل حول فعالية منظومة الأمن الجماعي وحول جدوى القانون الدولي”.
وأكد الدبلوماسي أن كل ساعة تمرّ دون التمكّن من إيقاف آلة القتل الصهيونية “تعني مزيداً من المعاناة لجميع سكان قطاع غزة ومئات الشهداء والجرحى، لا سيّما من الأطفال والنساء”، داعياً لضرورة “وقف حمام الدم بغزة قبل أن يقتل الأمل في نفوس الفلسطينيين”.
وشدّد على أن عدوان الاحتلال لا يستهدف غزة وحدها وإنما يستهدف الوجود الفلسطيني على أرضه “أين ما كان، ويهدف للمضي قدماً في مشروع عنصري مقيت، يرمي للقضاء على التواجد العربي ما بين النهر والبحر”، مجدداً إدانة الجزائر لسياسة المحتل الصهيوني التي تعمل على توسيع الاستيطان بالضفة الغربية، وتهدد بضمّها، في انتهاك واضح وصريح للشرعية الدولية، لا سيّما قرار مجلس الأمن 2334.
كما أدانت الجزائر، على لسان نسيم قواوي، الانتهاكات المستمرة للمسجد الأقصى المبارك وللمقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس الشريف، داعية لاحترام الوضع القانوني والتاريخي القائم بها وللوصاية الهاشمية الأردنية عليها.