طرابلس – «القدس العربي»: في إشارة جديدة للنفوذ الروسي الكبير والمتجدد والمتوسع في ليبيا، كشف موقع “إيتاميل رادار” عن هبوط طائرة إليوشن إيل-62 تابعة للقوات الجوية الروسية رقم الرحلة RA- 86561 في باماكو بدولة مالي، قادمة من موسكو، مع توقف في اللاذقية وبنغازي، الأربعاء الماضي.
وقال موقع تتبع الرحلات الإيطالي، إن ما يجعل هذا الأمر جديرًا بالملاحظة بشكل خاص هو التوقف في بنغازي، والذي، إذا لزم الأمر مزيدًا من الأدلة، يؤكد الوجود الروسي القوي في برقة، ويسلط الضوء على الأهمية اللوجستية المستمرة للمنطقة بالنسبة لروسيا.
وأضاف “إيتاميل رادار” الذي وصف الرحلة بـالـ “مثيرة للاهتمام” إلى حد ما، أنه ليس من قبيل المصادفة أن العديد من مهام المراقبة التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي تتم قبالة الساحل الليبي، على حدّ تعبيره.
يأتي ذلك بعد يومين فقط من بيان وزراء خارجية مجموعة السبع (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية) والذين أكدوا فيه التزامهم بسيادة ليبيا واستقلالها مدينين بشدة “الأنشطة الخبيثة” لروسيا في ليبيا، التي قالوا إنها تقوض سيادة ليبيا وأمن المنطقة.
وطالب وزراء خارجية مجموعة السبع بانسحاب جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب فوراً من ليبيا.
وأعرب الوزراء عن دعمهم لجهود الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا بقيادة ستيفاني خوري، لتسهيل حوار شامل بين الأطراف الليبية من أجل تحقيق الاستقرار والأمن.
ورأت مجموعة الـسبع في الاتفاق الأخير بشأن تعيين قيادة جديدة لمصرف ليبيا المركزي فرصة لإعادة إطلاق عملية تؤدي إلى اتفاق سياسي شامل، يمهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة، بحسب البيان.
كما أعلن البيان دعم مجموعة السبع للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات وللدورة الأولى من الانتخابات البلدية التي أجريت في 16 نوفمبر، والتي اعتبروها خطوة مهمة في تمكين الليبيين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية.
وأكد البيان دعمهم لطلب ليبيا الموجه إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على مساعدة دولية لتعزيز التنسيق الأمني بين القوات الأمنية الليبية.
وقبل يوم من البيان، استقبل اللواء المتقاعد خليفة حفتر نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف بمرتبة الشرف العسكرية في بنغازي، وتم خلال اللقاء مناقشة مكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الاستقرار في المنطقة، حسب المعلن.
وتقول وكالة نوفا الإيطالية، إن مهمة يفكوروف الألف إلى ليبيا تأتي بعد يوم واحد من مهمة المبعوث الأمريكي الخاص ريتشارد نورلاندوالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا، جيريمي برنت، في سبها، في فزان حيث تصفها بالزيارة الأمريكية الأولى إلى المنطقة، بعد ثلاث محاولات فاشلة أرجعتها إلى ضغوط روسية، حسبما قالت مصادر محلية لـ”وكالة نوفا”.
وتحذر أوروبا بشكل متكرر من النشاطات الروسية في ليبيا، حيث تهدف هذه النشاطات، وفق تقارير دولية، إلى تعطيل مصالحهم في ليبيا ومصالح أمريكا.
وقبل أسبوع، قال موقع “أويل برايس” إن روسيا تعمل على تعزيز علاقاتها مع قائد قوات الكرامة خليفة حفتر، بهدف تعطيل إمدادات الطاقة الأوروبية، وتوسيع نفوذها الجيوسياسي في شمال أفريقيا.
وأضاف الموقع البريطاني في تقرير له، أن موسكو تسعى لإزاحة شركات النفط الغربية عبر استغلالها لاحتياطيات ليبيا النفطية الضخمة، وزيادة وجودها العسكري في القواعد الرئيسية.
ورأى الموقع أن اهتمام ليبيا بالانضمام إلى مجموعة “البريكس”، ونفوذ روسيا المتزايد، يسلط الضوء على التحولات المحتملة في التحالفات العالمية، التي قد تعرض إمدادات الطاقة في أوروبا للخطر.
وأشار الموقع إلى أن ليبيا يمكن أن تزود أوروبا بكميات هائلة من النفط والغاز إذا تم التوصل إلى خطة سلام واتفاقية لتقاسم السلطة بين حفتر في الشرق والدبيبة في الغرب، منوهة إلى إمكانية طرد موسكو لمشغلي النفط والغاز الغربيين واستبدالهم بشركات تابعة لها في حال لم يحدث ذلك.
واعتبر الموقع أنه في حال نجحت موسكو، فلن تتمكن من تسليح موارد الطاقة الليبية فحسب، بل ستتمكن أيضاً من الوصول إلى المعادن الثمينة في البلاد وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وعزز الموقع معلوماته بما كشفته منصة إيكاد حول إنشاء موسكو عدة جسور جوية إلى قاعدة براك الشاطئ منذ مارس الماضي، والإبلاغ عن زيادة نشاطها في 4 قواعد عسكرية “الجفرة، والقرضابية، والخادم، وميناء طبرق”، مشيرة إلى أن موسكو عازمة على استخدام مناطق النفط والغاز في شرق ليبيا كبوابة إلى أفريقيا.
وكشفت منصة التحقيقات “إيكاد” قبل شهر عن توسع عسكري ضخم للمليشيات الروسية في قواعد ليبية هي الأضخم من نوعها في قلب ليبيا، ووثقت أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ منذ مارس الماضي.
وقالت “إيكاد” في تقرير لها “إن قاعدة براك الشاطئ شهدت تغيرات في البنية التحتية بدءًا من مارس الماضي، تراوحت بين بناء منشآت جديدة وترميم منشآت قائمة، كما رصدت تغيرات في أربع قواعد عسكرية استراتيجية أخرى تقع وسط ليبيا وشمالها، وهي قواعد الجفرة والقرضابية والخادم وميناء طبرق”.
كما وثقت “إيكاد” جسورًا جوية لقاعدة الجفرة عبر طائرات شحن عسكري روسية منذ أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وقالت إيكاد: “إن العديد من هذه الرحلات تزامن مع تقارير رصدت توافد قوات روسية للقاعدة بجانب أدلة عن استخدام القاعدة لتعزيزات الفيلق الروسي”.