تبليسي: تعمّقت أزمة ما بعد الانتخابات في جورجيا الجمعة بعدما فرّقت الشرطة متظاهرين نددوا بقرار الحكومة المتهمة بالموالاة لروسيا، تأجيل بدء عملية انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي حتى العام 2028، كما ألقت القبض على عشرات الأشخاص في حملة عنيفة على الاحتجاجات.
وتشهد هذه الدولة القوقازية اضطرابات منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفاز فيها حزب الحلم الجورجي الحاكم، لكن أدانتها المعارضة الموالية للغرب والرئيسة سالومي زورابيشفيلي، وقالت إنها شهدت مخالفات.
وأبدت الرئيسة تضامنها يوم السبت مع “حركة المقاومة” التي تظاهر في إطارها الآلاف ضد قرار الحكومة إرجاء محادثات العضوية في الاتحاد الأوروبي.
وقالت زورابيشفيلي في خطاب متلفز إن “حركة المقاومة بدأت… أنا متضامنة معها”. وأضافت “سنبقى متحدين حتى تحقق جورجيا أهدافها: العودة إلى مسارها الأوروبي، وتنظيم انتخابات جديدة”.
وتتهم المعارضة “الحلم الجورجي” والحكومة التي انبثقت عنه بالابتعاد عن هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والرغبة في التقرب من موسكو، في حين يعتبر العديد من الجورجيين روسيا التي غزت بلادهم عام 2008 تهديدا.
ومع أن الحكومة ما زالت تعلن نيتها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أعلنت مساء الخميس أنها ستؤجل المسألة حتى نهاية عام 2028.
ودفع ذلك الآلاف من أنصار المعارضة المؤيدين للاتحاد الأوروبي إلى النزول إلى الشوارع للاحتجاج في العاصمة تبليسي ومدن أخرى خلال الليل.
وأقام المتظاهرون حواجز وأضرموا فيها النيران.
وأشار صحافي في وكالة فرانس برس إلى أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت مساء الخميس وصباح الجمعة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه على المتظاهرين والصحافيين الذين تجمعوا أمام البرلمان.
وقالت وزارة الداخلية إن الشرطة “أوقفت 43 شخصا بتهمة عصيان الأوامر القانونية والتخريب”.
وأضافت أن 32 شرطيا أصيبوا جراء “الأعمال غير القانونية والعنيفة التي قام بها المتظاهرون”.
وأصيب عضوان من حزب التحالف من أجل التغيير المعارض، وهما إيلين خوتشتاريا ونانا ملاخيا، خلال الصدامات.
وقال الحزب إن الأولى أصيبت بكسر في ذراعها والثانية بكسر في الأنف.
وأعلن مركز PEN في جورجيا أن الشاعر زفياد راتياني من بين الموقوفين، وطالب بالإفراج الفوري عنه.
وندد المجلس الأوروبي بـ”القمع الوحشي” للمحتجّين، داعيا جورجيا إلى البقاء “وفية للقيم الأوروبية”.
ومساء، حضّت فرنسا السلطات الجورجية على “احترام الحق في الاحتجاج السلمي”.
وأعربت بولندا وأوكرانيا الجمعة عن شعورهما بـ”خيبة أمل” إزاء قرار تبليسي تعليق محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث اتهمت كييف الحكومة الجورجية بمحاولة “إرضاء موسكو”.
منذ إجراء الانتخابات، قاطعت المعارضة البرلمان الجديد، ونظمت تظاهرات عدة لكن الحكومة لم تأبه لها.
ودعت زورابيشفيلي وهي على خلاف مع الحكومة وتنتهي ولايتها هذا العام، المحكمة الدستورية إلى إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية، لكن فرصة حصول ذلك ضئيلة.
ونددت الرئيسة بـ”قمع” التظاهرات، ودعت العواصم الأوروبية إلى إبداء “رد فعل حازم”.
وتبنى البرلمان الأوروبي الخميس قرارا يرفض نتائج الانتخابات، مستنكرا “مخالفات كبيرة” شابتها. ويطالب النص بتنظيم انتخابات جديدة في غضون عام تحت إشراف دولي، وفرض عقوبات على كبار المسؤولين الجورجيين، بما في ذلك رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه.
وردا على ذلك، اتهم رئيس الوزراء الذي يتولى مهامه منذ فبراير/ شباط، وثبته النواب في منصبه الخميس، البرلمان الأوروبي و”بعض السياسيين الأوروبيين… بالابتزاز”.
ورغم قرار تأجيل إجراءات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلى العام 2028، التزمت الحكومة مواصلة تنفيذ الإصلاحات اللازمة “لتصبح دولة عضوا عام 2030”.
وحصلت جورجيا رسميا على وضع الدولة المرشحة للعضوية في ديسمبر/ كانون الأول 2023. لكن بروكسل جمدت العملية متهمة حكومة الحلم الجورجي بالتراجع عن الإصلاحات الديموقراطية.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على عشرات المسؤولين الجورجيين بتهمة ممارسة “قمع عنيف” بحق المتظاهرين.
وكان رئيس الوزراء الذي يتهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالرغبة في جر جورجيا إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، دعا يوم الخميس بروكسل إلى “احترام مصالحنا الوطنية وقيمنا التقليدية”.
(أ ف ب)