ماكرون يزور السعودية لتعزيز العلاقات مع ولي العهد والبحث في ملفي لبنان وإيران

حجم الخط
0

باريس: يعوّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الدور الذي أدّاه في التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، لإقناع السعودية بالعودة للانخراط في جهود ترتيب البيت الداخلي اللبناني، ساعياً إلى تعزيز نفوذ فرنسا في الشرق الأوسط، وذلك خلال زيارة دولة للمملكة يبدأها الإثنين.

رئيس الدولة، الذي تستمر زيارته للسعودية ثلاثة أيام، يأمل تعزيز العلاقات مع السعودية، القوة الإقليمية ذات الحضور المتزايد في القضايا العالمية، والتي تتعرّض، من جهة أخرى، لانتقادات كثيرة بسبب سجلّها على صعيد حقوق الإنسان.

زيارة ماكرون للرياض تأتي قبل أسابيع قليلة من عودة دونالد ترامب إلى سدّة الرئاسة الأمريكية، والأخير كان شريكاً أساسياً للسعودية في ولايته الأولى قبل أن تتوتر العلاقة في نهاية المطاف.

والزيارة هي الثالثة للرئيس الفرنسي إلى المملكة منذ العام 2017، علماً بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، أجرى هو أيضاً ثلاث زيارات لفرنسا.

في كانون الأول/ديسمبر 2021، كان الرئيس الفرنسي واحداً من أوائل الزعماء الذين زاروا ولي العهد السعودي الذي كان منبوذاً إلى حد كبير على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في العام 2018، في عملية خلص تقرير استخباري أمريكي إلى أن الأمير محمد بن سلمان “أجازها”.

يقيم ولي العهد السعودي علاقات جيدة مع قوى دولية أخرى، من الصين إلى روسيا، وله حضوره الوازن في المنطقة، وبات لاعباً أساسياً على الساحة الدولية.

وأوضح قصر الإليزيه، السبت، أن الهدف من الزيارة يكمن في “إعادة رفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية” للسنوات العشر المقبلة، انطلاقاً من التحديات الجيوسياسية، ووصولاً إلى التحديث المتسارع للمجتمع والاقتصاد السعوديين.

قناة مع إيران

وتابعت: “بالإضافة إلى تعزيز مكانة فرنسا بصفتها شريكاً أساسياً وذا موثوقية بالنسبة إلى السعودية في كل المجالات”، بما في ذلك قطاعات مستقبلية، على غرار الذكاء الاصطناعي وفيزياء الكم.

وشدّدت على أنه في لبنان، حيث كانت الرياض منذ أمد لاعباً قوياً، خصوصاً على الصعيد المالي، يجب “أن ندرس كيف يمكن أن نعمل معاً على تعزيز وقف إطلاق النار” و”تسريع” الخروج من الأزمة السياسية التي تشل البلاد.

منذ أن دخل حيّز التنفيذ، الأربعاء، وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” برعاية الولايات المتحدة وفرنسا، يدفع ماكرون مجدداً من أجل الإسراع في انتخاب رئيس في لبنان، علماً بأن المنصب شاغر منذ أكثر من سنتين.

المملكة التي تُعدّ داعماً فاعلاً للسنّة في لبنان، طائفة رئيس الوزراء، تراجع كثيراً، في السنوات الأخيرة، انخراطها في البلاد، مقابل تزايد نفوذ “حزب الله” الشيعي، المدعوم من إيران.

وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون سيجري كذلك “نقاشاً” مع ولي العهد السعودي لاستطلاع كيفية تعزيز قدرات الجيش اللبناني، الذي يجري إعادة انتشار في جنوب لبنان، ويفتقر بشدة إلى الوسائل.

وفق الإليزيه، ستعزّز فرنسا “القدرات الهندسية، وتلك المتّصلة بإزالة الألغام”.

كذلك سيتطرّق ماكرون ومحمد بن سلمان إلى النزاع الدائر في غزة، وإلى العلاقات مع طهران التي سُجّل مؤخراً تقارب بينها وبين الرياض، بعدما بقيت طويلاً خصمها الأول.

وقالت كامي لونس، الخبيرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن “لدى السعوديين قناة دبلوماسية مهمّة مع إيران مكّنتهم من الحد بشكل كبير من التصعيد الإقليمي في الأزمنة الأكثر توتراً”.

وأشارت إلى أن ما يهمّ فرنسا “هو كيفية استخدام العلاقات مع السعودية في ملفات أكبر تتّصل بالاستقرار الإقليمي”.

حقوق الإنسان

كذلك يتطلّع الرجلان، اللذان سيعقدان لقاءات عدة، إلى “تعميق العلاقات الشخصية”، وفق الإليزيه.

إنما يبقى ملف حقوق الإنسان حجر عثرة رئيسياً، وهذا الوضع يمكن أن يتفاقم مع الاستعدادات لمعرض الرياض إكسبو 2030 ولمونديال 2034، الذي تُعدّ السعودية المرشح الوحيد لاستضافته.

واعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في تقرير تقييمي لترشّح المملكة لاستضافة المونديال، نُشر السبت، أن “الالتزامات المعلنة لتنفيذ التدابير المختلفة (…) تتطلب جهداً كبيراً من حيث الوقت والطاقة”.

وقالت مديرة منظمة “هيومن رايتس ووتش” في فرنسا، بينديكت جانرو، إنه يتعيّن على ماكرون “ألا يغضّ الطرف عن هذه الانتهاكات الجسيمة بحجة أنه يريد تعزيز الشراكة”.

وشدّدت الرئاسة الفرنسية على أن “تميّز علاقاتنا يمكّننا من التطرّق إلى كل المواضيع، لا سيّما ذلك”.

ومن المقرّر أن يشارك ماكرون، الثلاثاء، في الرياض في “قمة المياه الواحدة” (One Water Summit) التي تُعنى بإدارة الموارد المائية.

والأربعاء، سيزور المواقع الأثرية في منطقة العلا (شمال غرب)، الزاخرة بالآثار والمناظر الطبيعية الخلّابة، والتي تتطلّع الرياض إلى جعلها جوهرة سياحية وثقافية على مستوى العالم بمساعدة فرنسا.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية