التشكيليون المغاربة يتناظرون من أجل تحسين أوضاعهم ومواكبة العصر الرقمي

الرباط ـ «القدس العربي»: نظمت النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والاتصال، وبالتعاون مع المؤسسة الوطنية للمتاحف، المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية، استكمالاً للمناظرة الأولى التي أقيمت عام 2018. وجاء هذا الحدث في وقت تشهد فيه الساحة العالمية تحولات تكنولوجية وثقافية كبيرة، أثرت بشكل ملحوظ على مجالات متعددة، بما في ذلك الفنون التشكيلية والبصرية. وكان الهدف من المناظرة هو مواجهة التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، وتأثيره الكبير على الحياة الاجتماعية والثقافية. ومن ثم، ركز المشاركون في النقاشات على ضرورة إعادة صياغة المفاهيم والممارسات الفنية بما يتماشى مع هذه التحولات التكنولوجية.
وتطرقت المناظرة إلى هيمنة التكنولوجيا على حياة الإنسان المعاصر، مبرزة كيف أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً أساسياً من هذا الواقع، ما يثير تساؤلات حول دور الإنسان في ظل هذه الأنظمة التقنية الشاملة. وجرى التأكيد على أن الإنسان أصبح مرتبطاً بشكل وثيق بالتقنيات الحديثة، وأن هذه التحولات تمس بشكل عميق هويته وعلاقاته بالمحيط. وتناول المشاركون في النقاش مدى قدرة المجال الفني للتكيف مع هذه التحولات، والاستمرار في لعب دور أساسي في الحفاظ على الإبداع والجماليات في ظل هذه التحديات الجديدة.
وركز المشاركون في المناظرة على أهمية إنشاء «مرصد وطني مغربي للفن التشكيلي»، يضم خبراء في مجالات متعددة مثل الفنون، والثقافة، والنقد الفني، والتعليم… بهدف تقديم رؤى واستشراف المستقبل بشأن تطوير القطاع الفني في المغرب، ومواكبة التحديات التي تطرأ عليه، مثل تأثير الذكاء الاصطناعي. وجرى التأكيد على أن هذه الجهود لا تقتصر على الفنون فقط، بل تشمل أيضاً السياسة الثقافية والتربوية والاقتصادية، التي يجب أن تواكب هذه التحولات. كما دعا المتناظرون إلى ضرورة التقييم المستمر للسياسات العمومية المتعلقة بالفنون التشكيلية والبصرية، وتحسين الإطار القانوني والتنظيمي الذي يؤطر هذا المجال. وتطرقوا كذلك إلى أهمية تعزيز التعاون بين الفنانين والمسؤولين الحكوميين لتحسين وضعية الفنان التشكيلي، وتطوير المنظومة التعليمية في هذا المجال. وجرت الإشارة إلى أهمية التنوع الثقافي والفني في المجتمع المغربي، وكيف يمكن أن يسهم الفن في تعزيز الدبلوماسية الثقافية للمغرب على المستوى الدولي. وفيما يتعلق بالبعد الاقتصادي، وقع التأكيد على ضرورة النهوض بالصناعات الإبداعية، وربطها بالاقتصاد الوطني. كما اقترح المشاركون في المناظرة، إنشاء صناعات فنية من شأنها تعزيز النسيج الصناعي والاقتصادي في البلاد، وجعل الفنون التشكيلية جزءاً من التنمية الاقتصادية المستدامة، كما شددوا على أهمية تطوير الأنظمة القانونية التي تنظم سوق الفن التشكيلي، بحيث تضمن للفنانين حقوقهم وتتيح لهم الفرص للمساهمة في الاقتصاد المغربي.
وشكلت المناظرة فرصة ثمينة لفتح نقاش علمي وثقافي حول كيفية تطويع الفنون التشكيلية والبصرية لمواكبة العصر الرقمي ومتطلباته. ووضعت النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، من خلال هذه المبادرة، تصوراً مستقبلياً يعكس الطموحات التي يعلقها الفنانون على تحسين أوضاعهم، وتحقيق تطور مستدام للقطاع الفني في المغرب، بما يتماشى مع التحديات التي تفرضها التقنيات الحديثة في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية