لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت موجة غضب واسعة في الأردن بعد أن أجبرت الأجهزة الأمنية عائلات إثنين من الشهداء الأردنيين الذين قضوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي من تنظيم جنازة لتشييع أبنائهم، كما منعتهم من إقامة بيت للعزاء أو تشييد خيمة لاستقبال المعزين بالقرب من منازلهم في العاصمة عمَّان.
وتسلمت السلطات الأردنية فجر الأربعاء الماضي جثماني الشهيدين حسام أبوغزالة وعامر قواس اللذان نفذا عملية مسلحة في منطقة البحر الميت واشتبكا مع القوات الإسرائيلية بعد أن اجتازا الحدود وتمكنا من إصابة اثنين من الجنود الإسرائيليين، وذلك في 18 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأفاد الناطق باسم الخارجية الأردنية سفيان القضاة بأن الوزارة تابعت عملية الإفراج عن الجثمانين وتأمين عودتهما إلى الأردن، مبينا أنه تم تسلّم الجثمانين عبر جسر الملك حسين.
واستيقظ الأردنيون صباح الأربعاء على خبر دفن الشهيدين، حيث تم تشييعهما سراً ودُفنا في مقبرة سحاب بالأردن قبل طلوع الفجر، فيما فوجئ الأردنيون أيضاً بمنع العائلتين في اليوم التالي من إقامة عزاء شعبي أو تشييد خيمة لاستقبال المعزين، وهو ما أثار الكثير من الغضب على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث انتقد النشطاء والمستخدمون السياسة التي انتهجتها السلطات الأردنية.
وكتب هيثم أبو غزالة، وهو شقيق أحد الشهيدين، مغرداً على شبكة “إكس” يقول: “الساعة 1:30 ليلاً.. ليلة عصيبة جداً.. تم أخذنا أنا ووالدي وأعمامي من البيت وما كنا عارفين السبب. تفاجأنا أنه تم أخذنا إلى مكان مقطوع تماماً، وتفاجأنا أننا بمقبرة سحاب، وسلمونا الجثامين. ودعناهم أقسم بالله العظيم إنه حسام أول ما نزلناه على القبر فاحت ريحة بتجنن.. كنت بتستاهل جنازة أرقى من هيك يا حبيب قلبي، لكنك عند ربنا الأفضل والأكرم من كل البشر.. الله يتقبلك يا حبيب قلبي”.
أما شذى البلبيسي، وهي زوجة عامر قواس، فكتبت تقول: “أكثر من شهر ونصف، رائحته كالمسك ودمه لا يزال ينزف.. وها أنت اليوم تعود سراً كما رحلت، وتُدفن سراً كما أرادوا كي لا يُخدش وجهُ الأعداء، لكن دمك الحر سيبقى شاهداً حاضراً لا يحتويه ثرى ولا يواريه الخذلان”.
وعلق الإعلامي الإذاعي الأردني حسام غرايبة قائلاً: “الدولة أثبتت أنها لا تجامل بكرامة مواطنيها سواء اتفقتْ معهم أم لا تتفق، وقامت بجهد كبير لاستعادة جثامين الشهيدين قواس وابو غزالة ومن قبلهما ماهر الجازي رحمهم الله جميعاً. لكنها بإجراءات غير مفهومة وقيامها بدفن الشهيدين بمقبرة سحاب قبل فجر اليوم وبحضور من قررت هي من أهلهما دون إعطاء الأمهات حق توديع أبنائهم، قد ضيعت قيمة ما فعلت”.
وأضاف غرايبة: “إذا كانت الدولة تخشى من استغلال البعض الحدث والمزاودة على الدولة فإنها بطريقة الإجراء الذي أتّبع انما أعطت المجتمع مادة دسمة للغط وانتقادها واتهامها، في الوقت الذي كان بالامكان الإشادة بجهودها في الاصرار على استعادة جثامين مواطنيها ودفنهما بتراب الأردن الطاهر”.
ونشر خالد الجبور صورة لخيمة العزاء المفترضة التي تم تفكيكها وإزالتها، وكتب معلقاً: “بعد أن تم دفنهم سراَ بالليل، تم منع إقامة بيت عزاء لهما.. وتم رفع خيمة عزاء الشهيدين عامر قواس وحسام ابو غزالة، لماذا يا حكومتنا كل هذه الإجراءات بحق أبناء بلدي؟ لمصلحة من؟”.
وعلق الناشط بدر الحويان: “شابان حافظين للقرآن الكريم ونذرا نفسيهما للجهاد في سبيل الله واستشهدا بسلاح العدو الصهيوني كيف لك ان تقول عنهم (قتليين)؟ عيب والله.. لا نزكيهم على الله ولكن نحسبهم شهداء بإذن الله تعالى الى جنات الخلد”.
وكتب الناشط الإسلامي خالد وليد الجهني: “من أفسد على الأردن والأردنيين احتفاءه برجاله وأبطاله؟.. قبل أعوام وعندما قتل أحد الصهاينة أردنيين في قلب العاصمة عمان استعاده نتنياهو بعد يومين تقريباً، واستقبل نتنياهو المجرم قاتل الأردنيين استقبال الأبطال بحرارة.. استشهد أبناء الوطن حسام أبو غزالة وعامر قواس دفاعاً عن الأردن وفلسطين وكرامة الامة، وتم استعادة جثمانهما بعد ما يقارب الشهرين، ويتم دفنهما في الليل دون وداع كامل أهلهم لهم، ودون ما يليق بالأبطال والشهداء”.
ونشرت هبة حجاج فيديو لاحتشاد عدد كبير من الأردنيين حول قبري الشهيدين، وكتبت تقول: “النشامى في تجمع حاشد لتشييع جثماني الشهيدين عامر قواس وحسام ابو غزالة بعد أن أشرفت السلطات على دفنهما بسرية.. أبناء شعبنا العظيم، أصحاب العز والكرامة، نعرف الأصول والواجب، ولا نرضى الذل ولا المهانة”.
ونشر محمد رمزي الخطيب فيديو يظهر فيه والد أحد الشهيدين محمولاً على الأكتاف، وكتب معلقاً: “والد الشهيد الأردني عامر قواس مرفوعاً على أكتاف الأردنيين الآن؛ تكريمًا له واحتفاءً به، هذا هو المكان الطبيعي لمن أحسن تربية ابنه فكان شهيداً على طريق التحرير.. الحاضنة الشعبية للفعل المقاوم هي الشيء الطبيعي الذي قمنا ونقوم وسنقوم به كأردنيين”.
وعلق عبد الله الحويطي: “التقى الشهيدان عامر قواس وحسام ابو غزالة بشهيدنا ماهر الجازي على ثرى الوطن، وهم الآن في ضيافة الرحمن مع الشهداء والصالحين، لكن دفنهم سراً أمر معيب ومخزٍ في قيمنا وتضحيات أبنائنا”.
وعلق حسن الجالودي: “دماء الشهيد بعد مرور أكثر من 50 يوما تفوح منها رائحة المسّك، من كرامات رب العالمين للشهيد.. ربنا يتقبلكم يارب”.
وكتب أحد المعلقين: “نرفض بشكل قاطع قبول شروط الاحتلال لتسليم جثامين الشهداء.. هذه الإملاءات المهينة لا تمثل إلا امتداداً لاتفاقيات العار كاتفاقية وادي عربة”.
وغرد الدكتور نادر ارميلة: “دفن شهيدي الوطن عامر قواس وحسام ابو غزاله في عتمة الليل لا ينتقص من بطولتهم.. فقط يضيف العار على العار في سجل نظام ذليل متواطئ مذعن لعدوه.. الجنازات المهيبة لا تقدم ولا تؤخر.. فالشرفاء تبقى سمعتهم حتى بعد الغياب”.
وكتبت تسنيم: “نسرين طافش تُكرَّم في وضح النهار، وشهيد الأردن يُدفن في عتمة الليل بصمت.. لأي درجة وصلنا؟”. فيما نشرت “تغريد” مقطع فيديو لهتافات الشباب الذين توجهوا إلى المقبرة في مسيرة شعبية، وكتبت تقول: “الأحرار من الشعب الأردني والفلسطيني خلف العامر والحُسام، هتافات شباب الأردن الآن خلال مسيرةٍ في مقبرة سحاب حيثُ دُفن جثمانا الشهيدين عامر قواس وحسام ابو غزالة، وأبى الأحرار رغم المنع والتقييد إلا أن يقيموا لهم جنازة شعبية، هذا أقل القليل بحق الأبطال الشهداء”.
وعلق خالد هناندة: “بس مشان ما ننسى، السلطة اللي أجبرت أهالي الشهيدين عامر قواس وحسام أبو غزالة على دفنهم بالليل بلا جنازة زي كأنهم قطاع طرق، هيه نفسها اللي حكمت عماد العدوان 10 سنوات بتهمة تهريب السلاح للضفة، وهيه اللي اعتقلت أحمد عايش بتهمة إيصال تكنولوجيا صواريخ متطورة للمقاومة”.
وعلق أحمد محمد الزعبي: “شهداء الفجر زينة الشباب وتاج الرؤوس، وإن دفنوا في عتم الليالي السود الحالكات، بمؤامرة وأمر دبر في الغرف المعتمة، الآن منعمين في جنات عدنٍ تلبسون تاج الوقار.. يزينه الياقوت وياقوتة واحدة منه خير من الدنيا بأكملها”.
أما الناشط “محمد” فنشر صورة لنتنياهو يعانق قاتل الأردنيين قبل سنوات، وكتب معلقاً: “نتنياهو استقبل قاتل الأردنيين بالأحضان، وحكومتنا دفنت شهداءنا عامر قواس وحسام ابو غزالة في ظلمة الليل تحت ضغوط وشروط مذلة.. لماذا يُهان شهداؤنا وتُطمس تضحياتهم بهذا الشكل؟ هل أصبح دم الأردنيين رخيصاً لهذه الدرجة؟ رحم الله الشهداء، لكن كرامة الوطن فوق كل اتفاقية”.
وعلق عبد الله الزرقان: “تم توديع الشهيدين البطلين ودفنهما في مقبرة سحاب في جنح الليل، بدون ترتيب جنازة شعبية كبيرة تليق بعملهما البطولي النوعي الذي تشرفت به الأردن واستبشرت به غزة وفلسطين.. هذا لتعلم الشعوب العربية والإسلامية أن هذه الأنظمة الخبيثة الجاثمة على صدور شعوب الأمة هي خط الدفاع الأول عن الكيان المحتل، وأن أي طريقة أو وسيلة لنصرة الدم المسفوح في غزة لن يُكتب لها النجاح قبل إسقاط الحكومات العميلة المتواطئة في جريمة الابادة المتواصلة على شعبنا المظلوم”.
أما الدكتور حسام فوزي جبر فكتب يقول: “بعد تسليم الاحتلال جثمانيهما ودفنهما بشكل مفاجئ بشروط وقيود الليلة الماضية.. آلاف الأردنيين يتوافدون إلى مقبرة سحاب في الأردن، وفاء للشهيدين عامر قواس وحسام أبو غزالة، منفذا عملية البحر الميت”.