سوريا تصعد من «المسلخ»… و«لجوء إنساني» للأسد!

حجم الخط
0

تابعت وسائل إعلام عربية عالمية، المنظر المؤسي لاجتماع عشرات آلاف السوريين منذ إعلان سقوط نظام بشار الأسد، الأحد الماضي، حول المنطقة القفراء الواسعة التي تحيط بسجن صيدنايا، المسمى «المسلخ البشريّ».
يقسم السجن إلى قسمين: السجن الأبيض والأحمر، ويحيطه سوران داخلي وخارجي، تحيطه فرقة عسكرية، وحقل ألغام خارج أسواره، وقد مثل رمزا أقصى لتراجيديا العذاب السوري تحت نظام الأسد، فإضافة إلى كونه مركز احتجاز وتعذيب واعتقال وسجن، كان موقعا مجهّزا بإمكانيات صناعية للقتل، ويحوي مصنع هندسة القتل هذا غرفا يحجز في واحدتها، التي تبلغ قرابة مساحتها 6 أمتار مربعة، 30 معتقلا، وهي غرف لا ترى النور، جرى تصميمها لعزل آلاف الرجال والشباب والنساء والأطفال المحتجزين، وسراديب مظلمة، ومواقع تعذيب وتكبيل و«شبح» (أي تعليق من اليدين أو القدمين) ومكابس لسحق أجساد المعدومين وعظامهم، وأنابيب جارية لسكبها الدماء والبقايا.
أصبح السجن المذكور الذي تأسس عام 1987، بؤرة للفظاعة القصوى، وقضى فيه خلال عشر سنوات ما يقارب 35 ألف شخص، عبر الإعدام المباشر، أو سوء الرعاية الصحية، أو عمليات التجويع الممنهج، ووثقت مؤسسات حقوق عالمية ذات مصداقية كبيرة، مثل «منظمة العفو الدولية» وقائع فظيعة يُجبر فيها السجناء السوريون على أكل لحوم البشر، والاختيار بين مقتلهم أو قتل أقاربهم أو أصدقائهم، كما وثّقت ممارسات تقطع فيها الرؤوس ويغتصب فيها الضحايا، وتحدّثت منظمات عن ترك جثث الموتى من السجناء، في المهاجع والزنزانات مع باقي السجناء لما يقارب خمسة أيام، ثم تنقل إلى «غرف الملح» التي تستخدم لحفظ الجثث قبل التخلص منها.
حددت منظمات حقوق الإنسان أكثر من 27 سجنا ومركز احتجاز أدارتها منظومة الأسد العسكرية ـ الأمنية، ووفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن النظام اعتقل، منذ آذار/ مارس 2011، حين بدأت الاحتجاجات الشعبية ضد النظام، وكانون أول/ ديسمبر 2024، 136614 شخصا بينهم 3698 طفلا و8504 امرأة.
عند تحريره كانت سجلات السجن توثق وجود 25 ألف معتقل، وحين لم يبلغ عدد المحررين هذا المبلغ، وتبددت آمال وجود سراديب أخرى، وبعد محاولات الدفاع المدني لخرق طبقات أرضية تم استبعاد ذلك، فيئس الآلاف من المنتظرين من إطلاق أقاربهم أحياء، انتقلت التجمّعات إلى المشافي، مثل مستشفى حرستا، فاكتشف بعضهم جثث مفقوديهم، وبدأ أثناء ذلك تداول قصص مرعبة ومثيرة للحزن الشديد، لأشخاص خرجوا بعد ثلاثة أو أربعة عقود، ونساء سجينات مع أطفالهن،
يمكن اعتبار سجن صيدنايا، مجازا لسوريا كلّها، التي صعدت فجأة من السراديب إلى فوق الأرض، واكتشفت فجأة، وبعد 54 عاما من حكم الأسدين، الأب والابن، هواء الحرية النظيف، وإمكانية الخلاص من الفظاعة التي لا تنتهي لمنظومة غادر رأسها فجأة، في عمليّة خاصة للمخابرات الروسية، على حد ما ذكرت موسكو، من دون أن يوجّه كلمة، وهو المغرم بالفذلكات اللغوية، ولو لكبار المسؤولين، وقادة «الشبّيحة» المغالين في الإخلاص له، الذين وجدوا أنفسهم متروكين مطاردين مع إمكانية المحاسبة على جرائم مهولة ضد شركائهم في البلد، فيما قائدهم يتنعم بأموال البلد المنهوبة، هو وعائلته، ويحظى بالحماية في بقعة من روسيا تحت يافطة «اللجوء الإنساني»!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية