بيروت ـ «القدس العربي»: أكثر من موقف لبناني طرأ في نهاية الأسبوع حول التطورات السورية بعد سقوط رئيس النظام بشار الأسد بدءاً بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي تناول بإيجابية موضوع قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع مروراً باتصال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بالشرع وصولاً إلى أول موقف سياسي لزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري من سقوط النظام.
الحريري سعيد بسقوط النظام: هذا هو اليوم المنتظر منذ تلك الساعة السوداء
فالبطريرك الراعي قال في عظة الأحد «في ضوء الأحداث التي جرت في سوريا في هذين الأسبوعين الأخيرين نوجّه التحية إلى مطارنة وأبناء أبرشياتنا المارونية الثلاث في كل من حلب ودمشق واللاذقية، وإلى سائر الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والإصلاحية الزاهرة في سوريا.
إن سوريا هي مهد المسيحية المتجذرة فيها منذ بدايتها. وبالتالي عاش المسيحيون فيها بإخلاص لها، وأعطوها من صميم قلوبهم لحماية العيش المشترك والعدالة والسلام والحرية وحقوق الإنسان.
واليوم، لا بد من مد اليد لجميع المكوّنات السورية للتعاون في بناء البلاد، مع التأكيد على أهمية بناء سوريا على أساس من المواطنة والمساواة دونما تمييز ديني أو طائفي أو عرقي أو ثقافي.
ولا بد من حث المسيحيين على الانخراط في العمل الوطني والسياسي».
المطارنة يرحبون باللقاء بـ«الهيئة»
وعرض الراعي للاجتماع مع «هيئة تحرير الشام» قائلاً «إن اللقاء الذي جمع السلطة في هيئة تحرير الشام مع مطارنة حلب، وكهنة دمشق كان مطمئنًا، ونرجو أن يستمر كذلك. وقد أعرب المطارنة والكهنة عن رغبتهم في العمل معًا، والمشاركة في إدارة الشؤون العامة لمصلحة المواطن السوري بشكلٍ عام والمسيحي بشكلٍ خاص.
فعلى المسيحيين أن يعيشوا حضورهم الطبيعي والفعال في مجتمعهم السوري، لكونهم مكوّنًا أصيلافيه وأساسياً».
وختم «في لبنان تستعد الكتل النيابية بتشاوراتها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في التاسع من كانون الثاني/يناير المقبل.
ونحن من جهتنا نرافقهم بالصلاة لكي يتوصلوا إلى الإتفاق على شخص الرئيس أو إلى أكثر من مرشح، ويصار إلى عمليات الإقتراع المتتالية حتى انتخاب الرئيس الأنسب لخير البلاد واللبنانيين. فمن أجل هذه النيّة نصلّي، ومن أجل السلام العادل والشامل في سوريا، ومن أجل جعل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان سلامًا دائمًا وعادلاوشاملًا».
وأجرى جنبلاط أول اتصال بين القيادات اللبنانية بأحمد الشرع لتهنئة الشعب السوري «بالانتصار على نظام القمع وحصوله على حريته بعد 54 عاماً من الطغيان» كما جاء في البيان الذي أوضح «أن جنبلاط والشرع شددا على وحدة سوريا بكافة مناطقها ورفض كل مشاريع التقسيم والعمل على بناء سوريا الجديدة الموحدة، وإعادة بناء دولة حاضنة لجميع أبنائها كما اتفقا على اللقاء قريباً في دمشق».
واعتبر الشرع «أن جنبلاط دفع ثمناً كبيراً بسبب ظلم النظام السوري، بدءاً من استشهاد كمال جنبلاط، وكان نصيراً دائماً لثورة الشعب السوري منذ اللحظة الأولى».
أما الرئيس سعد الحريري فعبّر عن سعادته بسقوط الأسد خصوصاً أن والده تعرّض للتهديد من قبل الأسد بتكسير لبنان على رأسه اذا لم يمدد للرئيس اميل لحود ثم اغتيل في زمن الوصاية السورية.
الحريري: يوم منتظر
وجاء في بيان للحريري: «سقط الأسد، ها قد اكتمل المشهد وخرج السوريون ليدفنوا حقبة ويفتحوا أخرى. هذا هو اليوم الذي انتظرته منذ تلك الساعة السوداء». وأضاف «كم أنا سعيد برؤيتكم تصدحون بصوت الحرية في الشام بعد أن تحررت من سجنها الكبير.
بعد توالي الاتصالات والترحيب بالحكم الجديد وسقوط الأسد في سوريا
اليوم تكرّسون بجميع ألوانكم ومشاربكم عرس سوريا بسقوط ديكتاتورها الذي روّع السوريين واللبنانيين وابتز العرب والعالم. سقط النظام الذي تاجر بفلسطين أكثر من نصف قرن بعدما باع الجولان رخيصاً وباع نفسه لكل من دفع له أو دافع عنه في وجه شعبه. سقط الأسد وسقط القناع عن القناع ليظهر جبنه وغدره لأقرب المقربين، فلا عجب أن يغدر بسوريا وحاضنته العربية».
واعتبر الحريري «سقوط الأسد سقوطاً لنهج الاستفراد بالحكم والاستقواء بالخارج. هو سقوط لتأجيج الطائفية، والظلم باسم طائفة كريمة استغلها بأبشع الصور» لافتاً إلى أن «سقوط الديكتاتور لا يعني شيئاً، إلا إذا تم إسقاط نهجه الذي قام على الاستقواء على الأفراد كما الطوائف والتعسف في ممارسة السلطة».
وقال «وحده دفن هذه الممارسات بعد سقوط النظام يضمن قيامة سوريا وطناً ودولة لكل سورية وسوري، وإثبات للسوريين والعالم بأن الثورة السورية أكبر من أن تقع في فخ نهج الأسد، وأقوى من أن تسقط بمستنقع الفتنة والفوضى، وبعيدة كل البعد عن أي شكل من أشكال التطرف».
وختم الحريري «المجد لشهداء سوريا وأبطالها وقد قلنا في لبنان يوماً إلى اللقاء سوريا، وها قد التقينا لنجدد العهد ونحقق الوعد من اجل أبنائنا من اجل حاضرنا ومن اجل المستقبل».
وكان أحمد الشرع تناول موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان في لقاء إعلامي، معلناً بلا تحفظ تأييده لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، لكنه استدرك «أن الأمر يعود إلى اللبنانيين وأن لا تدخل بعد الآن لسوريا في شؤون لبنان». وحاول الكثير من المسلمين الشيعة في سوريا، بما في ذلك أسر كاملة مع أطفال وكبار السن، الفرار إلى لبنان خلال الأيام الماضية، خوفاً من الاضطهاد بعد فرار الرئيس السابق بشار الأسد من دمشق.
وسيطرت جماعات مسلحة، معظمها من المسلمين السنة، على دمشق ومناطق أخرى في سوريا كانت تحت سيطرة قوات الأسد. حسب وكالة «د ب أ» الألمانية وأغلب السوريين الذين فروا هم من منطقة السيدة زينب في دمشق، وقد غادروا خوفاً من الانتقام من قبل المعارضين السنة الذين سيطروا على البلاد. ووجد العديد منهم أنفسهم عالقين في العراء على طريق بين لبنان وسوريا.
وكان نظام الأسد يعتمد على دعم الشيعة، وعمل عن كثب مع مقاتلين من جماعات مسلحة مدعومة من إيران ـ مثل «حزب الله» اللبناني ـ لمحاربة المعارضين المناهضين للحكومة في الحرب الأهلية التي بدأت في 2011.
فرار سوريين خوفاً من الاضطهاد
ويأمل معظم هؤلاء في دخول لبنان للبحث عن ملاذ آمن، على غرار موجة ضخمة من اللاجئين السوريين الذين فروا من سوريا قبل أكثر من عقد من الزمن عندما بدأت الثورة. وكان أولئك اللاجئون في الغالب من المسلمين السنة الذين هربوا من القمع الوحشي لنظام الأسد.
لكن القواعد الجديدة الصارمة التي فرضتها الحكومة اللبنانية قبل عدة سنوات للحد من تدفق السوريين الفارين إلى البلاد تركت الآن العائلات السورية الشيعية عالقة بالقرب من الحدود.
وتعد الدولة اللبنانية، التي تشترك في الحدود مع سوريا، واحدة من الدول الأكثر تأثراً بأعداد اللاجئين الكبيرة.
حيث يعيش حاليا نحو مليون لاجئ سوري في مخيمات غير رسمية عبر لبنان، الذي يمر حاليا بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه.
وقال أحد أفراد جهاز الأمن اللبناني عند معبر المصنع في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): «اللاجئون السوريون الذين يحملون جوازات سفر أجنبية أو إقامة في لبنان أو تذاكر تثبت السفر إلى بلد آخر فقط هم من يسمح لهم بالدخول إلى لبنان». وأضاف: «هؤلاء الناس لديهم فقط بطاقات هوية، وكثير منهم لا يملكون أي وثائق. لا يمكننا السماح لهم بالدخول وعليهم البقاء في هذه المنطقة حتى نتلقى أوامر جديدة من الحكومة اللبنانية».
وأفاد أحد أفراد حرس الحدود اللبنانيين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ(د ب أ) بأن مئات الأشخاص وصلوا إلى الحدود منذ الإطاحة بالأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول.
لكنه أضاف أن الحراس مسموح لهم فقط بإدخال كل من استوفى الشروط التي وضعتها الحكومة اللبنانية.