تونس ـ «القدس العربي»: انتقد عدد من الدبلوماسيين وخبراء القانون بعض «الأخطاء الدبلوماسية» التي ارتكبها الوفد التونسي المرافق للرئيس الباجي قائد السبسي خلال زيارته الحالية إلى الولايات المتحدة، ومن بينها توقيع مستشار السبسي لاتفاقية تعاون مع الجانب الأمريكي بدلا من وزير الخارجية الذي غاب عن الزيارة.
وكان الوفد التونسي وقع مع نظيره الأمريكي مذكرة تفاهم تقضي برفع مستوى العلاقة بين البلدين على الصعيد الاقتصادي والأمني إلى «مستوى جديد وغير مسبوق».
ووقع الاتفاقية المستشار السياسي للرئيس التونسي، محسن مرزوق، مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في ظل غياب لافت لوزير الخارجية التونسي الطيب البكوش، وهو ما أثار موجة انتقاد وتساؤل كبيرة حول هذا الأمر.
واعتبر أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك أن مرزوق غير مخول لإمضاء اتفاقية كونه «مستشار لرئيس الدولة بامتيازات وزير، لكنه ليس عضوا في الحكومة ولا يحق له أن يتقمص الصفة التنفيذية، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية يمكن أن يُفوض شخصا لإبرام اتفاقيات لكن الدستور لا يسمح بذلك».
وأكد أنه كان من المفترض أن يكون وزير الشؤون الخارجية الطيب البكوش حاضرا في الزيارة، معتبرا غيابه «رسالة سلبية من السبسي له مفادها أنه حسم أمره وغلب شقا على آخر (في إشارة للخلاف الذي يعيشه حزب نداء تونس)»، مشيرا إلى أن قائد السبسي «قال للبكوش أمس إن مرزوق هو الرجل الثاني في نداء تونس».
وتساءل الخبير الدستوري قيس سعيد «ألم يكن من الأسلم توقيع المذكرة من قبل وزير الشؤون الخارجية التونسي وهو المخول بحكم اختصاصاته لمثل هذه المهام»، وأشار إلى أن هذا الإشكال يطرح مجددا مسألة توزيع الاختصاصات بين كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، داعيا إلى إصدار قانون يحدد الوظائف العليا برئاسة الجمهورية عملا بأحكام الدستور.
فيما اعتبر المحلل السياسي والدبلوماسي السابق توفيق وناس توقيع مرزوق للاتفاق بدلا عن البكوش «مخالفا للأعراف الدبلوماسية»، مؤكدا أن مستشار رئيس الجمهورية لا يقوم بتوقيع الاتفاقيات الدولية إلا بعد تقديم تفويض كامل.
وأضاف «حضور مرزوق ووقوف رئيس الجمهورية في الخلف وحيدا في ظل غياب نظيره الأمريكي يتعارضان مع الأعراف الدبلوماسية وهذا غير منطقي وغير متعارف عليه ومخالف للأعراف الدولية والدبلوماسية».
وأوضح لإذاعة «موزاييك» المحلية أن المادة 7 من اتفاقية فيينا 1969 للمعاهدات الدولية تنص على ضرورة أن يقدم محسن مرزوق تفويضا كاملا ومكتوبا من رئيس الجمهورية أو من قبل وزير الشؤون الخارجية، مشيرا إلى أن تقديم مرزوق على أساس أنه وزير الشؤون السياسية التونسية من قبل الخارجية الأمريكية ينم عن حرج أمريكي.
وكان وناس أكد في تصريح سابق لـ«القدس العربي» أن ثمة تخبطا في الخارجية التونسية نتيجة غياب «نظرة مشتركة ورؤية متفق عليها (بين الأطراف المعنية بالشأن الدبلوماسي) وهذا يجر بطبيعة الحال إلى التضارب في المواقف والتصريحات التي ينفي بعضها الآخر أو يقدم تأويلا مختلفا لها، أضف إلى ذلك غياب التناغم بين رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، رغم أنهما من حزب واحد».
ورد مرزوق على هذه الانتقادات بقوله إن ما تم توقيعه مع الطرف الأمريكي هو إعلان مبادئ سياسية عامة وليست اتفاقية، مشيرا إلى أن المذكرة الموقعة «لا تلزم الدولة التونسية في شيء ولا ينطبق عليها التفويض في الإمضاء».
وأشار إلى أن المعارضين لتوقيعه الاتفاق «يتمسكون بالأشياء الشكلية وتناسوا النجاح الذي حققته زيارة رئيس الجمهورية إلى أمريكا، وقد لاقت اهتماما إعلاميا دوليا واسعا وسيكون للرئيس العديد من اللقاءات الهامة مع كبار المسؤولين وكبار المجموعات الاقتصادية في أمريكا».
وأكد أن المذكرة التي تم توقيعها ستمكن من ترفيع مستوى العلاقات التونسية الأمريكية إلى مستوى غير مسبوق، مشيرا إلى أن «الأمريكيين أكدوا أن الباجي قائد السبسي قام فتح صفحة ثانية بين البلدين بعد الصفحة الأولى التي فتحها بورقيبة».
حسن سلمان
إن كان الخبراء في القانون الدستوري التونسي متفقين على عدم صﻻحية مستشار رئيس الجمهورية لتوقيع إتفاقية مع الوﻻيات المتحدة بدﻻ من وزير الخارجية التونسي أﻻ يعني ذلك أن اﻹتفاقية غير قانونية وبالتالي ﻻ يمكن تطبيق محتوياتها في المجاﻻت المتفق عليها؟
هذا واﻷهم من ذلك هو غياب مناقشة بنود اﻹتفاقية التي ﻻنعلم ما وقع عليه مستشار السبسي ووزير الخارجية اﻷمريكية كاري بيد أنه يتداول بعض وسائل اﻹعﻻم الغربية أنه حسب تصريح للرئيس أوباما أنه ستصبح الجمهورية التونسية “عضوا شرفيا” في منظمة الدفاع اﻷوروبيةNATO!
ترى ماذا سينجر عن عضوية تونس في هذه المنظمة الدفاعية اﻷوروبية عسكريا؟
التحم الرئيس الحبيب بورقيبة بالجنرال زين العابدين بن علي التحاما كبيرا الى أن عينه على رئيسا للحكومة .و جاء اليوم الذي افتك منه الحكم بمباركة أمريكية في 7 نوفمبر 1987.فهل سيعيد التاريخ نفسه و ينقض محسن مرزوق على الحكم بنفس الطريقة وهو المبجل أمريكيا ؟ لا نتمنى ذلك بصدق .
وهنا يأتي دور القضاة والقضاءات إستقلال القضاء هو الضمان الوحيد لديمقراطية وفي مثل هذه الحالة حالة مرزوق يمكن اللجوء الي القضاء