رأي القدس اكد الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلته المسجلة مع قناة ‘الدنيا’ المقربة من حكومته ان الوضع يتحسن، ولكنه اعترف في الوقت نفسه بان الحسم العسكري بحاجة الى المزيد من الوقت، مما يعني ان عمليات القتل في سورية التي تزايدت وتيرتها في الاسابيع الاخيرة ستستمر.الرئيس الاسد لم يتحدث عن حل سياسي، او بالاحرى لم يقدم رؤية واضحة محددة لهذا الحل، تضع حدا لسفك الدماء، وهذا امر مخيب للآمال، لآمال السوريين اولا والعرب ثانيا الذين يتطلعون الى مخرج سريع من هذا المأزق الدموي.وعندما يقول الرئيس السوري ‘ان القضية هي معركة ارادات’ فهذا اعتراف آخر بان ارادة الطرف الآخر، اي الثورة، قوية وليس من السهولة بمكان كسرها بعد حوالي 18 شهرا من الاحتجاجات السلمية قبل ان تتطور الى مواجهات عسكرية بين قوات النظام والجيش السوري الحر والجماعات المنضوية تحت مظلته.نختلف مع الرئيس السوري في قوله ان الوضع في سورية صار افضل، فهناك مناطق سورية شاسعة في حلب وريف دمشق وادلب بالاضافة الى معابر برية رئيسية مثل البوكمال (مع العراق) وباب الهوى (مع تركيا) خارج نطاق سيطرة النظام بالكامل.ولعل ما هو اهم من كل ذلك هو سقوط اكثر من خمسة وعشرين الف شهيد سوري حتى الان، ومئات الآلاف من اللاجئين في دول الجوار السوري، ولا يمكن القول بعد كل هذا ان الوضع يتحسن.صحيح ان النظام صمد طوال العام ونصف العام المنصرم، واثبت ان كل الذين كانوا يتوقعون سقوطه في غضون ايام معدودة كانوا مخطئين في حساباتهم، ولكن الصحيح ايضا ان المعارضة للنظام صمدت ايضا طوال هذه الفترة واستعصت على محاولات اجتثاثها من خلال الحلول الدموية.من الطبيعي ان يقلل الرئيس الاسد من اهمية الانشقاقات التي تلاحقت في الاشهر الاخيرة، وكان محورها مسؤولون كبار في الدولة، ابرزهم رئيس الوزراء رياض محجوب، والعميد مناف طلاس قائد الفرقة الخامسة في الحرس الجمهوري، وان يصفها بانها كانت عملية ‘تنظيف’ للدولة اولا وللوطن بشكل عام، ولكن هذه الانشقاقات شكلت ضربة معنوية للنظام السوري، ووفرت مادة خصبة للفضائيات التي تريد ابراز ضعف النظام، بل والقفز الى التنبؤ بقرب انهياره.مقابلة الرئيس الاسد جرى بثها في يوم سقط فيه اكثر من 185 شهيدا اثناء المعارك المحتدمة بين الجيشين الرسمي والحر في مختلف انحاء البلاد، وفي وقت تطالب فيه تركيا باقامة مناطق عازلة داخل الاراضي السورية لاستيعاب تدفق اللاجئين السوريين.لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا اعترف بصعوبة تنفيذ الطلب التركي للتعقيدات التي تحيط به، وضرورة صدور قرار به عن مجلس الامن الدولي وهو امر مستحيل في ظل الفيتو الروسي الصيني المزدوج، ولا بد ان الرئيس الاسد كان على علم بهذه الامور عندما قال ان مثل هذه الخطوة غير واقعية.الرئيس الاسد عندما يقول بان الحسم العسكري بحاجة الى المزيد من الوقت، فان هذا اعتراف بان الحلول الامنية التي اتبعها نظامه طوال الاشهر الماضية لم تحقق اهدافها في القضاء على هذه الثورة المسلحة، ولهذا لا بد من اظهار استعداد جدي للتخلي عنها والبحث عن حلول سياسية تنقذ ما تبقى من الشعب السوري من القتل، وما تبقى من المدن والاحياء السورية من الدمار. ما ورد في مقابلة الرئيس الاسد يدعو الى التشاؤم، ويعد بالمزيد من الدماء والدمار وهذا امر مؤلم بكل المقاييس.Twitter: @abdelbariatwan