لماذا مبايعة ‘جبهة النصرة’ لـ’القاعدة’ الان؟

حجم الخط
0

أثار مبايعة جبهة النصرة ( في سورية) القاعدة (في أماكن متعددة من العالم)، تساؤلات المراقبين حول مدى أهمية الإعلان وأثره الميداني على الأرض، وتوقيته الآن، ومستقبل المبايعة ‘الجديدة’ على الوضع سورياً وإقليميا.
إن الإعلان بحد ذاته لا يشكل أكثر من إستعراض إعلامي؛ حيث أن القاعدة ليست تنظيماً مركزياً متواجداً في بلد واحد، بل مجموعات تشكل الخطوط الأساسية العريضة، قاسماً مشتركاً بينها. إنما مبايعة القاعدة (إنتساب للأصل) تعطي قوة أكثر ‘للنصرة’ مقارنة مع توحيدها في ـ هذا الوقت ـ مع ‘إمارة العراق الإسلامية’ (توحيد مع الفرع). أما لماذا المبايعة الآن، من ناحية إعلامية: زيادة الضغط على النظام السوري، والتأثير على معنوياته بحرب لا هوادة فيها، والتأثير على قرارات وتوجهات قوى المعارضة الأخرى، وحصة كل منها في إتخاذ خطوات محددة (تشكيل حكومة وغيره). ومن ناحية ميدانية: تسهيل تكريس ‘الحياة الشرعية’ الجديدة في مناطق جديدة محررة لإقامة ‘الخلافة’ فيها، لتبدو المنطقة ‘الشرعية’ تتوسع بإستمرار وتحظى بالرضا الشعبي، وهنا قد تكون الخطوة القريبة التالية في هذا الصدد، هي توحيد جبهة النصرة مع إمارة العراق، لتكون الأمور أفضل على صعيد تكافؤ نسبي لتوازن القوى، لفصيلين لهما التوجه ذاته. إن دولة العراق الإسلامية بتوحيدها مع جبهة النصرة سيشكلان نواة لدولة ‘الخلافة’، وهذه الدولة القادمة ستكون قابلة للتمدد في كل الإتجاهات، وحتى خارج المنطقة العربية.
إن الوضع القادم قاتم السواد، حيث ستشكل الأرض السورية ميدان الصراع الرئيس، بين سنة وشيعة، ومسلمين ومسيحيين (وغير ذلك من فتن طائفية)، وخاصة عند دخول أو إدخال حزب الله على الحلبة (ومن ورائه إيران)، مع تأهب إسرائيل من جهة ثانية. وبالتالي ستكون المنطقة (سورية بداية ) خلال أشهر مقسمة إلى ثلاث دويلات في أحسن الأحوال، كما يشير الكثيرون، وفي حالات أسوأ، إلى كانتونات تسيطر عليها مجموعات، قد تشكل مع مجموعات أخرى إتحادات فيديرالية أو كونفدرالية، سواءً من داخل الوطن الأم أو من خارجه. وبهذا قد تبدو الصورة التالية: إتحاد النظام السوري مع إيران رسمياً كدولة واحدة، إسرائيل متحدة مع أمريكا كدولة واحدة، نواة دولة الخلافة من جبهة النصرة وإمارة العراق الإسلامية مع إمتداداتها المتواصلة والمستمرة.
إن سورية ‘الحديثة’ القادمة، ستتحول إلى أقوام ما قبل التاريخ، في بلد له كل التاريخ.
عبدالله أبو مازن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية