القاهرة ـ «القدس العربي»: أعربت منظمات حقوقية مصرية ودولية عن قلقها الشديد من اتساع ظاهرة «الاختفاء القسري» في مصر خلال الأسابيع الماضية، وحذرت من عودة «زوار الفجر» وهو تعبير يشير إلى الاعتقالات العشوائية مع تشديد النظام لقبضته الأمنية تحسبا لتصعيد متوقع من جانب معارضيه خلال الشهر الحالي حيث تمر الذكرى الأولى لتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم، والذكرى الثانية لمظاهرات الثلاثين من حزيران/يونيو.
وأدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تصاعد حملة الاعتقالات خلال الأيام الماضية والتي تخللهتا حالات من الاختفاء القسري وقيام أجهزة الأمن باختطاف النشطاء واقتيادهم لجهات غير معلومة تزامنا مع الدعوات التي تم إطلاقها من قِبَل بعض النشطاء في حركة للعصيان المدني الخميس المقبل الموافق 11 شهر حزيران/يونيو.
وحسب المنظمة فقد بدأت سلسلة الاعتقالات العشوائية بالقبض على أحمد يسري زكي الطالب في كلية الحقوق الفرقة الأولى حيث تم اعتقاله من منزله في تاريخ 3 ايار/مايو ولم تظهر أي معلومات عنه حتى الجمعة، كما تم اعتقال ثلاثة أشقاء هم أنس سلطان وأسامة سلطان وإسلام سلطان في تاريخ 26 ايار/مايو وتم اعتبارهم في عداد المختفين قسرياً حتى تم إصدار إذن نيابة وحضورهم أمام النيابة في تاريخ 30 ايار/مايو وقد وُجِهَت لهم اتهامات بـ»الانضمام لجماعة إرهابية، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والإخلال بالأمن والنظام العام، وتعطيل الإنتاج ومصالح المواطنين، والتحريض ضد الجيش والشرطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي» وقررت النيابة تجديد حبس كل منهم على ذِمة القضية رقم 23658 لسنة 2015 جنح أول مدينة نصر.
وفي تاريخ 31 ايار/مايو قامت قوات الأمن باعتقال أحمد خطاب الطالب في كلية الهندسة الفرقة الثالثة أثناء عودته لمنزله في الساعة 12 مساء وعلم أهله باحتجازه في مقر أمن الدولة في منطقة أبو النمرس وعندما حاول شقيقه أن يدخل له طعاماً ذكر ان أحد الضابط قام بسبه وطرده من مقر أمن الدولة ولم يُعرَض الطالب أحمد خطاب على النيابة حتى الآن. وفي التاريخ نفسه قام بعض الأفراد باعتقال عبد الرحمن أحمد البيلي خريج كلية العلاج الطبيعي في جامعة أكتوبر من منطقة المعادي في تمام الساعة الثامنة والنصف ليلاً وحينما حاول المارة التدخل قام أفراد الأمن بإطلاق النيران في الهواء وإخبارهم إنهم من جهات سيادية، ولم تتوافر معلومات عن مكان تواجده حتى الآن، كما تم أيضاً في التاريخ نفسه اعتقال الناشطة فاطمة السيد محمد الشهيرة بداليا رضوان عضو حركة «6 أبريل» من منزلها في الاسكندرية في الساعة الحادية عشر ليلاً ولم تعرض على النيابة حتى الآن، يُذكَر أن داليا رضوان كانت أجرت عملية جراحية خطيرة خارج البلاد وما زالت في فترة النقاهة، كما تم أيضاً في التاريخ نفسه اعتقال عبد الله المهدي من مقر عمله ولا معلومات عن مكان تواجده حتى الآن.
وفي 1 حزيران/يونيو تم اعتقال الناشط السيناوي صبري الغول ضمن حملة اُعتقل فيها 77 شخصاً، وتوفي صبري الغول الثلاثاء بعد ساعات من اعتقاله، اختفى كل من إسراء الطويل، وصهيب سعد، وعمر محمد من منطقة المعادي ، ولا معلومات تتوافر عن مكان تواجدهم حتى اليوم.
وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان «إن حملة الاعتقال العشوائي و»الاختفاء القسري» بين المواطنين تهدر احترام مواد الدستور، لاسيما المادة 54 التي تلزم جهاز الأمن بابلاغ المحتجز فورا بأسباب احتجازه وحق ابلاغ محاميه أو أسرته وتحويله لجهة التحقيق خلال 24 ساعة، وهذا يدل على عودة ظاهرة زوار الفجر خلال نظام مبارك البائد، وأن الاختفاء القسري يُشكل جريمة ضد الإنسانية، كما أن التزامات مصر الدولية تُلزمها بمنع جريمة مثل جريمة الاختفاء القسري وعدم ترك مرتكبيها يفلتوا من العقاب».
وطالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بالكشف الفوري عن أماكن تواجد المواطنين المختفين قسرياً والإعلان عن مكانهم، أو الإفراج الفوري عنهم وتأمين حريتهم وسلامتهم، وتؤكد على حقهم في العدالة والتعويض وتقديم المسؤولين عن تلك الحالات للمحاكمة تجنباً لترسيخ لسياسة الإفلات من العقاب.
وأكدت تقارير ان ضحايا الاختفاء القسري بلغوا أكثر من 600 في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، اختفى نحو مئة منهم خلال الاسابيع القليلة الماضية.
ومن بين الضحايا أستاذ طب الأسنان محمد الخضري، الذي يعمل أيضا رئيسا للجمعية المصرية لطب الأسنان في مدينة بورسعيد .
كما اختُطف المصور الصحافي إسلام جمعة من منزله في الجيزة منذ 23 أبريل/نيسان ولم تتمكن أسرته من معرفة مكان إخفائه حتى الآن.
وكانت اللجنة المعنية بحالات الإخفاء القسري في الأمم المتحدة أصدرت نداء عاجلا طالبت فيه السلطات المصرية بالكشف عن مصير مئات من حالات الاختفاء القسري في البلاد.
كما طالبت رابطة الاختطاف والإختفاء القسري الدولية الحكومة المصرية بالتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري التي تجرم هذه الممارسة في الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وحسب القانون الدولي فان الإختفاء القسري هو الإختطاف أو أي حرمان من الحرية أياً كان نوعه لأسباب سياسية يتبعه رفض الإعتراف بالحرمان من الحرية أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان تواجده، مما يجعله خارج حماية القانون.
ويعمل مرتكبو أنواع الإختفاء هذه لحساب الدولة أو بعد الحصول على موافقتها. وتمثل حالات الإختفاء هذه التي لم تُحل والتي تفلت من العقاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وينبغي مكافحتها.
منار عبد الفتاح