كأس العالم للسيدات… والآنسات والعوانس والأرامل!

حجم الخط
1

تدور في هذه الأيام حروب كروية طاحنة في كندا بين أبرز الموهوبات في عالم كرة القدم للسيدات، في بطولة عالمية من المفترض أن تكون مساوية لكأس العالم للرجال، والتي تلهب مشاعر وأحاسيس كل محبي كرة القدم حول العالم.
قد لا تبدو النسخة الحالية من مونديال السيدات ملهبة للأحاسيس، مثلما من المفترض أن تكون، ربما هذا ما نشعر به في عالمنا العربي، كون ليس هناك أي منتخب عربي يمثلنا في هذه المسابقة العالمية، لكن هذا عذر لا يكفي، فنحن نشاهد بشغف منافسات «كوبا اميريكا» رغم أن أوقات مبارياته غير ملائمة لنا، وأيضاً نشاهد بطولات لا يلعب فيها عرب، مثل كأس الأمم الاوروبية، لكن بالنسبة لي هذا لا يكفي لاستدراك مدى تهميش هذه البطولة الكبيرة الا عندما شاهدت عدداً من مبارياتها، وربما أدركت السبب، أو بعضاً من الاسباب.
عندما شاهدت مباراة ألمانيا ضد كوت ديفوار، ورأيت كيف سحقت الماكينات سيدات افريقيا 10/0، فوراً عادت بي الذاكرة الى الوراء اكثر من 30 عاماً، وتحديداً الى العام 1982، عندما سحق منتخب المجر نظيره السلفادوري 10/1 في مونديال اسبانيا للرجال، رغم أن فوز سيدات ألمانيا لم يكن الرقم القياسي في حجم الانتصار في نهائيات كأس العالم، لكنهن ابتعدن بفارق هدف واحد عن رقمهن القياسي الذي حققنهن في مونديال 2007، عندما سحقن سيدات الارجنتين 11/0. لكن هذا ليس فقط المؤشر الى أن كرة السيدات بحاجة الى أكثر من 30 عاماً كي تصبح المنافسات فيها أكثر ندية وشراسة بين المنتخبات، بل بدأت المقارنة بين أساليب اللعب وتطبيق الفكر، ووجدت تشابهاً كبيراً بين كرة السيدات اليوم وما كانت عليه كرة الرجال قبل ثلاثة عقود، فالمنتخب الالماني للسيدات تمتع بتنظيم عال وجهد وفير لا يختلف كثيراً عن نهج منتخب الرجل، رغم ان المواهب الفردية قد تتفاوت، في حين كانت السيدات الايفواريات تذكرني بالفترة الاولى للمشاركات الافريقية في مونديال الرجال، من اللعب العشوائي وسوء التنظيم رغم القوة الجسدية المتوافرة عند الايفواريات. وطبعاً هذا يقودنا الى معرفة أن ليس جميع اللاعبات المشاركات في المونديال الحالي هن من المحترفات، او المتفرغات للعبة، وقد نستغرب من وظائف الكثير منهن، ومن حالاتهن الاجتماعية أيضاً.
وفي حين ان كرة السيدات تطورت كثيراً في السنوات العشرين الماضية، مع تأسيس العديد من الأندية الشهيرة في اوروبا فرقاً للسيدات، لكن يظل أبرزها في غرب القارة الاوروبية، وتحديداً بين الدول الاسكندنافية التي يقترب فيها اللاعبات الى وضع نظرائهن المحترفين من الرجال، علماً ان للعبة شعبية هائلة تفوق التصور في الولايات المتحدة، حيث في فترة من الفترات فاقت شعبية كرة السيدات نظيرتها عند الرجال. واليوم هناك العديد من الدول العربية بدأت تهتم بكرة السيدات، وتدعم مشاركاتهن الاقليمية والقارية والعالمية.
لكن للغرابة فان كرة السيدات لم تبدأ مهمشة، فمثلاً في انكلترا كانت مباريات السيدات تجذب نحو 50 ألفاً من الجماهير، وذلك في عقد العشرينات، بل تأسس 150 نادياً كروياً خاصاً بالسيدات في تلك الحقبة، الى أن تدخل الاتحاد الانكليزي للعبة وأصدر بياناً بحرمان ممارسة السيدات اللعبة بذريعة انها «غير ملائمة» لعنصر الاناث، واستمر القانون التعسفي في أرض مهد كرة القدم، الى ما بعد نصف قرن قبل أن تبدأ حركات التحرر النسوية والتي طالت أيضاً حقهن في ممارسة كرة القدم. علماً أن بعض التقارير التاريخية تؤكد حضور 53 ألف مشجع لمشاهدة مباراة بين سيدات «دك كير» و»سانت هيلين» في اليوم التالي لعيد الميلاد، المعروف باسم «بوكسينغ داي»، في ملعب ايفرتون الحالي «غوديسون بارك»، مع حرمان عشرات الآلاف، وأكرر عشرات الآلاف، من دخول أرض الملعب، خوفاً من التزاحم، علماً أن أعلى حضور لايفرتون الرجالي في الدوري الانكليزي خلال الموسم الماضي وصل الى 39 ألف متفرج.
ومع اخترق السيدات مجال التحكيم والتدريب والادارة الكروية في السنوات الاخيرة، فان فكرة ارتفاع شعبية السيدات عند عشاق اللعبة آت لا محالة، وربما تبدأت المقارنات بين ميسي الرجال ومارتا السيدات.

خلدون الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلمى:

    مع أني امرأة, أعترف أن مشاهدة كرة قدم السيدات لا تستهويني و لا أتمتع بها. لا أدري لماذا الصراحة .

إشترك في قائمتنا البريدية